كَتَب فواز طرابلسي في كتابه «عن أمل لا شفاء منه – يوميات حصار بيروت 1982» أحد أشدّ الجمل إيلاما وواقعية «التمييز العنصري بين الأطفال أعلى مراحل العنصرية. أي أشدّها انحطاطاً». واليوم يتربى أطفالنا ليس على «التمييز العنصري» فقط، بل على الكيل تجاه الآخر. هناك دائما العدو المتربص، في الشارع والمدرسة ومسلسلات الكرتون والأفلام والألعاب الإلكترونية. ولا ننسى دور الميديا المشوّهة، ومواقع التواصل الاجتماعي. نطالب بمجتمع لا يقوم على التمييز والتفرقة، بينما تنشأ طفولة أمام أعيننا و وراء وعينا مليئة بالعنف والضمور، طفولة مشحونة ومفرغة في آن. يعيش الكبار على عتبات التنظير واقتباسات الكتب والأشعار، بينما التعامل السلوكي يتقاطع بشكل كبير ما بين الكلام المكتوب، وأحيانا كثيرة الكلام المنطوق. نصنع عداواتنا ونتهم الآخر بتسببها. بياض الطفولة، هذا المصطلح الأدبي، لم يعد صالحا في هذا الزمن، وفي عالمنا العربي بالتحديد نستطيع أن نخدع أنفسنا بكثير من الأحاديث والعبارات الدينية. نستطيع أكثر أن نعيش تحت مظلّة المثاليات البعيدة كل البعد عن عالمنا البائس. هلام طوباوي يقبع في رؤوس أصحابه لا أكثر ولا أبعد من ذلك. لنصنع عالما لا يكفينا قوانين، ولا يكفينا محاكمات، إن كان بناء البعد الثقافي بعيدا عنّا. نريدُ عالما جيدا للعيش، ربّما بالنسبة لنا، لكن ماذا بالنسبة للمقبلين عليه؟ ماذا عن تطلعاتهم؟ وماذا عن تطلعات الآخرين؟ ماذا نقول للقادمين من الأرحام بعد فوات الأوان؟