أعلنت المقاومة الشعبية في مدينة الضالع (جنوب اليمن) عن تقدُّمها ميدانياً وسيطرتها على مواقع عسكرية كانت في قبضة الحوثيين الذين واصلوا قصفهم العشوائي في مدينة تعز (غرب)، في وقتٍ اجتمع الرئيس عبدربه منصور هادي المقيم في الرياض بقوى سياسية وقبلية يمنية بعد يومٍ من إعلان الأممالمتحدة عن إلغاء حوارٍ في جنيف كان يُفترَض أن يجمع ممثلين عن معسكر هادي بالمتمردين. وسيطر المقاومون في الضالع أمس على مبنى الأمن العام في المدينة، كما سيطروا على موقعي المظلوم والقشاع وموقع الخزان الرئيس التابع لمعسكر الجرباء «بعد معارك شرسة مع قوات حلف (الحوثي – صالح»، بحسب مصادر محلية. وأكد القيادي في المقاومة، عيدروس الزبيدي، السيطرة على موقع الخزان بالكامل «وهو سلسلة جبلية ممتدة من الضالع إلى زبيد وفيها 4 مواقع عسكرية متوزعة على امتداد السلسلة». وأبلغ الزبيدي موقع «عدن الغد» أن المقاومين غنِموا دبابتين ومدافع هاون ودوشكا، وتعهد باستمرار القتال حتى تحرير المدينة بالكامل، مشيراً إلى «تقديم قوات تحالف إعادة الأمل الإسناد لنا». وذكر مصدر آخر أن المقاومين سيطروا على 6 دبابات داخل معسكر الجرباء وخاضوا قتالاً بالتزامن في محيط معسكر عبود القريب التابع للواء 33 مدرع وموقع الخربة قبل أن يسيطروا على مقر اللواء. وقال مصدر طبي إن «المعارك في المدينة أسفرت عن مقتل 8 من المتمردين وعنصرين من الطرف الآخر». لكن موقع «المصدر أونلاين» اليمني رفع عدد قتلى المتمردين إلى 48. وفي سياقٍ مشابه؛ أفاد مصدر في مدينة تعز (جنوبي غرب) بمقتل 30 عنصراً في صفوف الحوثيين و5 من المناهضين لهم بعد مواجهات عنيفة رافقها مقتل 29 مدنياً وإصابة 97 آخرين جراء انفجار شاحنة وقود في المدينة. وتركَّز القتال بين الحوثيين والمقاومة التعزية في شارعي الستين والخمسين وفي حوض الأشراف في وسط المدينة وفي أطرافها الشمالية والغربية، بحسب مسؤول محلي. وذكر المسؤول أن «5 مسلحين من المقاومة قُتِلُوا وأصيب 6 آخرون»، متهماً المتمردين باستهداف أحياء سكنية بقصفٍ قذائف الهاون منذ صباح يوم أمس. وأفاد بسام القاضي، أحد سكان شارع المغتربين، بأن «الدمار كان هائلاً في المواقع والمباني التي تعرَّضت لسقوط القذائف عليها»، مؤكداً سقوط قتلى وجرحى. واعتبر القاضي أن «ما يحدث في تعز هو مجزرة بحق أبنائها الذين كانوا نواة لانتفاضة 2011 التي أطاحت بحكم علي عبدالله صالح، وهو اليوم ينتقم منها بمعاونة الانقلاب». وبالتزامن؛ قُتِلَ 29 من سكان المدينة حرقاً وأصيب أكثر من 97 آخرون بحروق بالغة جراء انفجار شاحنة وقود في حي المسبح. وأورد موقع «المشهد اليمني» أن جثث القتلى تفحمت بالكامل، وأرجع ارتفاع عدد الضحايا إلى انفجار الشاحنة في منطقة مكتظة بالسكان، متحدثاً عن «100 جريح على الأقل بعضهم يعانون جروحاً خطيرة». وعلى الإثر؛ استنفرت المستشفيات لاستقبال الجرحى، فيما اتهم السكان الميليشيات بقصف الشاحنة بعد رفضها التوقُّف لتفريغ حمولتها، وهو ما نفته جماعة الحوثي التي قال مصدر فيها إن الشاحنة تعرَّضت لنيران مجهولة أثناء الاشتباكات. وعاين سكان في حي المسبح أعمدة من اللهب تصاعدت في موقع الانفجار، بينما تجمَّع مدنيون لمحاولة نقل الإصابات. ولاحقاً؛ أفيد بسيطرة المقاومين التعزيين على حي المناخ بالكامل موقع جبل الزنوج. وفي الغرب أيضاً؛ قُتِل متمردٌ وأصيب 6 من زملائه في هجوم شنَّه مسلحون في وقتٍ مبكر أمس على قلعة الكورنيش الواقعة في مدينة الحديدة. وانسحب المهاجمون بعد استهداف تجمعٍ لمسلحين في محيط القلعة، أما الحوثيون فردّوا بإطلاق النار على مواقع في أحياء الشام والهنود والحوك. كما قطعوا، وفقاً لشهود عيان، الشوارع المؤدية إلى تلك الأحياء ومنعوا السكان من الوصول إليها. ومنذ دخولهم إلى الحديدة؛ يسيطر المتمردون على قلعة الكورنيش ذات الموقع الاستراتيجي. وفي محافظة أبين (جنوب)؛ قُتِلَ 7 من عناصر الميليشيات المتمردة على الأقل في كمين مسلَّح نصبته المقاومة أمس غرب مدينة لودر. واستهدف الكمين الذي نُصِبَ في منطقة شروان مركبات عسكرية كانت تمرُّ عليها، ما أسفر عن مقتل 7 مسلحين وإصابة آخرين. وليس هذا الكمين الأول الذي يشهده محيط لودر؛ إذ اعتاد مناهضو الانقلاب على تنفيذ كمائن مماثلة منذ أواخر مارس الماضي. في الوقت نفسه؛ تجدَّدت المعارك في منطقة الممدارة في عدن (جنوب) بين القوات الموالية للانقلاب ومسلحين مناهضين لهم. وبدأت المواجهات فجراً، وفقاً لسكان في المنطقة. لكن لم ترد أنباء عن سقوط ضحايا، في حين تحدث سكان في منطقة صلاح الدين (غرب المدينة) عن سقوط قذائف على منازلهم، مجمعين على أنها أُطلِقَت من موقع تسيطر عليه الميليشيات. ونقل موقع «عدن الغد» عن أحد مراسليه الميدانيين أن القذائف أُطلِقَت من مديرية البريقة القريبة ومنطقة رأس عمران، محصِياً سقوط 3 صواريخ كاتيوشا في «صلاح الدين». شمالاً؛ تواصلت الاشتباكات المسلحة في موقع الأجاشر التابع لمحافظة الجوف والمحاذي لمحافظة صعدة. وأوردت وكالة الأنباء الروسية «سبوتنيك» أمس أن «الاشتباكات تواصلت بين مسلحي قبائل الجوف ومسلحي جماعة الحوثي في منطقة الأجاشر على الحدود مع صعدة (معقل الحوثيين)». وأوضحت «سبوتنيك» أن اللجان الشعبية الرافضة للانقلاب تسعى للسيطرة على المنطقة لفتح الطريق إلى موقع البقع الذي يقع جزء منه في صعدة. وفي تطورٍ موازٍ؛ نظمت المنطقة العسكرية الثالثة الموالية للشرعية عرضاً عسكرياً في مدينة مأرب (وسط) إحياءً للذكرى ال 25 لوحدة شطري اليمن. وأقرَّ قائد المنطقة، اللواء ركن عبد الرب الشدادي، بأن القوات المسلحة في البلاد تعرضت إلى نكسة كبرى، في إشارةٍ إلى تورط عسكريين في دعم الانقلاب. واتهم الشدادي، في كلمةٍ ألقاها خلال العرض العسكري، الانقلابيين ب «استخدام السلاح لتحويل الوطن من الدولة إلى اللادولة ومن الشرعية إلى اللاشرعية مستفيدين في ذلك من المال العام وسلاح الجيش لتدمير المؤسسات والبنية التحتية وإقلاق السكينة العامة». ولاحظ أن «الوحدة تتعرض إلى خطر عظيم بسبب قتل وتشريد المدنيين في مدن الجنوب»، مستنكراً «ما يحصل من تدمير لكل جميل من قِبَل عصابات القتال ومصَّاصي الدماء». لكنه اعتبر أن «بعض الشرفاء من أبناء الشعب حاولوا لملمة الجراح وإعادة ترميم اللّحمة التي شابها بعض الجراح بسبب تصرفات غير مسؤولة». وخاطب الجنود قائلاً «أقسمتم على أنفسكم أنكم ستكونون حماةً للشعب والوطن وليس لحزب أو قبيلة أو فئة أو جماعة أو شخص، وبالتالي فإنكم اليوم وبعد النكسة الكبرى التي مُنينَا بها أمام امتحان صعب في تحمل المسؤولية وتحديد موقفكم مما يقوم به المتمردون». وفي العرض ذاته؛ شدَّد محافظ مأرب الموالي للشرعية، سلطان العرادة، على أن «البلاد تمرُّ في ذكرى الوحدة بمنعطف تاريخي عصيب ووضع سياسي وأمني استثنائي»، ملقياً بالمسؤولية على ما سمّاها «قوى الشر والظلام»، مذكَّراً بأنها «أدخلتنا في سلسلة من الأزمات بدأت بالانقلاب على مخرجات الحوار الوطني واختطاف مسودة الدستور والاعتداء على المعسكرات وصولاً إلى وضع مؤسسة الرئاسة والحكومة رهن الإقامة الجبرية». وتدعم المنطقة العسكرية الثالثة المقاوَمة في مأرب التي يحتدم القتال في منطقة مجزر الواقعة شمالها. وأفيد ظهر أمس بأن 4 متمردين قُتِلوا في مجزر خلال مواجهات مع مسلحين قبليين استخدموا قذائف الهاون. ومنذ أسابيع؛ تشهد جبهة القتال في المنطقة تبادلاً للقصف المدفعي واستخداماً لقذائف الهاون والأسلحة الثقيلة من الطرفين. ووقعت اشتباكات مماثلة ليل الأحد – الإثنين في منطقتي المخدرة والطلعة الحمراء التابعتين لمنطقة صرواح (غرب مأرب). سياسياً؛ حمَّل مستشار الرئيس اليمني، سلطان العطواني، المتمردين المسؤولية عن تأجيل الحوار بين اليمنيين في جنيف «نظراً لعدم التزامهم إلى الآن بتطبيق قرارات مجلس الأمن خصوصاً القرار 2216» الملزِم بانسحابهم من المدن وإلقائهم الأسلحة. وأبلغ العطواني وكالة الأنباء «رويترز» أن «ما يحدث على الأرض من هجمات على عدن وتعز والضالع وشبوة يجعل من الصعب الذهاب إلى سويسرا». وكان مسؤول أممي صرَّح مساء أمس الأول بأن الحوار الذي دعت إليه منظمته تأجَّل، دون تحديد موعدٍ لانعقاده علماً أنه كان سيبدأ في ال 28 من مايو الجاري. وقال المسؤول «أستطيع التأكيد أنه تم إرجاء الاجتماع»، ولم يذكر مزيداً من التفاصيل. وكان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، دعا الأربعاء الماضي إلى لقاء بين جميع أطراف الأزمة في جنيف، آملاً أن يساعد في «إحياء العملية السياسية، والحد من أعمال العنف، وتخفيف العبء الانساني الذي بات لا يُحتمَل». وتؤكد مصادر أن السبب الرئيس للتأجيل هو رفض الحكومة الشرعية المشاركة إلا بعد تطبيق بنود القرار 2216 على الأرض. وعلَّق الباحث السياسي اليمني، علي البكالي، بقوله «الهدف من المؤتمر كان على الأرجح طرح صيغة تقسيم جيوطائفي للدولة والسلطة تكون أقرب إلى النموذج اللبناني». واستبعد أن تسفر مثل هذه الاجتماعات التي ترعاها الأممالمتحدة عن نتائج إيجابية، متسائلاً «ماذا فعل مؤتمر جنيف لسوريا، لم نسمع عن أي حل للأزمة هناك والحرب مستمرة منذ سنوات». ورداً على دعوةٍ وصلته من بان كي مون للحضور إلى سويسرا؛ اعتذر القيادي في الحراك الجنوبي اليمني، عبدالرحمن الجفري، عن عدم المشاركة، منتقداً «ضيق الوقت وعدم إبلاغه بالمرجعية أو بأطراف الحضور أو حتى بجدول الأعمال». وانتقد الجفري، في خطاب بعثه إلى الأمين العام، ما سمَّاها «المساواة بين المعتدي والمعتدَى عليه، بل يأتي المعتدي دون أن ينفِّذ قرارات مجلس الأمن الملزِمة تحت الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، ولا حتى يعلن استعداده لتنفيذها». وحثَّ على إرسال لجنة تقصي حقائق أممية إلى مدن الجنوب في بلده «بالذات عدن والحوطة والوهط والضالع وزنجبار وعتق»، على أن تُكلَّف ب «الوقوف على حجم الدمار والمأساة التي حلَّت بهذه المناطق». في غضون ذلك؛ كثَّف الرئيس هادي لقاءاته بالسياسيين والشخصيات القبلية، حيث التقى أمس في الرياض قيادات من الحزب الناصري اليمني وممثلي حلف قبائل حضرموت (شرق). ونبَّه هادي خلال لقائه قيادات «الناصري» إلى عدم جواز التنازل عن ما سمّاها «مكتسبات الشعب ومنجزاته وشرعيته ووحدته». وجدد اتهامه للمنقلبين عليه ب «قتل وترويع الأبرياء من النساء والأطفال، وتدمير المنازل، والاستيلاء على المؤسسات الحكومية ونهب الأسلحة». وإذ اعتبر أن بلده في غِنَى عن حربٍ طائفية تحاول جماعة الحوثي إشعالها؛ دعا مواطنيه إلى الوقوف صفاً واحداً لمواجهة العمل على نشر الفوضى وتكريس المناطقية ونشر الرعب والشر بين أبناء الشعب. ونقلت عنه وكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ» قوله إن «على كافة القوى السياسية الوقوف إلى جانب الوطن باعتباره هو الحاضن لهم دون استثناء، وهو الباقي وما عدا ذلك فهو زائل». وخلال لقائه ممثلي حلف قبائل حضرموت؛ دعا الرئيس الحلف إلى جمع الناس في محافظته حول مؤسسات الدولة و»عدم السماح بضرب النسيج الاجتماعي القائم على الوسطية والتسامح»، بحسب «سبأ». بدورهم؛ أكد ممثلو القبائل تأييدهم للشرعية الدستورية ورفضهم الانقلاب عليها، وأدانوا الانتهاكات التي ترتكبها قوات حلف (الحوثي – صالح) في عدة مدن. وفي القاهرة؛ بحث رئيس الأركان اليمني، اللواء محمد علي المقدشي، ونظيره المصري، الفريق محمود حجازي، تطورات الأوضاع في اليمن وانعكاساتها على المنطقة. ولفت المقدشي إلى استراتيجية العلاقات بين المؤسستين العسكريتين في البلدين مؤمِّلاً تعزيز التعاون بينهما، فيما أعرب نظيره المصري عن تطلعه إلى مزيد من التعاون المشترك بين حكومتي القاهرة وصنعاء. وأوردت «سبأ» أن لقاءً جمع أمس بين المقدشي وحجازي في مقر وزارة الدفاع المصرية و«تناول تطورات الأوضاع والمستجدات والمتغيرات المتلاحقة على الساحتين اليمنية والإقليمية، وانعكاساتها على الأمن والاستقرار في المنطقة العربية». وأفادت باتفاق الطرفين على «الاستفادة من خبرات وتجارب القوات المسلحة المصرية في مجالات التدريب والتأهيل والخدمات الطبية النوعية».