في منتصف شارع الستين في الرياض تتمدد حديقة صغيرة جميلة، تُعد شاهداً على فشل تورط أو توريط الحكومة في إنشاء المساكن العامة. فقد كانت توجد في موقع الحديقة عدة عمائر تحوي عشرات الشقق السكنية، بنَتها إحدى الجهات الحكومية قبل أربعين سنة ومنحتها للمواطنين؛ إسهاماً في حل أزمة السكن، ولكن حالة هذه العمائر تدهورت شيئاً فشيئاً حتى أصبحت غير صالحة للاستهلاك الآدمي، ثم هُدمت وحُول موقعها إلى حديقة. ثمة تجربة أُخرى أقل فشلاً في الإسكان العام، فقبل ثلاثين سنة بنت وزارة الإسكان آلاف الشقق والفلل السكنية في الرياضوجدة والدمام فيما كان يُعرف بالإسكان العاجل، بهدف حل أزمة السكن الخانقة في ذلك الوقت. أنجزت الشركات الكورية بناء المساكن خلال ثلاث سنوات، واحتاج البيروقراطيون إلى 15 عاماً لتوزيعها؛ مما جرد المشروع من هدفه. وإلى جانب هاتين التجربتين الفاشلتين لدينا تجربة رائعة هي الصندوق العقاري، الذي أسهم في بناء المدن والقرى، وقيادة عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية قبل أن تجف موارده المالية. والآن يبدو أننا نسير نحو تكرار أكثر التجارب فشلاً، عبر بناء الحكومة عدداً هائلاً من الوحدات السكنية؛ سيستمتع البيروقراطيون بإنشائها، وستبدو المساكن زاهية في البداية، ثم تخبو وتنتهي إلى مصير الإسكان العاجل في أحسن الأحوال، وإلى مصير إسكان شارع الستين في أسوئها. بل إن نُذُر ذلك ظهرت للعيان في بعض المدن جرّاء وصفها بمساكن الفقراء. لا تُغفلوا أهمية حرية الاختيار. فقط وجهوا تلك المبالغ الهائلة إلى الصندوق العقاري، وارفعوا القرض إلى مليون، ودعوا المواطن يستمتع ببناء منزل العمر، ولا تستشيروا البيروقراطيين.