حدَّدت الحكومة اليمنية انسحاب الحوثيين من عدن أو تعز شرطاً للمشاركة في محادثات سلام معهم في جنيف أواخر الشهر الجاري؛ فيما أعلنت المقاومة الشعبية عن سيطرتها على موقعين حدوديين مع محافظة صعدة (شمال) و3 مواقع في محافظة شبوة (جنوب)، في وقتٍ بدا أن إيران تراجعت عن إرسال سفينة مساعدات إلى اليمن بالقوة. وبعد يومٍ على انتهاء مؤتمر الحوار بين الأطراف اليمنية في الرياض؛ أعلنت الأممالمتحدة أن «محادثات سلام حول النزاع في اليمن ستبدأ في 28 مايو في جنيف السويسرية». وتوقعت في بيانٍ لها أمس أن يتيح الاجتماع في سويسرا «إرساء الدينامية اللازمة لعملية الانتقال السياسي» في هذا البلد وتحت إشراف أبنائه. ونسب البيان إلى الأمين العام، بان كي مون، قوله إنه يأمل في «إعادة إطلاق العملية السياسية اليمنية، وخفض مستوى العنف، وتخفيف العبء الإنساني الذي أصبح لا يحتمل». وعلى الفور؛ أبدت الحكومة الألمانية ارتياحها للإعلان الأممي، ووصفت الأممالمتحدة ب «المحفل المناسب لإيجاد حل دبلوماسي دائم لهذا الصراع، حيث تتطلب عملية السلام الواقعية في البداية تجديد الوقف الفوري وطويل الأمد لإطلاق النار». واعتبر ناطق باسم الخارجية الألمانية أن «مؤتمر الرياض كان خطوة أوَّلية مهمة لتسوية الأزمة، ويتعيَّن الآن إجراء مزيد من المفاوضات على نحو عاجل بمشاركة كل الفصائل ذات الصلة بالموضوع»، في إشارةٍ إلى غياب المتمردين عن المشاورات في العاصمة السعودية. وكان المبعوث الأممي الجديد إلى صنعاء، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، تحدث في بداية مؤتمر الرياض عن مفاوضات في جنيف ما أثار جدلاً بين الحاضرين. ورحب المتحدث باسم الخارجية الألمانية ب «جهود ولد الشيخ أحمد من أجل عملية مفاوضات شاملة»، وقال «ندعو جميع أطراف النزاع للإسهام في نجاح جهود المبعوث الأممي من أجل تسوية الأعمال العدائية الحالية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون قيود، وتسهيل المفاوضات برعاية أممية». لكن وزير الخارجية اليمني، رياض ياسين، أقرَّ بأن حكومة خالد بحاح قد لا تشارك في هذا الموعد، قائلاً إنها لم تُخطَر به رسمياً وتريد مزيد من الوقت للتحضير. وشدد ياسين، في تصريحات صحفية، على أن المحادثات لا يجب أن تبدأ في ال 28 من مايو، مؤكداً أن «أي محادثات سيشارك فيها الحوثيون ستتوقف على التزامهم بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216» الملزِم بإلقائهم السلاح وتسليمه إلى الدولة والانسحاب من المدن التي اجتاحوها. واشترط انسحاباً للتمرد من عدن أو تعز و»حدوث تغيُّر على الأرض» قبل الجلوس من الانقلابيين. وقبل أيام؛ عبَّر ياسين ورئيس الوزراء بحاح عن موقفٍ مماثل. في غضون ذلك؛ ذكرت وكالتا «تسنيم» و»فارس» الإيرانيتان للأنباء أن سفينة المساعدات الإيرانية المتجهة إلى اليمن ستحول مسارها على الأرجح إلى جيبوتي لتخضع لتفتيش دولي. وأوردت وكالة «فارس» أن السفينة «إيران شاهد» سترسو في ميناء جيبوتي لتخضع لعمليات تفتيش أممية، فيما أفادت وكالة «تسنيم» بأن التفتيش سيُنفَّذ بواسطة الصليب الأحمر. وأبلغ ربان السفينة، مسعود غازي مير سعيد، التليفزيون الإيراني أنه سيذهب إلى هذا البلد الإفريقي بعد أن نقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عنه قوله في وقتٍ سابق إنه يتَّجه إلى مضيق باب المندب الذي يربط خليج عدن بالبحر الأحمر. وعرض التليفزيون الإيراني لقطات مصورة من على سطح «إيران شاهد» لما قال إنها المدمرة «البرز» التي ترافق المساعدات. وكان ناشط ألماني مرافق للمساعدات توقَّع وصولها إلى ميناء الحديدة (غرب اليمن) غداً الجمعة. ودعا كريستوف هورشتل إلى إجراء تفتيش بمعرفة أممية أو بواسطة الصليب الأحمر. ميدانياً؛ أعلنت المقاومة الشعبية المناهضة للانقلاب الحوثي تحقيقهاً مكاسب شمالاً وجنوباً، في وقتٍ أفيد بتواصُل المعارك بالأسلحة الثقيلة في تعز (جنوبي غرب). وأفاد مصدر مقرب من المقاومة في محافظة شبوة (جنوب) بتحقيقها تقدمٍ في مديرية بيحان. وأبلغ موقع «عدن الغد» أن المقاومين المدعومين بمسلحين من قبيلة آل عقيل في بيحان طهّروا مناطق نبعا ونجد مرقد وجعدر وتوعدوا بملاحقة الميليشيات حتى إخراجهم من كامل أراضي المديرية. وأشار إلى دعوة المقاومة القبائل إلى الالتحام بها في ميادين القتال أو تسليمها السلاح الذي سيطرت عليه. ووفقاً للمصدر؛ رد المتمردون على خسائرهم بمنع فرق إغاثة من دخول بيحان. وفي عدن؛ سُجِّلَت معارك متقطعة في حي دار سعد بين المقاومة والمتمردين، بينما أبلغت مصادر في المدينة موقع «سكاي نيوز عربية» بمقتل القيادي الحوثي، نبيل الحاشدي، داخل منزله في منطقة خور مكسر. ونسب الموقع إلى مصدر محلي قوله إن مسلحين مقاومين هاجموا منزل الحاشدي ما أسفر عن مقتله؛ وعثروا بحوزته على مخططات ووثائق تحدد مواقع المقاومة العدنية. في الوقت نفسه؛ قال سكان وشهود عيان إن المتمردين أحالوا مقراً لحزب الإصلاح في منطقة القلوعة (وسط عدن) إلى مركز للعمليات ومخزن للذخيرة. من جهته؛ تعهد قائد المنطقة العسكرية الرابعة، اللواء سيف الضالعي، بأن يدافع العدنيون عن كرامتهم وبأن يواصلوا المقاومة. ووصف الضالعي، في تصريحاتٍ صحفية نقلها «عدن الغد»، الرئيس السابق علي عبدالله صالح ب «هتلر هذا القرن»، وخاطبه قائلاً «كفى كذباً لأن الشعب ضاق من هذا الكذب، ونحن هنا سندافع عن أهلنا وكرامتنا»، متابِعاً «لم نعتدِ على أي قرية من القرى الشمالية، وسندافع عن بيوتنا وأعراضنا». وكان الرئيس عبدربه منصور هادي عيَّن الضالعي قائداً للمنطقة العسكرية الرابعة بعد مقتل قائدها، علي ناصر هادي، في مطلع الشهر الجاري على يد المتمردين. وفي لحج؛ قال سكان بعض القرى الواقعة شرق مدينة الحوطة إن قوات التمرُّد نفذت أمس قصفاً طال عدداً من قراهم. وذكروا أن قريتي الحمراء والمجحفة تعرضتا خصوصاً لقصف بصواريخ الكاتيوشا. وخضعت الحوطة (مركز محافظة لحج) لسيطرة التمرد منذ أسابيع، ما دفع الآلاف من سكانها إلى الخروج منها والاستقرار مؤقتاً في قرى مجاورة. غرباً؛ سُجِّلَت أمس في مدينة تعز اشتباكات بالأسلحة الثقيلة بين المتمردين والمقاومة الشعبية.ونسبت وكالة أنباء «الأناضول» التركية إلى سكان قولهم إن اشتباكات عنيفة وقعت في حي البريد وبالقرب من تلة الأخوة وسط المدينة. وأفادت الوكالة باستخدام الطرفين الأسلحة الثقيلة في مواجهةٍ استمرت لساعات دون أن يتسنَّ التأكد من سقوط ضحايا، مشيرةً إلى «دوي انفجارات ومواجهات عنيفة سُمِعَ من مسافات بعيدة في المدينة». وبالتزامن؛ تعرَّض منزل لقائد المقاومة التعزية، الشيخ حمود سعيد المخلافي، إلى قصفٍ ب 3 قذائف. وأفاد مصدر مقرب منه بأن «3 قذائف أطلقها المتمردون من منطقة الدمغة أسفل جبل صبر سقطت على منزل الشيخ المخلافي الواقع في حي الروضة». وسقطت قذائف أخرى على مواقع في الحي ما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة عددٍ من الأشخاص، بحسب موقع «المشهد اليمني». وفي أول رد فعل له على استهداف منزله، قال المخلافي «نعرف أن الحرية والكرامة ثمنها غالٍ، ثمنها شهداء وجرحى ومنازل، لكن لا تراجع». شمالاً؛ أعلنت المقاومة في محافظة الجوف عن اقترابها من محافظة صعدة (معقل الحوثيين) بعد سيطرتها تماماً على مواقع لهم في منطقة اليتمة المحاذية.وأبلغت مصادر محلية موقع «يمن برس» أن «المقاومة تتقدم حالياً باتجاه صعدة على محورين؛ الأول باتجاه البقع، والثاني باتجاه كُتَاف» بعد سيطرتها في هجومٍ مباغت على منطقة الأبتر التي عُدَّت آخر مواقع الحوثيين في الجوف. وأسفر الهجوم، وفقاً للمصادر، عن الاستيلاء على أسلحة وعتاد ومركبة عسكرية. وأكد موقع «المصدر أونلاين» سيطرة المناهضين للانقلاب على «الأبتر»، لكنه ذكر أنهم سيطروا أيضاً على منطقة الجميشة القريبة. وأورد أن «المقاومة سيطرت في الساعات الأولى من فجر الأربعاء على موقعي الأبتر والجميشة التابعين لليتمة الواقعة في المثلث الحدودي بين السعودية والجوف وصعدة». ونقل عن مصدر قوله إن «عشرات من الحوثيين سقطوا ما بين قتيل وجريح خلال هذه المواجهة». ووفقاً للمصدر؛ فإن مسلحي المقاومة حاصروا المنطقتين عقب معارك شرسة وطالبوا المتمردين بالانسحاب بيد أنهم رفضوا ذلك ما دفع إلى اقتحامهما و»غنم عربة من نوع هامر وعددٍ من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة». غير أنه أقرَّ باستمرار وجود متمردين في موقع الأجاشر التابع للجوف والمحاذي لمنطقة البقع. وكانت صعدة نقطة انطلاق الحوثيين نحو صنعاء التي سيطروا عليها في 21 سبتمبر الماضي. وفي حين رصدت وكالة الأنباء الفرنسية حركة نزوحٍ كثيفة للسكان في العاصمة ابتعاداً عن أهداف محتملة لحملة القصف الجوي؛ قدَّر المتحدث باسم المفوضية الأممية العليا للاجئين، أدريان إدواردز، عدد النازحين اليمنيين منذ مارس الماضي بأكثر من 545 ألفاً. من جهة أخرى؛ أقامت القوات المسلحة المغربية جنازة عسكرية في قاعدة جوية قرب العاصمة الرباط للطيار المغربي، ياسين بحتي، الذي قُتِلَ أثناء مشاركته مع قوات بلاده في حملة تحالف «إعادة الأمل». وأعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة، في بيانٍ نقلته وكالة الأنباء المغربية الرسمية، أن «الملازم الطيار ياسين بحتي استُشهِدَ في ال 10 من مايو أثناء تأدية واجبه كعسكري في إطار مشاركة المملكة المغربية ضمن التحالف العربي من أجل إرساء الشرعية في اليمن». و»تمَّت الجنازة العسكرية بحضور أسرة الطيار وشخصيات مدنية وعسكرية قبل دفنه في مقبرة الشهداء في مدينة الدار البيضاء»، بحسب البيان. وكان الحوثيون أعلنوا مسؤوليتهم عن إسقاط طائرة بحتي التي تعد واحدة من 6 طائرات مغربية من طراز إف 16 تشارك في الحملة العسكرية ضدهم، قبل أن ينفي المتحدث باسم التحالف، العميد الركن أحمد عسيري، ذلك مرجعاً سقوطها إلى خلل فني وخطأ بشري. وبعد الإعلان في منتصف الشهر الجاري عن العثور على جثة الطيار البالغ من العمر 26 سنة؛ تحدثت الصحافة المغربية عن وساطة لتسلُّم الجثة قادها المغربي جمال بنعمر الذي كان مبعوثاً أممياً في اليمن، إضافةً إلى وساطة من سلطنة عمان غير المشاركة في التحالف. وأوضحت وسائل إعلام مغربية أنه تم التعرف على جثة الطيار عن طريق الفحص الجيني بعدما تم نقله إلى جيبوتي ثم إلى بلاده. وكان المغرب أعلن في نهاية مارس الماضي أنه قرر «تقديم كل أشكال الدعم» للتحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين وحلفائهم. من جهته؛ جدَّد المفتي العام في موريتانيا إمام الجامع الكبير في نواكشوط، الشيخ أحمد المرابط الشنقيطي، تأييده لجميع القرارات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية لاستعادة شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي وصد خطر الحوثيين عن دول الشرق الأوسط. ووصف الشنقيطي، في خطابٍ رفعه إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وتسلَّمه وزير الشؤون الإسلامية السعودي الشيخ صالح آل الشيخ، عملية «عاصفة الحزم» ب «واحدة من القضايا العادلة المتماشية مع شريعة الإسلام». وشجب مفتي موريتانيا ما سمَّاها كل الأعمال الإجرامية التي قام ويقوم بها الحوثيون، ورأى أن «مبدأ نحلتهم الباطلة إثارة الفتن والفوضى، وقتل الأبرياء، واستباحة الدماء المعصومة» وأن «المواجهة القائمة بين الحوثيين وبين دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية تعتبر مواجهة لجميع الدول السنية، فعليهم الوقوف صفاً واحداً ضدهم».