أدلى سكان كتالونيا بأصواتهم أمس في انتخابات محلية مبكرة تتمحور حول استقلال هذه المنطقة الواقعة شمال شرق إسبانيا، ويمكن أن تؤثر على مستقبل البلاد. وفي كتالونيا التي يبلغ عدد سكانها 7,5 مليون نسمة، فتحت مكاتب الاقتراع في التاسعة صباحاً، حيث يتعين على الناخبين اختيار نوابهم الإقليميين وتقرير إن كانوا يريدون بدء إجراءات الانفصال. ووصفت صحيفة «إل باييس» اليسارية الانتخابات بأنها «تاريخية»، في حين أفادت الاستطلاعات بأن الكتالونيين قد يختارون أغلبية من النواب المؤيدين للاستقلال في البرلمان الإقليمي. ولم يخطئ الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي عندما زار برشلونة في نهاية الحملة لدعم «صديقه» رئيس الحكومة الإسبانية المحافظ ماريانو راخوي، بقوله إن أوروبا تحتاج إلى «إسبانيا موحدة» في «هذه الأوقات الصعبة». وكان كل من الرئيس الأمريكي باراك أوباما والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أعربوا عن دعمهم لمدريد. ولكن سكان كتالونيا منقسمون، فهم قد يختارون الحذر أيضاً، من خلال إعطاء أصواتهم إلى مجموعة من الأحزاب التي تعارض الانفصال مثل الحزب الشعبي الحاكم (يمين) وسيودادانوس (وسط يمين) والاشتراكيين وبوديموس. وقالت الزعيمة المحلية للحزب الشعبي أليسيا سانشيز كاماشو في ختام حملتها «إن مستقبل أولادنا وأحفادنا في خطر»، فيما طلب ماريانو راخوي الذي قام بخمس جولات من التصويت للعودة إلى «الوضع الطبيعي». وأمام جماهير متحمسة، قال أوريول جونكوراس رئيس حركة اليسار الجمهوري التاريخية المطالبة بالاستقلال، «وصل شعبنا إلى أبواب الحرية … وعدت جدي بأننا سنصل إليها في أحد الأيام». وقال المؤرخ كارلوس أندريس جيل «إنها ليست أسكتلندا». وأضاف «إننا لا نتحدث عن منطقة ثانوية للبلاد، إنما عن أهم المناطق الصناعية. ولطالما كانت برشلونة عاصمة أكثر حضوراً على الساحة الدولية من مدريد». وإذا ما استقلت كتالونيا، فستأخذ معها خمس إجمالي الناتج المحلي لإسبانيا، التي تعد الاقتصاد الرابع في منطقة اليورو، وتؤمن ربع صادراتها. ويقيم شعبها صلات وثيقة مع أنحاء البلاد الأخرى. فلثلاثة أرباع الكتالونيين أجداد في مناطق أخرى. لكن النزعة القومية لدى عدد كبير من الكتالونيين الفخورين بثقافتهم قد تحولت إلى المطالبة بالاستقلال من جراء الأزمة والفساد والعلاقات الضعيفة مع السلطة المركزية. وأججت تلك الميول الشخصيات الموجودة ماريانو راخوي وأبرز شخصيات الحركة الرئيس الكتالوني المنتهية ولايته أرتور ماس. فقد حرص الأول على تعديل وضع الحكم الذاتي الذي حصلت عليه كتالونيا خلال ولاية الحكومة الاشتراكية السابقة وسحب لقب «الأمة» منها. وربح القضية في 2011 عندما قررت المحكمة الدستورية أن اللقب لا ينطوي على أي قيمة قانونية. وجعل الثاني منها ذريعة للحرب، عندما شعر عدد كبير من الكتالونيين بالمرارة من جراء التوزيع غير العادل للضرائب على الصعيد الوطني كما يقولون. ومنذ 2012، دأب أرتور ماس على المطالبة بإجراء استفتاء على تقرير المصير، شبيه بالاستفتاءين اللذين أجريا في كيبيك وأسكتلندا، ولم يسفرا عن نتيجة. وبعد استفتاء رمزي في التاسع من نوفمبر 2014 شارك فيه 2,2 مليون شخص، قرر أخيراً تقريب موعد الانتخابات الإقليمة التي كانت مقررة أواخر 2016. وجمع الفريق المطالب بالاستقلال -من اليمين إلى اليسار الجمهوري- في لائحة واحدة «معاً من أجل النعم»، ودعا الناخبين إلى التصويت عليها والموافقة على برنامجه الذي يقضي بقيادة المنطقة إلى «الحرية» في 2017.