ستستغرق إقامة درع صاروخية أمريكية لحماية دول الخليج العربي من أي هجوم إيراني سنوات، بحسب خبراء. كما ستتطلب مزيداً من مبيعات الأسلحة الأمريكية الحساسة وتدريبات عسكرية مكثفة لتفادي أي حوادث عارضة في الشرق الأوسط. وكان تجديد الالتزام المشترك بإقامة نظام دفاعي إقليمي إحدى النتائج الراسخة لقمَّة انعقدت أمس الأول في كامب ديفيد بين الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، وقادة دول الخليج الذين سعَوا إلى الحصول على تعهدات دفاعية جديدة قبل اتفاق نووي محتمل مع إيران. وتعثَّرت جهود سابقة بسبب التوتر وانعدام الثقة بين دول مجلس التعاون الست وواشنطن، لكنَّ مسؤولين أمريكيين وخليجيين يعتقدون أن الظروف الآن مواتية لأن تنفذ الدول العربية مزيداً من المهام العسكرية المشتركة. وجاء في بيانٍ مشترك بعد القمة أن دول المجلس ملتزمة بتطوير قدرة دفاع صاروخية باليستية تعتمد على نظام إنذار مبكر بمساعدة فنية أمريكية. بدوره؛ تعهَّد أوباما بسرعة إمداد الخليج بالأسلحة وإرسال فريق إلى المنطقة خلال الأسابيع المقبلة لمناقشة التفاصيل. وتخشى دول الخليج أن يؤدي تخفيف العقوبات ضمن أي اتفاق نووي مع إيران بحلول 30 يونيو المقبل إلى تمكين طهران من شراء صواريخ أكثر دقة وفاعلية. إلا أن نظاماً دفاعياً متكاملاً سيتيح صد أي هجوم إيراني على نحو أفضل؛ إذ سيربط بين أجهزة الرادار والصواريخ الاعتراضية لمواجهة أنواع شتى من الصواريخ. وسيستخدم النظام الأقمار الصناعية الأمريكية للإنذار المبكر وأجهزة رادار أمريكية وخليجية لرصد انطلاق أي صاروخ معادٍ وإطلاق صاروخ من الجو أو البحر لتدميره على ارتفاع بعيد عن الأرض. وستتنافس شركات «لوكهيد مارتن» و«ريثيون» و«نورثروب جرومان» على إقامة نظام مركزي للقيادة والتحكم في الدرع الصاروخية؛ لأنها تقوم بالفعل بعملٍ مماثل للجيش الأمريكي وحلفاء مهمِّين. واعتبر المحلل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أنتوني كوردزمان، أن نجاح الدرع سيرتبط بالوصول إلى توافق واسع بشأن قواعد التعامل مع أي تهديدات. وقال «عليك الانتهاء من منظومة الاشتباك برمَّتها قبل إطلاق الصاروخ الأول». وسيتطلب الوصول إلى هذه النقطة إبرام اتفاقيات لم يسبق لها مثيل بين الجيش الأمريكي ومجلس التعاون الخليجي وبين الخليجيين فيما بينهم؛ لتبادل البيانات الحساسة بهدف تفادي خطر إسقاط طائرة صديقة بطريق الخطأ، بحسب خبراء. في الوقت نفسه؛ يشير مسؤولون أمريكيون إلى أهمية إجراء تدريبات مكثفة بقيادة الولاياتالمتحدة للوصول إلى الحد الأدنى من مخاطر الحوادث العارضة. وبالفعل؛ يمتلك الجيش الأمريكي 10 بطاريات صواريخ من طراز «باتريوت» للحماية من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى في الشرق الأوسط، كما يمتلك نظام رادار قوياً من طراز «إيه . إن – تي. بي. واي – 2» لرصد إطلاق الصواريخ. وتطوِّر دول الخليج أنظمة «باتريوت» التي تصنعها شركة «ريثيون»؛ لتشمل صواريخ «باك – 3» التي تصنِّعها «ريثيون» و»لوكهيد مارتن». كما تشرع في شراء أنظمة تغطِّي مساحة أكبر وتتضمن صواريخ ذات مدى أطول مثل نظام «ترمينال هاي ألتيتيود آريا ديفنس» الذي تصنِّعه «لوكهيد مارتن». ومنتصف الأسبوع الماضي؛ أبلغ وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، الصحفيين في واشنطن أن دول الخليج ستحتاج إلى شبكات أرضية جديدة وشبكات كمبيوتر لإدارة هذه الأنظمة. وكشف عن سعي خليجي للحصول أيضاً على صواريخ ذات مدى أطول مثل الصاروخ «إس . إم – 3» من إنتاج «ريثيون»، الذي لم يُعرَض بعد تصديره للمنطقة. وكان قرارٌ اتخذته واشنطن في ديسمبر الماضي بالسماح ببيع الأسلحة لمجلس التعاون الخليجي كمنظمة على غرار ما يحدث مع حلف شمال الأطلسي؛ ساهم في تمهيد الطريق أمام إحراز تقدم في تكامل الدفاع الصاروخي وأنظمة الأمن البحري. ويعتقد أنتوني كوردزمان أن صاروخ «إس . إم – 6» الجديد من صنع «ريثيون» قد يكون فاعلاً في تهدئة مخاوف الخليجيين لأن بإمكانه التصدي للتهديدات داخل وخارج الغلاف الجوي للأرض. ولم يُصدر مسؤولون أمريكيون تعليقات فورية بشأن ما إذا كان أعضاء مجلس التعاون تقدموا بأي طلبات رسمية لشراء الصاروخ «إس . إم – 6». وكان الجبير حذر من توقُّع إحراز تقدم سريع في التكامل الدفاعي الصاروخي، ملاحِظاً أن هذه الأنظمة معقَّدة ويستغرق شراؤها وتركيبها بعض الوقت.