ظل اسم مصباح صقر طيلة 23 عاما كاملة مقترنا بلقب الشهيد، يقرأ الأقارب الفاتحة على روحه، ويتذكر الأصدقاء اللحظات التي جمعتهم به، ويبحث الإسرائيليون عن جثته أو تفاصيل استشهاده التي لم يعرفها أحد، لكن قرارا من الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بتعيين صقر أول رئيسٍ لجهاز الأمن الوقائي في عهد السلطة الفلسطينية أعاد «الشهيد» إلى الحياة العسكرية التي شكلت الجانب الأكبر من شخصيته، ليصبح لقبه بعدها «الشهيد الحي».غير أن هذا الظهور المفاجئ بعد سنوات الاختفاء الطويلة أدخل صاحبه في مواجهة مع كل من أزعجته عودته للحياة وتوليه لهذا المنصب الرفيع، بدءا من الشخصيات الفلسطينية التي كانت تخطط للسيطرة على المنصب، وفي مقدمتها الرائد محمد دحلان، ومرورا بإسرائيل التي كان نجاحه في الاختفاء عنها طوال هذه المدة في قطاع غزة صفعة لأجهزتها الأمنية، وانتهاء بعرفات نفسه الذي لم يستطع تحمل وجود شخص لا يطيع أوامره دون نقاش، ومستعد لانتقاده علانية كما كان يفعل اللواء مصباح صقر.«الشرق» تنفرد عبر سلسلة من الحلقات بنشر التجربة الطويلة للواء «مصباح صقر» في الحياة السياسية والأمنية والعسكرية الفلسطينية، بعد أن خصها بلقاء مطول احتاج لأربع جلسات متفرقة امتدت لأكثر من 12 ساعة، وقدم لنا من خلالها عرضا لمؤلفه الجديد «إصلاح الأمن الفلسطيني»، وكشف فيها عن العديد من أسرار تجربته الطويلة في العمل العسكري والأمني قبل وبعد تأسيس السلطة الفلسطينية، والجوانب الخفية في عمل وتنظيم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وعلاقته الساخنة بالرئيس عرفات ومحمد دحلان وغيرهم من قيادات الأجهزة الأمنية ورجال السياسة الفلسطينيين، والتي تكشف لأول مرة في الصحافة العربية.وفي الحلقة الأولى سنعيش مع أسرار اختفاء اللواء مصباح صقر منذ عام 1970، واللحظات الأولى من ظهوره للعلن بعد تسلم السلطة الفلسطينية لقطاع غزة . الجزء الأول