بعد أسابيع من مشاوراتٍ مضنية لتشكيل ائتلافه؛ بدأ بنيامين نتنياهو أمس الجمعة ولايته الرابعة رئيساً للحكومة الإسرائيلية، لكنه يواجه مهمة صعبة لإنهاء التوتر مع الولاياتالمتحدة وأوروبا خصوصاً بعد تسميته إحدى المتطرفات نائبةً لوزير الخارجية. وبعد ساعات على نيل حكومته الثقة في وقتٍ متأخر الخميس؛ دعته واشنطن إلى التوصل لاتفاق سلام مع الفلسطينيين «لأن ذلك يصب في صالح بلاده». وخلال اجتماعه الأول بوزرائه ليل الخميس – الجمعة؛ أعلن نتنياهو أنه «سيواصل العمل للتوصُّل إلى حل دبلوماسي للنزاع مع الفلسطينيين مع الحفاظ على المصالح الحيوية وأمن المواطنين». ولم يتطرَّق اتفاق الائتلاف الحكومي إلى «حل الدولتين» الذي تدعو إليه الأممالمتحدة وأمريكا فضلاً عن الاتحاد الأوروبي. ونال الائتلاف ثقة الكنيست مساء أمس الأول بواقع 61 صوتاً مقابل مقابل 59، فيما دعاه الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، إلى الأخذ بحل الدولتين. وأقرَّ أوباما، خلال مؤتمر صحفي عقده فجر أمس في كامب ديفيد بعد انتهاء قمة مع قادة دول الخليج العربي، بعلمِه أن «الحكومة التي تشكَّلت في إسرائيل تضم بعض الذين لا يؤمنون بالضرورة بهذه الفرضية (السلام)، لكنها تبقى فرضيتي». وأبلغ الصحفيين أنه ما زال مؤمناً بالأهمية الكبيرة لحل الدولتين «ليس فقط للسلام؛ إنما لأمن إسرائيل على المدى البعيد كدولة ديمقراطية ويهودية». وتضم الحكومة الجديدة متطرفين من المستوطنات فضلاً عن يهود متشددين ومعارضين لمبدأ الدولة الفلسطينية. وكان كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، وصفها ب «حكومة حرب»، معتبراً أن رئيسها يتولى مهمة دفن حل الدولتين. إلى ذلك؛ يرجِّح دبلوماسيون أوروبيون أن تستأنف فرنسا جهودها خلال الصيف الجاري لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي ينهي النزاع. وتصر دولة الاحتلال على أن الطريق الوحيد للتوصل إلى حل هو المباحثات الثنائية المباشرة مع الفلسطينيين رافضةً تدخلاً أممياً لتحديد مهلة زمنية لذلك. وفي مواجهة التحديات الدبلوماسية المتزايدة؛ لم يعيِّن نتنياهو وزيراً للخارجية مفضلاً أن يبقي الحقيبة لنفسه حالياً. لكنه عيَّن تسيبي هوتوفلي، من الجناح اليميني المتطرف في حزبه الليكود، نائبةً لوزير الخارجية في خطوةٍ اعتبرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أنها لن تلقَ ترحيباً حول العالم. وكتب مراسل الشؤون الخارجية في الصحيفة، هيرب كينون، إنه «لا يمكننا سوى أن نتخيل البرقيات الدبلوماسية المرسلة من سفارات الولاياتالمتحدة ونيوزيلندا وبريطانيا وإسبانيا إلى بلادهم حول الحكومة الجديدة: حكومة يمين متطرف مع وزارة خارجية تديرها يوماً بيوم هوتوفلي المؤيدة لحل الدولة الواحدة.. والمقربة جداً من مجتمع المستوطنات». وتابع كينون «بكلماتٍ أخرى، تمثِّل هوتوفلي عكس ما تريد الغالبية في العالم، وبينها الرئيس الأمريكي باراك أوباما». بدورها؛ دعت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية الحكومة الجديدة إلى التعامل سريعاً مع القضايا الأساسية. وكتبت «هآرتس» في افتتاحيتها أمس «لا يمكن لإسرائيل أن تسمح لنفسها بتضييع مزيد من الوقت، إنهاء الاحتلال والكفاح من أجل إثبات الطابع الديمقراطي للدولة يجب أن يكونا على رأس أجندة القيادة». وحذرت من أن «حكومة نتنياهو الرابعة مجردة من الرؤية ومن أي رسائل إيجابية جديدة، ونتمنى ألا يطول ذلك كثيراً». وبحصول حكومته على 61 صوتاً في الكنيست؛ يبقى نتنياهو ضعيفاً ليس فقط أمام معارضة قوية وإنما أيضاً أمام حلفائه الساخطين. وفي خطابه أمام النواب؛ دعا إلى تعديلات على القانون الانتخابي لتعزيز الاستقرار السياسي، ملمحاً إلى إمكانية توسيع ائتلافه. غير أن زعيم المعارضة العمالي، إسحق هرتزوغ، قطع الطريق عليه على أي محاولة لضمه إلى الائتلاف الحاكم. وخاطبه قائلاً «ما من زعيم جدير بهذا اللقب يمكنه الانضمام إلى السيرك الذي نجحت في تشكيله في اللحظة الأخيرة»، وزاد «طريقك ليس طريقي».