«هاك مفتاحك يا عثمان، اليوم يوم بر ووفاء» مقولة خالدة ل «سيناريو» دارت أحداثه قبل 1400عام تقريباً بين الرسول صلى الله عليه وسلم وعثمان بن عفان رضي الله عنه حول تسليم «مفتاح الكعبة» وتقسيم أمور خدمة الحرم المكي. كان حرص الرسول الكريم ظاهراً وباطناً في اهتمامه على أدق تفاصيل أمور الكعبة بتوصية صريحة حول تكليف سماوي ل «بني شيبة» في قيامهم بسدانة الكعبة، مرة بالدعاء لهم في قوله: «خذوها خالدة تالدة». ويبرز الباحث الدكتور زيد الفضيل ل «الحياة» أن آل الشيبي ينتمون إلى قبيلة قريش، من ذرية عبدالدار بن قصي بن كلاب، الذي تولى مهمة السدانة، وهي الحجابة من بعد أبيه، علاوة على اللواء ودار الندوة، فيما تولى أخوه الأصغر عبد مناف مهمة السقاية، الرفادة، والقيادة، وذلك بوصية من أبيهما قصي بن كلاب. وقال «تسلسلت السدانة من بعد وفاة عبدالدار في ذرية ولده عثمان، حيث تولاها من بعده ولده عبدالعزى، ثم تولاها عبدالله المكنى بأبي طلحة بن عبدالعزى بن عثمان بن عبدالدار، وآلت بعده إلى ابنه طلحة، ثم عثمان بن طلحة بن أبي طلحة، وهو الذي عاصر فتح مكة على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام». وأشار إلى أن السير تذكر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين خرج من الكعبة المشرفة في عام الفتح أخذ يتلو قوله تعالى (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) ثم دعا عثمان وسلمه مفتاح الكعبة قائلاً له: «هاك مفتاحك يا عثمان، اليوم يوم وفاء وبر، خذوها يا بني أبي طلحة بأمانة الله سبحانه، واعملوا فيها بالمعروف، خالدة تالدة. واستمرت السدانة بيد عثمان حتى وفاته، ثم انتقلت بسبب عقمه إلى ذرية ابن عمه شيبة بن عثمان بن أبي طلحة عبدالله بن عبدالعزى بن عثمان بن عبدالدار، وهي مستمرة فيهم حتى يومنا هذا، يتولاها أكبرهم سناً. وأبان بأن العلماء اتفقوا على أن ذلك من فضل الله على بني شيبة، إذ حفظ الله نسبهم بحفظ كعبته المشرفة، ورفع الله من مقامهم بين الناس لما خصهم به من شرف خدمة كعبته المشرفة، وكان أن عظمهم الناس من تعظيمهم للكعبة المشرفة، وحظوا بكثير من التقدير والتبجيل من كل الحكام والولاة على مختلف العصور والأزمان، وكيف لا يكون ذلك! وهم حجبة البيت العتيق، وسدنة الكعبة المعظمة بعهد من الله ورسوله إلى يوم الدين. وزاد «كان، لأجل ذلك، أن قرر كثير من العلماء بأنه لا يجوز أن يُشرَك مع آل الشيبي أحد في سدانة الكعبة المشرفة، وولاية كل ما يتعلق بها، وحق التصرف بشأنها، لأنها ولاية مخصوصة لهم من الله ورسوله». يذكر أنه وفي الربع الأخير من القرن الثالث عشر الهجري، أمر السلطان عبدالمجيد العثماني بعمارة دار خاصة بمفتاح الكعبة المشرفة، يوضع فيها مفتاح الكعبة، ويسكنها كل من يتولى رئاسة السدنة من آل الشيبي، وقد تم الانتهاء من بناء الدار التي عرفت باسم «دار المفتاح» في أوقاف آل الشيبي في الصفا سنة 1274ه، وكان أول من سكنها رئيس السدنة الشيخ عبدالله بن محمد الشيبي.