بالمصادفة شاهدت تعليقاً لمذيعة برنامج الصباح الأمريكية جينفر ليفنقستون في قناة CBS على إيميل وصلها من متابع يطلب منها أن تنحف حتى لا تكون مثالاً سيئاً للشباب في المجتمع. تعجبت من أسلوبه في الكلام وطريقة تفكيره وأحببت نقلها لكم. سأترجم الإيميل بأكبر دقة ممكنة وأعلق عليه… «مرحبا جينفر، اليوم، وعلى غير العادة، شاهدت برنامجك الصباحي لفترة قصيرة. تفاجأت بأن جسمك لم يتحسن منذ عدة سنوات. مؤكداً لا تعتبرين نفسك مثالاً جيداً للشبان في مجتمعنا، خصوصاً الفتيات. البدانة هي أحد أسوأ الخيارات التي ممكن يتخذها الإنسان ومن أسوأ العادات. أترك لك هذه الملاحظة متمنياً أن تعتبري مسؤوليتك كشخصية عامة محلياً بأن تمثلي وتعززي نظام الحياة الصحي». كاتب هذا الإيميل يحاول أن يكون «عملياً» ويصف السمنة بأنها «خيار» يختاره الإنسان لنفسه. وكأنه لا يعرف أن كل إنسان عنده زيادة وزن يتمنى أن يخسرها من أجل صحته ومظهره وربما حاول آلاف المرات وعرض نفسه للخطر من أجل ذلك ولكنه فشل وربما أصابه إحباط. من الظلم أن نقول بكل بساطة إنه خيار يختاره الإنسان وكأننا أجهزة كمبيوتر نبرمجها وانتهينا! الإنسان يحزن أحيانا ويتعرض لضغوط ويفرغها في الأكل، في طفولته حصل عنده خلل في المشاعر جعله يأكل حين يحزن، يأكل بدل أن يبكي! شخص آخر عنده زيادة وزن مرضية بسبب لخبطة في الهرمونات تجعله يستميت لينقص كيلو واحد فقط، ويتابع مع الطبيب للسيطرة عليها. شخص ثالث عنده سمنة وراثية أخواته وأمه وأغلب عائلته يعانون من زيادة الوزن ويحاول بكل جهد أن ينحف ولكن الموضوع ليس بهذه البساطة. نعم هناك حلول قد تساعد على خسارة الوزن ونعم تغيير نظام حياة الإنسان قد يجعله ينحف بالتدريج بطريقة صحية ولا يعود للسمنة أبداً ولكن الموضوع ليس بهذه البساطة. نقطة كاتب الإيميل الأساسية أن زيادة وزن جينفر لها أثر سلبي على الشابات خصوصا لأنها ستكون قدوة سيئة لهن. بينما في الواقع أرى العكس تماماً. لنفترض أن هناك طالبة في المرحلة الثانوية تعاني من زيادة في الوزن ومؤكداً حاولت بكل الطرق أن تنحف لتتباهى بجسمها كصديقاتها وتلبس وتتفنن في اللبس دون أي قيود. ومؤكداً تعرضت لكثير من التعليقات وربما ضحك عليها زملاؤها وسخروا. حاولت هذه الفتاة أن تنحف ولكنها لم تستطع لأن الموضوع كما قلنا ليس بهذه البساطة. ما الذي سيحدث بعد ذلك؟ ربما كمراهقة تكتئب أو حتى تفكر في الانتحار! حين ترى هذه الفتاة جينفر مقدمة محترمة وناجحة وتظهر على أشهر القنوات بالرغم من زيادة وزنها تتفاءل وتفهم أن الدنيا لم تنته فقط لأن وزنها زائد فتتجاوز أزمتها. تستطيع أن تعيش وتسعد وتنجح وتتميز حتى ولو كانت سمينة. ثم إن كاتب الإيميل يفترض منا أن نكون كلنا متشابهين ومثل بعض نحافاً ورشيقين مثله! «بالمناسبة صورته انتشرت، نحيف ومعضل بعد». الحياة فيها جوانب كثيرة وترتيب الأولويات يختلف من شخص لآخر. أنت ترى الوزن شيئاً مهماً ويجب أن يكون أولوية ولكن غيرك يرى الموضوع من جانب مختلف تماماً. جينفر عندها أشياء مهمة تحاول المساهمة فيها في المجتمع وتقع في أعلى سلم أولوياتها. كل شخص يختلف عن الآخر كونك ترى هذا الشيء مهماً لا يعطيك الحق في جرح غيرك محاولاً فرض سلم أولوياتك عليه! المذيعة حاولت الرد عليه في برنامجها ولكنها كانت منفعلة جداً لذلك لم تعجبني الأفكار التي طرحتها ولكن شعورها وصلني تماما، الرجل اعتذر لها فيما بعد..