فُجعت الكويت وكل دول الخليج والمسلمين والعالم كله بالانفجار الآثم الذي تم تنفيذه في مسجد الإمام الصادق يوم الجمعة الماضي، وأعلنت وزارة الداخلية الكويتية مقتل 25 شخصا على الأقل وإصابة عدد تجاوز ال 200، جراء التفجير الانتحاري الذي تم تنفيذه. وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية -داعش- في بيان متداول أن أحد عناصره، ويدعى أبو سليمان الموحد هو من نفذ التفجير. وتزامن هذا التفجير المجرم مع عمليتين مشابهتين في تونس حيث قُتل 37 شخصاً، وفرنسا، وكل ذلك لإعطاء الانطباع أن العالم كله لم يعد آمناً ولا محصّناً ضد ضربات الإرهاب الغادر. نحن أمام مشروع فتنة، مشروع يهدف إلى إثارة العداوات وتكبير الخصومات وإراقة الدم وعودة روح الثأر والانتقام، وهذا المشروع، بغض النظر عمن يقف وراءه أو وراء داعش، عبارة عن حراك يائس وحاقد، ساءه أن رأى الخليجيين موحدين ومتفقين على أن سلامة الأوطان وأهل الأوطان خط أحمر لا يمكن تجاوزه، فراح يصعّد من عملياته ويكثر منها، ولغبائه السياسي أتت تلك العمليات بنقيض قصده، فكل عملية يقوم بها الإرهابيون تزيد من تكاتف الخليجيين وشعورهم بضرورة التفافهم حول بعضهم وحول قياداتهم، وكل مصلّ يُقتل يزيد من قناعة الخليجيين أن الإرهاب لا دين له، بل ديننا منه بريء، وكل مسجد يُفجّر يزيد الناس بصيرة أن هؤلاء الإرهابيين لا يحترمون مسجداً ولا مصلياً ولا ديناً. كلما حدث شيء من هذا، كلما اتضحت حقيقة الإرهاب والإرهابيين، وكلما ازداد الناس لهم بُغضاً ومقتاً، بُغضاً لعقولهم قبل أن يكون بُغضاً لأفعالهم المُشينة المُخجلة. أي دينِ وأي مذهب هذا الذي يقول بقتل المصلين في المساجد! إنهم يكذبون على أئمة السلف وأئمة الدين حين ينتسبون إليهم، فهذا تاريخ المسلمين مدوّن مسطور في أمهات الكتب، وما كان من خلاف فإنه لا يعدو الخلاف النظري في الكتب، نعم هناك خلاف مذهبي وعقدي لكنه كان دائماً خلافاً تنظيرياً، أما الخلاف الذي يصل لسفك الدم الحرام بهذه الصورة فلن تجد له تحققاً في واقع التاريخ إلا في صورة واحدة فقط لا غير، ألا وهي قصة الخوارج الذين فتكوا بأهل الإسلام في كل مكان، برغم أن واحدهم يسفك الدماء البريئة وهو يقرأ القرآن. يقرأه، لكنه لا يجاوز ترقوته كما أخبر نبينا عليه الصلاة والسلام، يعني بذلك أن أثر القرآن لم يجاوز حلقه عند التلاوة، فلم يفهمه ولم ينعكس على أخلاقه وسلوكه وإيمانه. لم يفهم الخارجي خطاب القرآن عن حرمة الدماء والأنفس، واكتفى بمنهجية الاستدلال الناقص التي تؤمن ببعض الكتاب وتكفر ببعضه، وغرته نفسه فتخيّل أنه هو الفقيه الذي أوتي الفهم والعمل، وتصوّر ذاته وقد أصبح المرجع الشرعي لعموم المسلمين، فراح يقتل هذا ويبقي على حياة هذا، بعد أن صارت روحه تسبح في بحر النرجسية والكِبر. تعازينا لأهلنا في الكويت حكومة وشعباً، وعزاؤنا وعزاؤكم أن كل ضحية تسقط، تزيد من إيمان الخليجيين بأن مصيرهم واحد وأنهم لا بد أن يتحدوا حتى يكسروا يد الإرهاب الغادرة.