بالأمس القريب جداً كنا ننتظر أن يهل علينا شهر الخير والبركة والعتق من النار على أحر من الجمر، وقد تسارعت الليالي والأيام وهل شهر رمضان قد بلّغنا الله هذا الشهر الكريم، نحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه، إنه جعلنا الله وإياكم من عتقائه من النار، من صام هذا الشهر وقام لياليه وأحيا أوقاته بالذكر والدعاء وقراءة القرآن وتحري ليلة القدر في العشر الأواخر منه فقد كسب وأفلح ومن فرط فيه واشغل نفسه بالدنيا الفانية أو بالملهيات والمسلسلات فقد خاب خسر. ما أحب أن أنبه إليه وأذكر به في هذا المقال زكاة الفطر وهي عبادة من العبادات وقربة من القربات العظيمات، لارتباطها بالصوم الذي أضافه الله إلى نفسه إضافة تشريف وتعظيم: «إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»، والعبادات توقيفية لا يجوز الزيادة فيها ولا النقصان، بل يجب أن تؤدى كما أداها رسول هذه الأمة وحبيبها صلى الله عليه وسلم وأصحابه الميامين من بعده والسلف الصالح، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «فرض النبي صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للفقراء والمساكين». وهذه الحكمة من إخراج زكاة الفطر وهي تجب على كل مسلم ومن يعول من المسلمين، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس للصلاة». وتخرج زكاة الفطر من القوت، سواء كان حبوباً أو غير حبوب، قال ابن القيم رحمه الله: (فإن كان قوتهم من غير الحبوب كاللبن، واللحم، والسمك، أخرجوا فطرتهم من قوتهم كائناً ما كان) ومصارفها هي مصارف الزكاة نفسها، ويجوز أن تدفع لواحد أو توزع.. أسأل الله العلي العظيم أن يوفقنا وإياكم لما يحبه من القول والعمل..هذا ما أردت توضيحه والله من وراء القصد ....