ذات الأسباب التي أدت لحادثة الدالوة في الأحساء العام الفائت وكذا حادثتي القديح والعنود، وذات الأسباب التي أدت أيضاً لحادثة متدربي الطوارئ في أبها، تتكرر اليوم في حادثة سيهات حينما استُهدفت حسينية الحيدرية فيها من مجموعة من الدواعش، مما تسبب في استشهاد خمسة أشخاص وإصابة أربعة رحمهم الله جميعاً ومَنَّ على المصابين بالصحة والشفاء العاجل، ولولا تدارك رجال الأمن للموقع وتطويقه والتعامل معه كما يجب لربما حدثت مصيبة لا يعلم حجمها إلا الله سبحانه وتعالى، أحد شهود العيان أخبرني شخصياً بأن أحد رجال الأمن تقدم إلى منطقة قريبة جداً من الإرهابي أثناء مطاردته له قبل أن يرديه قتيلاً بعدما رفض الاستسلام، في موقف شجاع عرض نفسه من خلاله للموت، ولا شك أن هذه شجاعة تستحق الثناء والإشادة. الأسباب التي أدت لكل الحوادث السابقة ضد المواطنين شيعة وسنة هي في أهمها تتعلق بعقلية داعش الفكرية المنحرفة، الشيعة بالنسبة إليهم كفار ومشركون ينبغي قتلهم، وقوات الأمن السنة الذين استُهدفوا في مسجد قوات الطوارئ في أبها عُبر عنهم بالمرتدين، إذن فجميع المواطنين من شيعة وسنة هم كفار مشركون ينبغي قتلهم وإخراجهم من جزيرة العرب حسب منطق داعش، المشكلة الحقيقية في هذا السياق أنَّ الإعلام لا يتناول فكر داعش بالتحليل كما يجب، فجرائمه في سوريا والعراق والمملكة وفي كل مكان هي جرائم ضد الإنسانية دون فرق بين أحد، فمثلما نفذوا جريمة سبايكر التي أودت بحياة ما يقارب الألف شيعي قتلوا كذلك عشيرة البو نمر إحدى عشائر قبائل الديلم العراقية السنية وغيرها، كما قتلوا الأيزيديين والمسيحيين، ومثلما فجروا مسجد الإمام علي بالقديح فجروا كذلك مسجد قوات الطوارئ في أبها، هذه المواقف تؤكد أنهم يستهدفون الوطن وكافة مواطنيه دون فرق، كما تؤكد على ضرورة محاربة هذه الجماعة فكرياً قبل كل شيء، فالفكر القائم على أنَّ الشيعة روافض ومشركون، وأن رجال الأمن مرتدون، هو فكر ينبغي علاجه بالفكر أيضاً من خلال ترسيخ مفهوم المواطنة كرابط مهم بين الناس وأنَّ جميع المواطنين مسلمون وإن اختلفوا في مذاهبهم وأي ضرب لهذه العناوين هو جريمة ينبغي أن يعاقب عليها القانون بكل حزم. الشهيدة بثينة العباد رحمها الله، طالبة طب في السنة الخامسة، المعنى الحقيقي لطالب طب في المملكة هو أنَّه شخص مجتهد ومثابر وله سجل وافر من الإنجازات، السبب هو أنَّ شروط الالتحاق بكليات الطب معقدة والمنافسة شديدة جداً وتستدعي كثيرا من التفوق، هذه الشابة المتفوقة وبدلاً من أن تكون عنصراً للبناء في مستشفيات المملكة وعلاج المرضى ورسم البسمة على شفاه الناس، يقتلها مجرم إرهابي لا يملك ربما من التحصيل العلمي والثقافي ما يؤهله حتى لفهم الفرق بين الإنسان ككائن عاقل ينبغي أن يستخدم عقله وبين أي حجر مُلقى على الأرض. العزاء لكل ذوي الشهداء ولكل الأهل في القطيفوالأحساء بالخصوص والوطن بأسره، مصابنا عظيم، وفاجعتنا مؤلمة، ولكنها إرادة الله سبحانه وتعالى (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون).