نحمد الله حمد الشاكرين الذي بلّغنا هذا الشهر الكريم، نحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه، وقد شارف على الانتهاء. وأقبل علينا عيد الفطر السعيد جعلنا الله وإياكم من العايدين والفائزين، وجعلنا الله وإياكم من عتقاء شهر رمضان من النار، ومن الذين كتب لهم أجر صيام هذا الشهر وقيامه، لأن من أحيا أوقاته بالذكر والدعاء وقراءة القرآن فقد كسب وأفلح ومن فرط فقد خاب وخسر. سأتحدث عن زكاة الفطر والعيد السعيد. زكاة الفطر عبادة من العبادات وقربة من القربات العظيمات، لارتباطها بالصوم الذي أضافه الله إلى نفسه إضافة تشريف وتعظيم: «إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»، والعبادات توقيفية لا يجوز الزيادة فيها ولا النقصان، بل يجب أن تؤدى كما أداها رسول هذه الأمة صلى الله عليه وسلم وأصحابه الميامين من بعده والسلف الصالح، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «فرض النبي صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للفقراء والمساكين». وهي تجب على كل مسلم ومن يعول من المسلمين. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس للصلاة» يوم العيد، ومن أخرجها بعد صلاة العيد فهي صدقة. وتخرج زكاة الفطر من القوت، سواء كان حبوباً أو غير حبوب، قال ابن القيم رحمه الله: (فإن كان قوتهم من غير الحبوب كاللبن، واللحم، والسمك، أخرجوا فطرتهم من قوتهم كائناً ما كان). أما العيد مناسبة سعيدة للتواصل بين الأصدقاء والمعارف، وصلة الأرحام، والعفو بين الناس والتسامح. اللهم أعده علينا بالخير والبركات، وعلى جميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات في مشارق الأرض ومغاربها، يأتي عيد الفطر بعد صيام شهر رمضان المبارك، ليفرح المسلم ويشكر ربّه على نعمة صيام أيام هذا الشهر الكريم، وقيام لياليه المباركة. والعيد هو يوم الجائزة من الله تعالى لعباده المؤمنين. وفي مثل هذه الأيام أيام العيد المبارك نجمع الماضي والمستقبل معًا في خيالنا، نُقبِّل أيادي آبائنا وأمهاتنا وأجدادنا وجداتنا العظام، والوجوه النيّرة الحلوة المشرقة البهية لأحفادنا، هذا فإن جميع ألوان غبطة الماضي المجيد التليد، وكل الآمال العريضة للمستقبل المشرق الوضّاح تشكل بكل ألوان الطيف إكليلاً فوق رؤوسنا، ونحن نعيش احتفالات هذه الأيام المباركة من عيد الفطر المبارك فرحين مستبشرين، والعيد الحقيقي هو لمن قُبل عمله وصيامه وقيامه في هذا الشهر الفضيل، شهر رمضان المبارك، وفاز بالرحمة والمغفرة والعتق من النار. جعلني الله وإيّاكم من الفائزين بجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. ففي هذا العيد السعيد يجب علينا كمسلمين أن ننبذ الخلافات والاختلافات، وأن نتواصل فيما بيننا، وأن نصفّي قلوبنا من الحقد، ونزكّي نفوسنا كما أمرنا بذلك ديننا الإسلامي الحنيف، ووصانا به نبينا صلى الله عليه وسلم. وبهذه المناسبة العظيمة نهنئ قائد مسيرتنا وباني نهضتنا رجل الحزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدا لعزيز آل سعود بهذا العيد السعيد، ونهنئ ولي عهده وولي ولي العهد والأسرة المالكة والشعب السعودي النبيل، وأسأل الله أن يعيده على الأمة العربية خاصة والإسلامية عامة بالأمن والإيمان والله من وراء القصد.