بعد دخول المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني أسبوعها الثالث، أرخى مزيد من الغموض السبت بظلاله على احتمال التوصل إلى اتفاق بسرعة، مع رفض طهران وضع حدود زمنية للمحادثات، وحديث واشنطن عن استمرار وجود «قضايا صعبة». وغداة تمديد جديد للمحادثات، عقد الطرفان الرئيسان في المفاوضات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف اجتماعاً ثانياً عند الظهر في قصر كوبورغ في فيينا بحضور وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، وذلك بعد لقاء ثنائي صباحاً. إثر ذلك كتب كيري على موقع تويتر أنه لا تزال هناك قضايا «صعبة تتطلب حلاً». وقد تعقد لقاءات أخرى أيضاً، إذ قال مسؤول إيراني رداً على سؤال عن احتمال إرجاء المفاوضات «ليس لدينا أي مهلة زمنية للتوصل إلى اتفاق جيد». ثم التقى كيري نظيريه الفرنسي لوران فابيوس والألماني فرانك فالتر شتاينماير. وعاد وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند بعد الظهر إلى فيينا بعد استراحة ل 24 ساعة، علما بأن الوزيرين الروسي والصيني غادرا العاصمة النمساوية منذ أيام عدة. والهدف من هذه الجهود هو إغلاق ملف يؤثر سلباً في العلاقات الدولية منذ أكثر من 12 عاماً. ويتهم الغربيون إيران بالعمل على برنامج نووي عسكري بغطاء مدني منذ العام 2003، وهو ما تنفيه طهران بشدة. ومساء الجمعة أعطى كيري بارقة أمل متحدثاً عن تسوية بعض «المسائل العالقة» خلال جلسات تمت في أجواء «بنَّاءة جداً» خلال اليوم. ومنذ أيام عدة، تطالب طهران بالتزام فوري برفع كل العقوبات التي تؤثر في اقتصادها، وكذلك تلك التي تشمل تجارة الأسلحة وبرنامجها البالستي، وأعلنت موسكو الجمعة تأييدها للمطالب الإيرانية. لكن الغربيين، ومع إقرارهم بأن لكل بلد برنامجه العسكري التقليدي، يَعُدون أن رفع الحظر عن الأسلحة سيكون صعباً تمريره على الصعيد السياسي بالنظر إلى الظروف الإقليمية وضلوع إيران في نزاعات عدة أبرزها سوريا والعراق. وثمة أيضاً خلاف على وتيرة رفع العقوبات وتفتيش المواقع العسكرية الإيرانية ومدة الاتفاق. والخميس، تصاعدت حدة النبرة مع اتهام كل جانب للآخر بعدم اتخاذ القرارات اللازمة. وبالنسبة إلى المحلل كيلسي دافنبورت، المتخصص في هذا الملف، فإن «الوقت ليس للمزايدة والمواقف المتصلبة. هذه لحظة تاريخية، ويمكن أن تكون هناك عواقب وخيمة إذا فشل المفاوضون في اغتنام الفرصة لإبرام اتفاق جيد». وحذَّر الخبير الذي يعمل في منظمة مراقبة الأسلحة في واشنطن من أن «إرجاء قرار إبرام اتفاق في هذه المرحلة، أو الفشل في حل التفاصيل النهائية وترك طاولة المفاوضات، سيسمح للخصوم المتشددين الرافضين للاتفاق، لاسيما داخل الكونغرس الأمريكي، بالتحرك لمنع وضع الصيغة النهائية لأي اتفاق». وهؤلاء يستعدون فعلاً للمعركة. والجمعة، رحب السيناتور الجمهوري جون كورنين بواقع أن مجلس الشيوخ «أثبت في الماضي أنه لا يقف مكتوف اليدين حين يوقِّع الرئيس اتفاقيات لها عواقب وخيمة على الأمن القومي». وفي حال إبرام اتفاق، سيقدم النص إلى المشرعين الأمريكيين الذين يمكنهم عرقلته ولكن بغالبية الثلثين في الكونغرس.