يرى علماء الأزهر الشريف أن تنظيم داعش الإرهابي بات خطرا على الإسلام والمسلمين، بل وعلى الإنسانية كلها، ولفت علماء الأزهر إلى أن حدة كراهية للإسلام والمسلمين تصاعدت بشكل كبير في العالم منذ ظهرت تلك التنظيمات على الساحة، مشددين على ضرورة أن يعي الجميع أن «داعش» طائفة منحرفة منهجيا وعقائديا وسلوكيا ولا تمثل الإسلام من قريب أو من بعيد، وأعرب علماء الأزهر عن أسفهم الشديد لوجود من يحاولون تصوير داعش وتصرفات أعضائها على أنها الوجه الحقيقي للإسلام داعيا الجميع الى الانتفاض في شتى أنحاء العالم الإسلامي لمواجهة الارهاب الفكري، مشيرين إلى أن مواجهة الإرهاب والتطرف يتطلب تعاونًا دوليًا وإقليميًا على كافة المستويات، حيث وصف شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب عناصر تنظيم داعش بأنهم مجرمون يصدرون صورة شوهاء عن الإسلام وهم صناعة استعمارية ويعملون لخدمة الكيان الصهيوني، مشيراً إلى أنه من المؤلم أن ترتكب هذه الجرائم غير الإنسانية تحت دعاوى الخلافة واستعادة الدولة الإسلامية وباسم الإسلام الذي هو دين الرحمة، وشدد شيخ الأزهر على أن هذه المناظر المرعبة التي تبث باسم الإسلام هدفها تشويه صورة المسلمين في العالم، وندد شيخ الأزهر بما يحدث من قيام الميلشيات المختلفة، وعلى رأسها حركة داعش بقتل الأبرياء وانتهاك الأعراض وقصف المساجد، واضطهاد وتهجير للمسيحيين وبعض الطوائف الأخرى، وأضاف أن الإسلام يرفض ما تقوم به الميلشيات المسلحة التي تنسب أعمال القتل والتدمير للإسلام والإسلام منها بريء. فيما وصف الدكتور شوقي علام مفتي مصر تنظيم «داعش» ب»النبت الشيطاني»، مؤكداً أن هذه جماعة إرهابية ضالة، وقال: إذا كانت وسائل الإعلام الغربية قد أطلقت على هذا التنظيم أسماء إسلامية أو نعتته بصفات تلصقه بالإسلام، فهي تفعل ذلك متعمدة بقصد تشويه صورة الإسلام، وهذا ما لا ينبغي أن تفعله وسائل الإعلام العربية، فنحن أمام تنظيم إرهابي لا علاقة له بالإسلام، ف»داعش» خالف كافة القيم الإسلامية ومقاصد الشريعة العظمى التي جاء بها الإسلام، فضلاً عن مخالفتها للقيم الإنسانية المشتركة بين البشر جميعاً، وأضاف علام: كنا أول مؤسسة إسلامية تحذر من هذا التنظيم الضال، حيث وجدناها جماعة دموية متطرفة تمثل خطرًا على الإسلام والمسلمين، وتشوه صورته، كما أنها تسفك الدماء، وتعيث في الأرض الفساد، مما يضعف الأوطان ويعطي الفرصة للمتربصين بنا لتدميرنا والتدخل في شئوننا بدعوى الحرب على الإرهاب، مشيرًا إلى أن مواجهة الإرهاب والتطرف يتطلب تعاونًا دوليًا وإقليميًا على كافة المستويات، وطالب مفتي مصر كافة المؤسسات الإسلامية في عالمنا العربي والإسلامي مواجهة هذا التنظيم وكل الجماعات المارقة التي تتلاعب بها وتحركها القوى المعادية للإسلام والمسلمين. وقال: هناك قوى متربصة بالإسلام وأهله وتستهدف تقويض رسالته وتشويه صورته وتخويف الناس منه، وهي تستغل مثل هذه الجماعات المارقة لتحقق لها أهدافها، وأوضح مفتي مصر أن الجهاد في الإسلام له أهداف نبيلة تتمثل في رفع العدوان عن المستضعفين، وليس من أهدافه التشفي والقتل وتخريب ممتلكات العدو ومنشآته أو استغلالها وسرقتها، مؤكدًا أن ما تقوم به التنظيمات الإرهابية لا يندرج تحت معنى الجهاد، بل إن الشريعة الإسلامية تتبرأ من أفعالهم. فى حين أكد وزير الأوقاف المصري الدكتور محمد مختار جمعة أن مقاومة «داعش» ومن على شاكلتهم الذين يخططون للإفساد في الأرض واجب شرعي ووطني، وقال «ما يحدث من داعش وأتباعها وأذنابها ومؤيديها ومن يدورون في فلكها أو يحذون حذوها في القتل والتدمير والإفساد والتخريب وإثارة الفوضى، إنما يخدم - بلا شك- مصالح العدو الصهيوني المستفيد الأكبر من إثارة الفوضى في المنطقة، ثم القوى الاستعمارية الطامعة في نفط منطقتنا العربية، والسيطرة على المواقع الحيوية فيها»، وشدد على أن هؤلاء إن لم يكونوا عملاء لاهتز العالم كله لإجرامهم في القتل والتخريب والتدمير وختان البنات الصغيرات بهمجية ووحشية لم يعهدها التاريخ من قبل، ومقاومة هؤلاء المجرمين أعداء الإنسانية واجب شرعي ووطني وعربي وقومي، والآن نقول: إنه واجب إنساني إن كان فيما يسمى بالعالم الحر بقية من الإنسانية، رافضاً إطلاق مسميات إسلامية على هذا التنظيم، واتهم قائد التنظيم أبو بكر البغدادي بالعمالة لمصلحة «إسرائيل» لتخريب العالم العربي وإهدار جهوده في الاستقرار والتنمية، وإضاعة ثرواته في حروب لا يقرها شرع ولا عرف ولا قانون دولي عادل. وتابع: «كنت أول المدركين لبشاعة المؤامرة التي ينفذها هذا التنظيم الإرهابي وقلت كلاما واضحا عن العلاقة بين «داعش» وجماعة الإخوان الإرهابية، فالعلاقة بينهما مشتركة وخيوط التنظيمين متشابكة، وهما يقومان بالحرب بالوكالة، وما قلته وكتبته عن تنظيم «داعش» وعن علاقة «داعش» بالصهيونية والموساد أكدته وسائل إعلام أمريكية وعربية، فقائد التنظيم ما هو إلا عميل للموساد، وهناك معلومات متداولة بأنه ولد لأبوين يهوديين واسمه إليوت شيمون. فيما أكد الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الأمين العام لهيئة كبار العلماء رفض الأزهر وإدانته لجرائم «داعش»، وقال: لقد أعلن الأزهر وشيخه عن الاستنكار والإدانة لما يقوم به هؤلاء القتلة والمجرمون باسم الإسلام، والإسلام وهو دين سلام ورحمة بالبشرية كلها منهم بريء، فالمسلم رحيم عفو كريم مع كل المخالفين له في العقيدة، ولا يمكن أن يمارس مسلم عنفاً أو إرهاباً ضد أحد بسبب عقيدته، وأضاف: لقد أعلنا في الأزهر مراراً رفضنا وإدانتنا للجرائم التي ارتكبها تنظيم «داعش» من قتل للأبرياء وتهجير قسري للمسيحيين ومن قتل واضطهاد للطائفة الأيزيدية، حيث يجهل هؤلاء الحمقى مساحة الحرية الدينية التي كفلها الإسلام لكل المخالفين في العمل لدرجة إتاحة الحرية لمن يمارسون كفرا بواحا ما داموا لا يتعرضون لعقيدتنا ولا يرتكبون جرائم ضدنا، تطبيقاً لقول الحق سبحانه: «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» ، فالكفر يتحمل وزره صاحبه وهو الذي سيحاسب عليه أمام الله عزَّ وجل، ويؤكد شومان خروج «داعش» على ما قررته الشريعة من حماية لأرواح الناس وعقائدهم وممتلكاتهم، فليس من حق أحد أن يعاقب الناس على أمور عقائدية، ولا أن يحاكمهم وفق هواه، والقتل الذي استباحه أعضاء هذا التنظيم. كما وصف الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر، أعضاء تنظيم «داعش» بأنهم «خوارج العصر» لتوافر صفات ومعتقدات هؤلاء الخوارج التي حددها النبي -صلى الله عليه وسلم- وأهمها تنطعهم في الدين، حيث يظهرون من الزهد والخشوع ما لم يأذن به الله، حتى إنهم يحلقون شعر الرأس تعبداً في غير النسك، كما أن صفاتهم أن قياداتهم شابة غير راشدة حيث قال فيهم الرسول- صلى الله عليه وسلم- «سيخرج قوم في آخر الزمان أحداث الأسنان سفهاء الأحلام»، وأشار العضو البارز في هيئة كبار العلماء بالأزهر إلى أن من صفات عناصر «داعش» الجهل بالعلم الشرعي، فلم يتلقوا العلم عن العلماء العاملين إنما يعتمدون على فهمهم الخاطئ للنصوص دون الرجوع إلى الثقات من أهل العلم، ولهذا ضلوا وأضلوا، وأمثال هؤلاء قال عنهم الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «يخرج ناس من قبل المشرق، يقرأون القرآن لا يجاوز تَراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم إلى فوقه، قيل: ما سيماهم؟ قال: سيماهم التحليق، أو قال: التسبيد»، أى أنهم يقرءون القرآن ويستدلون به من غير فهم، فحفظهم للقرآن مجرد حفظ الألفاظ من غير فقه فيه ومعرفة متشابهه، وأشار هاشم إلى أن هؤلاء الخوارج الجدد يخدعون الناس بكثرة عبادتهم ومن صفاتهم أن عندهم كثرة عبادة ومن يلاحظ سلوكيات «داعش» سيجد أنهم يغترون بعبادتهم ومظهرهم بها، حتى أنهم يعترضون على العلماء العاملين المخلصين، ويكفرون غيرهم سواء من الشعوب والحكام حيث يزعمون أنهم وحدهم على الحق، ولذلك ليس بمستغرب أن يتسابق علماء الأمة لتقديم النصائح لهم، ولا يستمعون إلى أحد. في حين أوضح الدكتور محمد رأفت عثمان، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، مزاعم خليفة «داعش» وأعضاء التنظيم الذين يزعمون سعيهم إلى إعادة «الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة» ويقول: أي خلافة وأي شريعة هذه التي تبيح هذا الكم من الدموية والهمجية التتارية التي تبيح القتل لكل مخالف لهم في العقيدة والفكر والمذهب؟ بالإضافة إلى أن ما يقومون به من أعمال القتل والتشريد والتخريب مدعياً أن الخلافة الإسلامية ستعود من جديد على أيديهم انطلاقا مما يقومون به من أعمال وحشية في العراق وسوريا فهذا كذب وافتراء على الله ورسوله ، ويؤكد عثمان أن هذا التنظيم الإرهابي «صناعة غربية» لضرب الإسلام وتشويه صورة المسلمين في العالم، قائلاً: لقد أثارت ممارساته العدوانية تساؤلات كثيرة، حيث يراه البعض فرعا لتنظيم القاعدة، حتى أن اختلف معها، في حين يراه آخرون انه تنظيم مستقل يهدف لإقامة دولة خلافة إسلامية من جديد مستندا إلى بعض المفاهيم الدينية الخاطئة، وفريق ثالث يرى «داعش» صنيعة النظام السوري للفتك بمعارضيه، ويرى فريق رابع انه صنيعة مخابراتية أمريكية وغربية لتطبيق مخطط الفوضى الخلاقة التي تستهدف «تفتيت المفتت وتقسيم المقسم» بتحويل دول المنطقة إلى «دويلات» متصارعة تطبيقاً للمبدأ الاستعماري «فرق تسد» مؤكداً أن «داعش» وغيره من الجماعات المنحرفة عن الدين، هم كما وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم «كلاب النار»، حيث قال: «شر قتلى قتلوا تحت أديم السماء، وخير قتلى من قتلوا كلاب النار، قد كان هؤلاء مسلمين فصاروا كفارا». فيما يرى الدكتور محمد الشحات الجندي، أستاذ الشريعة الإسلامية، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مصر، أن تنظيم «داعش» الإرهابي يمثل انتكاسة جديدة للأمة الإسلامية ، ويوضح أن هذا التنظيم مخالف تماماً لصحيح الدين الإسلامي الذي وصف ترويع الآمنين وقتل الأبرياء وتخريب العمران بأنه إفساد في الأرض، وأن الله لا يحب المفسدين ولا يصلح عملهم بل انهم ممن يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً، ولهذا يجب إقامة حد الحرابة عليهم لقوله تعالى: «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم».