مع اقتراب الانتخابات التشريعية في تركيا؛ يعبر رئيس الوزراء عن قناعته بأن حزب العدالة والتنمية سيحقق فوزاً كبيراً رغم الانتقادات والصعوبات، مؤكِّداً أن «الفشل غير مطروح»، ومُشهِراً استقالته من رئاسة حزبه إذا حلَّ في غير المركز الأول. وقال أحمد داود أوغلو، في مقابلة صحفية أُجرِيَت معه في قيصري (وسط) بين محطتين من حملة انتخابية ماراثونية، إن «فرضية الهزيمة أمر غير مطروح». وبدا واثقاً في «عدم قدرة أي حزب آخر على منافستنا على المرتبة الأولى»، مضيفاً «الواقع أنه ليس لدينا منافس حقيقي». وبعدما حُكمِ البلاد 13 عاماً؛ يُعتبَر هذا الحزب المحافظ الأوفر حظاً للفوز في انتخابات 7 يونيو الجاري بفارق كبير عن خصومه. غير أنه يتقدم في موقعٍ أضعف من قبل أمام الناخبين نتيجة تراجع الاقتصاد والانتقادات المتواصلة، التي تأخذ عليه نزعته إلى التسلط، فضلاً عن تراجع صورته بسبب استمراره في السلطة. ويقلل رئيس الوزراء من هذه الصعوبات بقوله «ليس لدينا أي قلق، مستمرون في طريقنا إلى النجاح مهما حدث». وتولى أوغلو (56 عاماً) رئاسة الحكومة والحزب الحاكم قبل أقلِّ من عام، حين عيَّنه الرجل القوي دون منازع في البلاد، رجب طيب أردوغان، خلفاً له. وأثارت ترقية وزير الخارجية السابق، الذي يعتبر من المقربين للرئيس استياءً داخل الحزب، إذ تساءل البعض كيف يعتزم هذا الأستاذ الجامعي الحلول في موقع سياسيّ ذي شعبية واسعة. لكنه انطلق بتصميمٍ قوي في حملة الانتخابات التشريعية مُستخدماً كل الوسائل، التي لجأ إليها سلفه، وهو يجول البلاد منذ أسابيع ويعقد تجمعات ومهرجانات متتالية مستعيناً بقدرات الحزب التنظيمية الممتازة ووسائله غير المحدودة. ويخاطب أوغلو يومياً عشرات آلاف الأنصار مردِّداً بلا توقف شعار «هم يتكلمون، ونحن نفعل»، وهو يقول «في الفترة الماضية (حين كنت وزيراً) كنت أخاطب خمسين أو مائة شخص أمام الأممالمتحدة.. لكن هنا أمام مئات آلاف الاشخاص، يجب أن يصل الصوت إلى الجميع». ولم تقنع هذه الجهود الرئيس على ما يبدو، فتولَّى بنفسه قيادة حملة «العدالة والتنمية» منذ بضعة أسابيع، مضاعِفاً إطلالاته العلنية بالرغم من انتقادات الذين يذكرونه بواجب الحياد المفروض عليه. وفي كل خطاب يلقيه؛ يحضّ أردوغان الناخبين على منح حزبه الانتصار الساحق، الذي يحتاج إليه لإجراء إصلاح للقانون الأساسي ينقل القسم الأكبر من صلاحيات السلطة التنفيذية إلى الرئيس. ورأى البعض من داخل الحزب في خوض أردوغان حملة الانتخابات دليلاً على إنكاره دور أوغلو، فيما يؤكد الأخير المضطر إلى الدفاع عن إصلاح سيحرمه من صلاحياته الأساسية أنه لم يشعر بأي استياء. ورأى أن «رئيسنا يلتقي الشعب كما يشاء ويعبر عن رأيه، ولا يثير ذلك بلبلة في حملتنا». كما لا يرى ناخبو الحزب الحاكم في الأمر أي مسألة سجالية، بل يبدون ارتياحهم لرؤية بطلهم ينزل إلى ساحة المعركة. وقال أحدهم، ويُدعَى غولساه بيكول (19 عاماً)، إن «رئيس وزرائنا أصيل ولديه أفكاره الخاصة، لكن الرئيس زعيم فريد». وبالرغم من جهود الرجلين؛ فإن استطلاعات الرأي التي نُشِرَت نتائجها في الشوط الأخير من الحملة الانتخابية توحي بأن حزبهما لن يتمكن من الحصول على المقاعد التي يحتاج إليها من إجل إقرار نظام رئاسي (330 مقعداً على الأقل من أصل 550 في البرلمان). ومن المتوقع بحسب استطلاعات عديدة للرأي؛ أن يتخطى حزب الشعب الديموقراطي (الحزب الكردي الرئيس) عتبة 10% من الأصوات على المستوى الوطني، وأن يحصل على عشرات المقاعد ويحرم بالتالي الحزب الحاكم من الغالبية الضرورية لمشاريعه. ويرفض رئيس الوزراء الخوض في مثل هذه الفرضية، ويقول «هدفي هو الفوز، لطالما قلت إنه إذا لم ننته في المرتبة الأولى، فسوف أستقيل، وليس هناك أي رئيس حزب آخر تجرّأ على قطع مثل هذا التعهد».