رفضت السلطة الشرعية في اليمن التجاوب مع دعوة الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، إلى إجراء محادثات مع الحوثيين، ووصفت هذه الدعوات ب «غير المقبولة»، في وقتٍ واصلت الجماعة المتمردة التصعيد ميدانياً وسياسياً وبحثت «التسريع بإجراء انتخابات جديدة»، بينما قصفت قوات تحالف «إعادة الأمل» الميليشيات جواً في عدة محافظات وبراً في حجة (شمال) وبحراً في عدن (جنوب). وجدَّد وزير الخارجية اليمني، رياض ياسين، التأكيد على أنه «لا مكان لصالح في أي محادثات سياسية في المستقبل بعد كل الدمار الذي سبَّبه»، وعدَّ دعوة الرئيس السابق مؤخراً إلى الحوار «غير مقبولة»، مشدداً على «وجوب انسحاب الانقلابيين من المدن التي سيطروا عليها قبل المفاوضات». وأعلن ياسين، خلال مؤتمرٍ صحفي عقده أمس في لندن، أن «70% من الأراضي اليمنية خارجة عن سيطرة التمرد»، مشيراً إلى أن «عملية عاصفة الحزم لم تنتهِ». ميدانياً؛ رصد سكان في صنعاء فجر أمس 5 غارات جوية على الأقل نُفِذَت على مواقع عسكرية ومنطقة قرب القصر الرئاسي. وأبلغ أحد سكان صنعاء وكالة الأنباء «رويترز» أن الانفجارات التي تلت الضربات الجوية كانت ضخمة نتيجة وجود مخزون من الأسلحة داخل المواقع المستهدفة. وأفادت مصادر بأن القصف طال دار الرئاسة ومعسكر النهدين ومعسكر الحفا في جبل نقم وألوية الصواريخ في جبل فج عطان، فيما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» عن مصادر عسكرية قولها إن مخزنا للأسلحة يقع بين جبال محصنة في منطقة سنحان (تبعد 25 كيلومتراً من صنعاء) تعرَّض للتدمير بسبب الضربات الجوية. وقالت هذه المصادر وسكان محليون ل «بي بي سي» إن المخزن يضم أسلحة نوعية حديثة كانت بحوزة قوات الحرس الجمهوري وتم نقلها في الآونة الأخيرة من معكسر ريمة حميد الواقع أيضاً في سنحان. كما ذكر موقع «بي بي سي» أن مقاتلات التحالف أغارت على معسكر العرقوب في منطقة خولان شرق صنعاء وعلى إمدادات عسكرية كبيرة في الطرق الممتدة من العاصمة إلى محافظة مأرب التي تشهد قتالاً عنيفاً بين الحوثيين ومقاتلين قبليين مسنودين بقوات المنطقة العسكرية الثالثة. ونقل الموقع عن قبائل في مأرب أنها قتلت 23 من عناصر الميليشيات في كمائن نصبتها مستهدٍفةً تعزيزات عسكرية تابعة لهم. وبعد يومٍ من إعلان مصادر الحوثيين عن إحرازهم تقدما ميدانيا في مأرب؛ أعلن حزب التجمع اليمني للإصلاح (إسلامي) أن المواجهات مستمرة في منطقة صرواح (غرب المحافظة) ونفى وصول قوات التمرد إلى وسط مديرية مأرب (مركز المحافظة). ونسب الموقع الإلكتروني الرسمي للحزب إلى مصادر محلية في المحافظة قولها إن المتمردين تكبدوا خسائر كبيرة في المقاتلين والمعدات وأن المنطقة العسكرية الثالثة الموالية للشرعية قصفت بالمدفعية وصواريخ الكاتيوشا مواقع للميليشيات في صرواح مسانَدةً لمسلحي القبائل. وتحدث مصدر قبلي عن أن «الحرب ما زالت في صرواح ولم تصل لمديرية مأرب، والمعلومات لدينا بأن المقاومة أعادتهم إلى الخلف، وعادت المواجهات إلى مناطق الزور وكوفل والطيران»، واصفاً الأنباء عن سيطرة الانقلابيين على مركز المحافظة ب «مبالَغ فيها». وأبلغ مصدر قبلي آخر في المحافظة وكالة أنباء الأناضول التركية أن القبائل ألقت القبض على القيادي الحوثي، علي الزرعي، و7 من مرافقيه في نقطة الجرف الواقعة بمنطقة الجدعان. وفي تعز (جنوبي غرب)؛ أكدت المقاومة الشعبية استعادتها السيطرة على بعض الضواحي في المدينة المهمة استراتيجياً بعد معارك عنيفة. وقال مصدر مقرَّب منها إن مسلحيها «بسطوا السيطرة على مقر لحزب المؤتمر الشعبي العام وحي مستشفى الثورة وموقعي تبة الدرن والمعهد الصحي المطلّين على إدارة أمن المحافظة، كما تقدَّموا في منطقة حوض الأشراف وباتوا بالقرب من مبنى قيادة المحافظة». وأشار المصدر إلى تمشيط مسلحي المقاومة حي الروضة وتجدُّد الاشتباكات في دوار المرور غرب المدينة بعد محاولة المتمردين التقدم فيه بغطاء من قناصة تابعين لهم يتمركزون فوق أسطح مبانٍ. ووفقاً للمصدر؛ تزامن ذلك مع غارات جوية لمقاتلات التحالف العربي استهدفت تجمعاً للميليشيات في منطقة الحوبان ومعسكر قوات الأمن الخاصة الموالي لهم. في السياق ذاته؛ أعلنت «المقاومة في تعز» في بيانٍ لها أن «كل أطياف المدينة تستعصي على الاختراق والانكسار»، ودعت أبناء المحافظة إلى «التلاحم والحيطة والحذر من محاولات إضعاف وحدتهم أو جرِّهم إلى مربع الاختلاف أو أوهام التناقض». بدورهم؛ اتهم سكان في المدينة الميليشيات بتنفيذ قصف عشوائي على منطقتي المسبح والتحرير الأسفل رداً على تقدُّم المسلحين المناهضين لهم. وأفاد مصدر طبي بأن مستشفى الحكمة استقبل قتيلين و20 جريحاً قالوا إنهم تعرضوا لقصف عشوائي من قِبَل الميليشيات، في وقتٍ أبلغ مسعفون عن مقتل 4 مدنيين جراء سقوط صاروخ في أحد شوارع المدينة «في إطار قصف عشوائي عنيف». وفي تطورٍ لافت؛ قصفت سفنٌ حربية تابعة للتحالف مواقع للحوثيين حول الميناء التجاري الرئيس لمدينة عدن وحوض السفن و»هي المرة الأولى التي تُستهدَف فيها هذه المناطق»، بحسب شهود عيان. في الوقت نفسه؛ أبلغ سكان في المدينةالجنوبية بوقوع اشتباكات عنيفة قرب المطار الدولي بين المتمردين والمقاومة التي استخدمت للمرة الأولى صواريخ كاتيوشا وتلقَّت دعماً بضربات جوية. وأكد مسؤول حكومي في المدينة أن المقاتلات قصفت موقعين للتمرد في حي دار سعد ومنطقة خور مكسر ومواقع أخرى في مدخلي عدن الشمالي والشرقي. واستمرت المعارك في دار سعد وخور مكسر والمعلا. وأفاد موقع «عدن الغد» الإلكتروني بشن المقاومة هجوماً في دار سعد لإنزال قناصة موالين للانقلاب من أعلى أسطح بعض المنازل. ونقل الموقع عن مصدر في الحي أن المقاومين أنزلوا اثنين من القناصة ورامي «آر بي جي» من أعلى سطح فندق لبنان، فيما تعرَّض فندق المنيف الموجود في الحي نفسه لغارتين بسبب سيطرة الميليشيات عليه. وإلى الشمال من عدن؛ خاضت المقاومة معارك عنيفة امتدت لساعات لاستعادة عدة مناطق ريفية من الحوثيين بمساعدة الضربات الجوية. وخلَّف القتال 25 قتيلا من الحوثيين و6 من أفراد المقاومة. وفي وقتٍ قصفت مقاتلات التحالف مواقع للحوثيين في محافظة صعدة (شمال)؛ أكد شهود عيان أن قوات برية سعودية استهدفت تجمعات للميليشيات في مدينة حرض بمحافظة حجة القريبة من الحدود مع المملكة رداً على إطلاق قذائف هاون، بينما أعلن القيادي الحوثي، عبدالستار منعم البشيري، عن تحرك مسلحي جماعته بمساندة قوات الجيش الموالية لها نحو الحدود اليمنية مع منطقة نجران (جنوب المملكة). وأبلغ البشيري وكالة أنباء فارس الإيرانية أن «الهدف من هذه التحركات هو ضبط الحدود»، مضيفاً «ليست لدينا أهداف ونوايا أخرى». إلى ذلك؛ أكد قائد البحرية الإيرانية، الأميرال حبيب سياري، أن بلاده ستبقِي سفناً حربية في خليج عدن لعدة أشهر على الأقل. وقد يزيد هذا الموقف مخاوف الولاياتالمتحدة من محاولة طهران إمداد المتمردين على الشرعية اليمنية بأسلحة متقدمة. ونسبت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى سياري قوله إن السفن نُشِرَت لحماية ممرات الشحن من القرصنة. سياسياً؛ أبدى الإتحاد الأوروبي ارتياحه لتعيين الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، مبعوثاً أممياً دبلوماسياً جديداً إلى اليمن، مُظهِراً دعمه الكامل للموريتاني إسماعيل ولد شيخ أحمد في جهوده لوقف الحرب والعمل على تحقيق تسوية دائمة للأزمة. وأكدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، الإيطالية فريديريكا موجيريني، أن «الاتحاد على استعداد لدعم المسؤول الأممي الجديد على الفور في جهوده للتوصل إلى وقف سريع للعنف، وتهيئة الظروف لاستئناف مفاوضات سياسية شاملة بين الأطراف اليمنية لتقديم تسوية دائمة للأزمة الحالية». وجددت موجيريني، في بيانٍ لها، تأكيد الاتحاد على أنه «لا يمكن التوصل إلى حل مستدام واستعادة السلام والحفاظ على وحدة وسيادة واستقلال ووحدة أراضي اليمن؛ إلا عبر توافق سياسي واسع يتحقق من خلال مفاوضات شاملة». وعيَّن الأمين العام للأمم المتحدة أمس الأول إسماعيل ولد شيخ أحمد مبعوثاً له إلى اليمن خلفاً للمغربي الذي تعرض لانتقادات، جمال بن عمر. وفي إسطنبول؛ أبلغ الرئيس الباكستاني، ممنون حسين، نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، بأن إسلام آباد تبذل كل الجهود الممكنة للتوصل إلى حل سلمي للأزمة اليمنية. وأعرب الرئيسان، بحسب بيان باكستاني، عن قلقهما إزاء الأوضاع في اليمن، وشددا على ضرورة إيجاد حل سريع للأزمة. وأفاد البيان بأن الرئيس الباكستاني التقى نظيره التركي مساء أمس الأول في العاصمة التركية في إطارة زيارة رسمية و»أبلغه بأن الدفاع عن سلامة المملكة العربية السعودية وسيادتها الإقليمية يعد ركناً مهماً في السياسة الخارجية لباكستان». ونقل البيان عن حسين إدانته تمرد الحوثيين على الرئيس الشرعي لليمن، عبدربه منصور هادي؛ وتأكيده أن إسلام آباد تبذل جهوداً مكثفة للحل. وتتهم أطراف يمنية وغير يمنية الحوثيين بعرقلة الحوار السياسي وفرض خياراتها بالقوة خصوصاً في المناطق الجنوبية. لكن الجماعة أبدت أمس استعدادها للتواصل مع أبناء الجنوب والتنسيق من أجل تسوية الأوضاع الميدانية. وقال المتحدث باسمها، محمد عبدالسلام، إن «هناك استعدادا للتنسيق مع إخوتنا في الجنوب لتسوية أوضاع المحافظاتالجنوبية وإدارتهم لشؤونها بما يضمن أمنها واستقرارها». ونقلت هذه التصريحات وسائل إعلام يمنية موالية للانقلاب، وأكدها القيادي الحوثي عبدالملك العجري. من جهته؛ اجتمع رئيس ما يسمَّى اللجنة الثورية العليا في اليمن، محمد علي الحوثي، برئيس اللجنة اليمنية العليا للانتخابات والاستفتاء، القاضي محمد الحكيمي، ل «بحث إمكانية التسريع بإجراء انتخابات»، بحسب موقع «المشهد اليمني» الإخباري. وقال الموقع إن «الاجتماع إلى المواضيع المتعلقة بمكونات المنظومة الانتخابية، والخطوات الأساسية لأي عملية انتخابية وآلية إجرائِها». وأبدى الحوثي، بحسب الموقع، استعداد اللجنة الثورية (أعلى سلطة في الانقلاب) للتعاون الكامل مع اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء بما يكفل نجاح أعمالها ومهامها المنوطة بها، لافتاً إلى «ضرورة الحفاظ على حيادية لجنة الانتخابات». وعلى صعيدٍ آخر؛ أعلنت هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية التابعة لرابطة العالم الإسلامي في جدة أنها قدَّمت دفعة أولى من مساعدات عاجلة قررت تخصيصها للاجئين اليمنيين في جيبوتي. وأفادت بأن الدفعة الأولى تضمَّنت كميات متنوعة من المواد الغذائية بتكلفة إجمالية قدرها 625 ألف ريال استفادت منها 3 آلاف أسرة. وتعهد الأمين العام للهيئة، إحسان بن صالح طيب، بأن تتوالى دفعات المساعدات تباعاً لإنقاذ المنكوبين الذين اتخذوا من جيبوتي ملاذاً لهم، ولاحظ أن أعدادهم في تزايد مستمر «إذ وصلت حتى الآن إلى أكثر من 20 ألف أسرة لاجئة تعاني الجوع والمرض وتضم أعداداً كبيرة من النساء والأطفال والمسنيِّن والمعاقين في أمسِّ الحاجة إلى الرعاية والاهتمام». وأوضح طيب أن «الإغاثة الإسلامية» كثَّفت جهودها توطئةً لإرسال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى جيبوتي لتوزيعها على الأسر اللاجئة. ووفقاً لطيب؛ فإن دفعة المساعدات الأولى احتوت على 3 آلاف كيس من الأرز، وكميات مماثلة من السكر والدقيق والزيت و5 آلاف علبة حليب «بدعم مادي من الشعب السعودي الذي درج على الوقوف بجانب المنكوبين». وتقول «الإغاثة الإسلامية» إنها قدمت مساعدات لليمنيين خلال السنوات القليلة الماضية بتكلفة 90 مليوناً و899 ألف ريال استفاد منها 2.349.986 شخصاً في مختلف المحافظات. بدورها؛ أطلقت دولة الكويت حملة «رحماء بينهم» لإغاثة اليمنيين، وفتحت باب التبرعات أمام المؤسسات والجمعيات الخيرية لمدة 3 أشهر. و»بدأت الحملة بتوجيهات من أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح»، بحسب رئيس اللجنة الكويتية العليا للإغاثة الدكتور عبدالله المعتوق.