قُتِل جنديان في جنوب شرق تركيا على أيدي متمردين أكراد، في وقتٍ تعرَّض صحفي بارز معروف بانتقاده السلطات إلى هجومٍ في إسطنبول، ما دعا السفارتين الأمريكية والبريطانية في أنقرة إلى انتقاد ما اعتبرتاه ترهيباً للصحافة. وأفادت مصادر أمنية تركية بمقتل جنديين في منطقة ديار بكر «جنوب شرق» على يد أشخاصٍ يُشتبَه في موالاتهم لحزب العمال الكردستاني المتمرد. وكان الجنديان في طريقهما إلى عملهما في بلدة سيفان. ووفقاً للمصادر؛ تحاول قوات الأمن تعقب المهاجمين. وقُتِلَ أكثر من 100 من رجال الأمن منذ انهيار الهدنة بين حكومة أنقرة وحزب العمال الكردستاني في يوليو الماضي على خلفية اتهامات حكومية للحزب بدعم الإرهاب. ونتيجة تجدُّد القتال؛ توقَّفت الجهود الرامية إلى تحقيق السلام واندلع بعضٌ من أسوأ الاشتباكات خلال حركة التمرد الكردية التي بدأت منذ 3 عقود. في غضون ذلك؛ أعلنت صحيفة «حرييت» المعروفة بانتقاداتها لحكومة أحمد داود أوغلو المحافظة جرح أحد صحفييها المعروفين، أحمد حقان، ليل أمس الأول في هجوم نفذه مجهولون أمام منزله في أحد الأحياء الراقية في إسطنبول. وانتقدت السفارتان الأمريكية والبريطانية الهجوم الذي يأتي مع اقتراب الانتخابات التشريعية المبكرة المقررة في مطلع نوفمبر المقبل. وأفادت «حرييت» باستهداف 4 رجال حقان، الذي يقدم أيضاً برنامجاً على شبكة «سي إن إن تورك»، أمام منزله في حي نيشانتاشي الراقي. وكان الصحفي عائداً إلى منزله مع سائقه وحارسٍ شخصي بعد تقديمه برنامجه «منطقة محايدة» من المبنى الذي تتقاسمه «حرييت» و«سي إن إن تورك». وأمسك أحد المهاجمين بالحارس الشخصي، فيما اعتدى الثلاثة الآخرون بالضرب على هدفهم قبل أن يلوذوا بالفرار. ونُقِلَ حقان الذي أصيب بجروح في الأضلاع والأنف إلى أحد المستشفيات، لكنه تمكن من مغادرته صباح أمس. وذكرت صحيفته أن الشرطة أوقفت 4 مشبوهين ولم تعرف دوافعهم بعد. وأثار هذا الهجوم إدانات وقلقاً من تدهور حرية الصحافة في تركيا التي تستعد لانتخابات تشريعية ستكون الثانية خلال 5 أشهر. ونقل رئيس تحرير «حرييت»، سيدات إيرجين، عن حقان قوله إن «مثل هذه الهجمات لن ترهبنا، لا نخاف من شيء وسنواصل الطريق الذي اخترناه». ودان إيرجين ما سمَّاه «الهجوم المنظم والمخطط له»، مشيراً إلى ملاحقة المهاجمين هدفهم بعد مغادرته مكتبه. ونددت السفارة الأمريكية ب «ترهيب صحافيين بالعنف»، وشددت على أنه «لا يمكن إسكات الخطاب الحر». وفي حسابها الرسمي على موقع «تويتر»؛ كتبت السفارة «الذين يحالون ترهيب صحافيين بالعنف يخوضون معركة خاسرة». ووصف السفير البريطاني، ريتشارد مور، الهجوم ب «غير المقبول»، واعتبر أنه «يجب ألا يتعرض أحد للتهديد أو العنف». ودعا زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كيليجدار أوغلو، الحكومة إلى اتخاذ خطوات حذرة ومناسبة بشأن هذه الهجمات التي تستهدف وسائل الإعلام. وحزب الشعب هو أكبر تشكيلات المعارضة في البلاد. بدورهم؛ دان عددٌ من مسؤولي الحكومة استهداف حقان. وتعهد نائب رئيس الوزراء، نعمان كورتولموس، بكشف الظروف التي تحيط بالهجوم بأكبر قدر ممكن. وتنتقد منظمات الدفاع عن حرية الصحافة أنقرة باستمرار وتأخذ على الحكومة الضغوط التي تمارسها على الصحفيين. وتزايدت الهجمات على الصحفيين في تركيا بينما يشن الرئيس، رجب طيب أردوغان، منذ نهاية يوليو حرباً على المتمردين الأكراد. وكان حقان واجه مؤخراً تهديدات من قِبَل كتاب افتتاحيات في صحف حكومية لانتقاده السلطة وطلب حماية الشرطة. وهدده كاتب الافتتاحية في صحيفة «ستار» القريبة من النظام، جيم كوتشوك، ب «سحقه مثل حشرة»، وخاطبه بقوله «أنت على قيد الحياة فقط لأننا كنا رحيمين». وأشار رئيس تحرير صحيفة «الجمهورية» المعارضة، جان دوندار، إلى كوتشوك باعتباره «المشتبه فيه الرئيس بأنه يقف وراء الهجوم». وكان حقان تحدث ضد حزب العدالة والتنمية الحاكم في برنامج وانتقد النائب عنه، عبدالرحيم بوينوكالين، الذي قاد متظاهرين هاجموا مبنى «حرييت» الشهر الماضي. وتعرضت مكاتب الصحيفة في إسطنبول لهجومين من قِبَل متظاهرين قريبين من الحكومة اتهموها بتحوير تصريحات لأردوغان. لكن بوينوكالين نفى أي علاقة له أو لحزبه بهجوم أمس الأول. وكتب على «تويتر»: «لسنا مخادعين لنرسل 4 رجال لضرب صحفي أمام منزله». ومنذ وصوله إلى السلطة في 2003؛ هاجم أردوغان كثيراً مجموعة «دوغان» الإعلامية التي تملك «حرييت» و«سي إن إن تورك».