هذه القدسيّة هي: أجلّ من أن تلتاث بزور دعوى: «التدويل» وهذه الأخيرة ساقطة الاعتبار بكلّ المقاييس العقلية والنقلية ولا ريب أنّها: «دعوى» لا تستقيم إلا في ذهنيّة موبوءةٍ بما ورثته من صراعٍ: «أيديولوجيّ» مشحونٍ بالعداوة والكُره الذي لا ينتج عنه عادةً إلا دمارٌ في الأرض وخرابٌ في العلاقات؛ إذ من شأنه أن يحيل حالة السلم والأمن إلى حربٍ لا تُعلم لها نهاية، وحينئذ يبسط الخوف فينا أروقته وينصب خيام الذعر في كلّ الطرق المؤدية لأرض الحرمين!! وفي الجملة.. فإنّ ما وراء المطالبة بالتدويل للحرمين شيءٌ سياسيٌّ بامتيازٍ يظلّ كامناً حتى إذ ما كان ثمّة أسباب لفجور في الخصومة تمّت الاستعانة ب: «الديني» بوصفه الوسيلة الناجعة لأن يظهر ما كان كامناً على السطح وذلك لتحقيق مآرب ليس ل: «الديني» فيها أي اعتبار؛ ذلك أنّ عرّابي هذه: «الشنشنة» يجبنون عن التصريح بما يبتغونه خلف هذه المطالبة. ولنا أن نتساءل بمناسبة حماقة هذه المطالبة عن الكيفيّة التي تُدار بها: «المراقد» في كربلاء وفي سوريا؟! ولمن قد آل أمرُ حمايتها؟! ليس من إجابةٍ تُعدّ صواباً ما لم يكن مصدرها: «المنطقة الخضراء» في بغداد! كما أنّه من المتعذّر قراءة الإجابة بطريقةٍ صحيحةٍ لمن كان لا يُجيد الإنجليزية وبطلاقة الواشنطيّين!!. استدرك أحدهم قائلاً «وعمّا قريب ستضاف إليه اللغة الروسية!!». الاشتغال شغباً على مبدأ إثارة: «الفتنة» بارتفاع الأصوات النشاز عبر أيقونات مصطلح: «التداول» ثم السقوط في: «الفتنة» مؤشرٌ يسبق مقدماتِ الإرهاص لاستجلاب: «الأجنبي» بوصفه خطوة أولى إذ يأتي في أولها فتح المجال للضغط الخارجي ثم التدخل تالياً بالطريقة السياسية: «القذرة» إياها التي قد خبرناها بالتفصيل مما هو جارٍ الآن في دول مطبّات: «الربيع العربي» وتداعياته بالاستثمار الفارسيّ له!. لعله ليس بخافٍ على أحد أنّ من معاني التدويل توكيد: «علمانية» الحرمين والمضي ب: «المشاعر المقدسة» قدماً نحو: «الفتكنة» ذلك مما يُوحي به زخرف قول مَن يطربون لمثل هذه الدعاوى على نحوٍ من أمميّةٍ بائسة أثبتت فشلها الذريع في حفظ الأرواح.! وما من أحدٍ يُمكن أن تتوافر فيه شروط: «البابوية» إلا من كان فارسياً خالصاً قد أسلم كلَّ المراقد/ والمزارات؛ حمايةً/ ورعايةً إلى فلولٍ من جند: «الشيطان الأكبر»! على أي حال.. فإنّ التاريخ قد كفانا مؤنة إبطال دعوى: «التدويل» منذ: «جرهم»- أخوال إسماعيل عليه السلام – ومروراً ب: «خزاعة» حتى توكّد الأمر في: «بني هاشم» بنحوٍ حُفظت معه حقوق: «السيادة» لأهلها أو لمن دانوا له من غير أهلها مِمّن كانت الحجاز وما حولها تحت: خلافته/ سلطنته/ مملكته. والجغرافيا هي الأخرى ليست تفهم -وفق معطياتها- مثل هذا العبث بالدرس الجغرافي؛ إذ ترفض بالمطلق مثل هذا التناول الفج/ والسمج لمثل هذه: «الدعاوى الباطلة» حتى إن يكن على جهة الردّ عليها؛ ذلك أنّه تناولٌ لا يستقيم مطلقاً مع مسلَّمات: «الجغرافيا» فضلاً عن الحمولة المثقلة بالإرجاف لمثل هذا التنادي بدعوى: «التدويل» الذي يقوِّض بدهيات الاستقلال الجغرافي لأي دولة. لئن كان هذا رأي: «الجغرافيا» فإنّ الدرس: «القانوني» في أبعاد مفهوم الدولة الحديثة يضحك كثيراً على تفاهة المطالبة ب: «التدويل» ثم يتساءل: في ظلّ تزويق هذه الدعوى – التدويل- هل يبقى للدولة من معاني: «السيادة» شيءٌ وقد انتزع منها: «قلبها» إذ تتساوى فيه مع دولٍ أخرى تبسط سيادتها على أراضيها وهي في منأى عن وصاياتٍ لحقوق رعايا: «مواطنيها» ممن هم على غير مذهبها!. هل يُمكن ل: «إيران/ الفارسية» أن تُجيب؟! بقي ما يُمكن اعتباره: «الأصل في المسألة» وهو المقاربة في التأصيل الشرعي لبطلان هذه الدعوى (التدويل) أسوقه ها هنا على هذا النحو المجمل فقط بالاكتفاء إيراداً لآيتين من القرآن الكريم: * قال تعالى: «أجعلتم سقاية الحاج… الآية». أوشك المفسرون على الاتفاق على أنّ في الآية -والآيتين قبلها- بياناً على كون الحق في عمارة المسجد الحرام بنوعيها -مع الرفادة وملحقاتها- إنما هو للمسلمين دون المشركين، وهو لمن امتنّ الله تعالى عليهم ببسط سلطانهم/ ونفوذهم على سياسة أمر الناس في الحجاز بعامة لا يُنازعهم هذا الحقّ من أحدٍ كائناً من يكن. * قال تعالى: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا.. الآية»، عن ابن عباس قال: «لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة دعا عثمان بن طلحة فلما أتاه قال: أرني المفتاح أي مفتاح الكعبة فلما بسط يده إليه قام العباس فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي اجمعه لي مع السقاية فكف عثمان يده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: هات المفتاح يا عثمان، فقال: هاك أمانة الله، فقام ففتح الكعبة، ثم خرج فطاف بالبيت، ثم نزل عليه جبريل برد المفتاح، فدعا عثمان بن طلحة فأعطاه المفتاح، ثم قال: «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها» حتى فرغ من الآية. وفي الآية وسبب النزول ما هو أظهر من أن نتحدّث عنه تفصيلاً مما يؤكد الخصوصية -الشرعية- لأهل الولاية على مكة من حق إدارة شأنها حماية ورعاية لمكّة وقاصديها. (التأصيل الشرعي لبطلان دعوى التدويل لها بسط في مقالة مقبلة) ولعلّه من نافلة القول التنويه بما يلي: السعوديون بأعمالهم الجبارة في: «الحرمين» قد أفشلوا كلّ مطالبةٍ ب: «تدويل الحرمين» وذلك أنّ غيرنا في سبيل الحديث عن مآثرهم قد يضطرّوننا لقراءة التاريخ، بينما نحن نقول لكلّ أحد: إنه يسعك عبر زيارة واحدة للحرمين -أو في أضعف الإيمان- مشاهدة القنوات السعودية، أن تشهد بعضاً من المآثر الضخمة في فخامة التشييد والإنجاز فيما يحفظ لقاصد الحرمين كل سبل أمنهم وراحتهم وسلامتهم.. وحسبنا – كسعوديين- أنّ شواهدنا تُلتمس على أرض الواقع رعاية وعمارة وخدمة لا مجرد ادعاءٍ أو محض أمانيّ لا يلبث الواقع أن يُكذبها.!! وبقي أن نقول: إنّ مما يُعطي: «السعودية» حصانةً ضد التنادي الشاغب ب: «تدويل الحرمين» كونها قد بسطت نفوذها – سيادة- وبكل اقتدار على الحرمين الشريفين وقد صنعت فيهما ما لا يُمكن للتاريخ أن يُشيد بسواه، هذا أولاً، ثم ثانياً: كونها الدولة التي قامت فوق: «جزيرة العرب» وفي هذا أبعاد شرعيّة تمنحها تمييزاً عن أي دولةٍ أخرى. إضافةً إلى ما لها من عمق استراتيجي ليس لسواها. وفي هذا من التفضيل الكوني القدري ما لا يخفى.. وتتجذّر معاني هذا التفضيل على قدر الاتباع للشرع لا بمناكفته. أقفل المقالة بما كتبه واحدٌ – ممن حجّ- وهو كاتب لا يتفق كثيراً مع السياسة السعودية حيث قال: «والحقيقة أنه مهما كان الخلاف والرأى في سياسة الحكومة السعودية إلا أنني شخصياً وكل المخلصين يشهدون أن الحكومة السعودية تقوم بجهود جبارة والله تعجز عنها أي حكومة في العالم في خدمة الحرمين؛ فملايين المعتمرين والحجاج ينعمون بنعمة الأمن ويعبدون الله بحرية وطمأنينة وتذلل لهم كل الخدمات بما يفوق الوصف وهم لا يدخرون وسعاً في التخطيط والتجديد في كل ما يخدم المعتمرين والحجاج فضلاً عن أنهم يستقبلون من الشيعة – وبقية المذاهب الأخرى- بسعة صدر لا مثيل لها رغم الخلاف العقدي المعروف، أما الإيرانيون الذين يطالبون بهذا المطلب الخطير فهم يمنعون مواطنيهم من أهل السنة من بناء مسجد في طهران ومن السخرية أنهم يطالبون بالإشراف على الحرمين».