واصل الجيش والشرطة في أفغانستان تمشيط قندوز شمالاً، لإخراج من تبقَّى فيها من مقاتلي «طالبان»، في وقتٍ ساد الهدوء المدينة ولم يعد سكانها يعاينون من إطلاق النار. لكن الحركة المتمردة على حكومة كابول، استولت في وقتٍ متأخر مساء أمس الأول على منطقة واردوج في إقليم بدخشان شمال شرق البلاد. وأقرَّ بذلك المتحدث باسم حاكم الإقليم، ناويد فوروتان، مشيراً إلى قتالٍ عنيف. واستولت «طالبان» على قندوز الإثنين الماضي، لكنها طُرِدت منها الخميس بعد تدخل القوات الحكومية وتقديم الطائرات الأمريكية وجنود حلف شمال الأطلسي مساعدة حاسمة. وذكر سكان المدينة، التي تضم 300 ألف نسمة وتقع على طريق طاجيكستان، أمس، أنهم «لم يعودوا يسمعون أصوات إطلاق نار أو دوي انفجارات». ورغم عودة الهدوء؛ أبلغ أحد السكان، ويُدعى ذبيح الله، عن استمرار إغلاق المتاجر وخلو الشوارع مع المارة، لكنه لم يلحظ أي معارك. بالتزامن؛ واصلت القوات تمشيط الشوارع الصغيرة والبيوت للعثور على المسلحين، بحسب المتحدث الأمني، سيد سروار حسيني. وقال حسيني «انتشر جنودنا في الشوارع، سنجد المسلحين وسنقتلهم». ورغم توقف المعارك؛ لا يزال السكان المحليون يعانون وضعاً إنسانياً صعباً، ما دعا اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى التعبير عن «قلق متزايد على رخاء المدنيين ومن نقص المواد الطبية والطواقم». ومنذ الإثنين الماضي؛ أحصت وزارة الصحة في حكومة كابول 60 قتيلاً في المدينة و400 جريح. في الوقت نفسه؛ تحدث المركز الطبي التابع لمنظمة «أطباء بلا حدود» عن مباشرته 345 مصاباً بينهم 59 طفلاً. ولا تشكل استعادة قندوز انتصاراً لكابول على الأمد الطويل في مواجهة المتمردين، الذين ينشطون في جبهات الشمال. وستبقى سيطرتهم على المدينة لفترةٍ وجيزةٍ، مؤشراً بالغ الخطورة للرئيس أشرف عبد الغني الذي يتولى الحكم منذ عام، وفقاً لمراقبين. إلى ذلك؛ أسفر تحطم طائرة عسكرية أمريكية من طراز (سي-130) في شرق أفغانستان، عن مقتل11 شخصاً بينهم 6 عسكريين أمريكيين من حلف شمال الأطلسي. وتحطمت الطائرة قرابة منتصف ليل الخميس- الجمعة في مطار جلال آباد. وأفاد مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بمقتل 6 عسكريين من مواطنيه، و5 متعاقدين يعملون في شركات متعاونة مع الحلف دون أن يكشف جنسياتهم. وكعادتها؛ تبنَّت «طالبان» الحادث الجوي دون تقديم أدلة، علماً أن لها وجود ملحوظ في المنطقة. وكتب المتحدث باسم الحركة، ذبيح الله مجاهد، على موقع «تويتر»: «أسقطنا طائرة أمريكية ذات 4 محركات في جلال آباد». وقدَّر مجاهد عدد الضحايا ب 15 عسكرياً أجنبياً، إضافةً إلى عددٍ من الجنود الأفغان. لكن الكومندان توني ويكمان، الذي يعمل في بعثة الحلف، عبَّر عن ثقته شبه الكاملة بأن أي هجوم من المتمردين لم يسهم في تحطم الطائرة. و«سي-130 هركوليز» طائرة شحنٍ عسكرية ذات 4 محركات من إنتاج شركة «لوكهيد مارتن»، وتستخدمها قوات شمال الأطلسي لنقل جنود ومعدات ثقيلة. وكان المتعاقدون الذين قُتِلوا يعملون لحساب المهمة الجديدة للحلف، التي تستهدف تقديم النصح للقوات الأفغانية وتأهيلها، بعدما أصبحت وحيدة في مواجهة التمرد منذ انتهاء المهمة القتالية للقوات الأجنبية في ديسمبر الماضي. وانخفض عدد الجنود الأجانب في أفغانستان إلى نحو 13 ألف جندي بينهم 10 آلاف أمريكي. وتقع جلال آباد على محور استراتيجي بين المنطقة الحدودية المحاذية لباكستان، حيث يتمركز عديد من المتمردين وكابول. واستُهدِفَ مطارها المحلي الذي يضم قاعدة عسكرية مهمة بهجماتٍ عدة مرات. وفي ديسمبر 2012؛ شنَّ المتمردون هجوما على المطار كان الثالث في تلك السنة، وشمل تفجيرات انتحارية تلتها معارك استمرت ساعات، ما أدى إلى مقتل 3 حراس ومدنيَّين. ومع ذلك؛ لم يتمكن المهاجمون من اختراق أول جدار دفاعي في القاعدة العسكرية، التي تخضع لإجراءات أمنية مشددة.