تغيرت المعطيات وانقلبت الموازين وتبدلت الوسائل وتغير الوسط الإعلامي ربما إلى غير رجعة. اليوم لم يعد الصحفي والوسيلة الإعلامية هي المسيطرة على الساحة، والمشكّل الرئيس للرأي العام. في السنوات القليلة الماضية، تطورت وسائل التواصل بشكل أصبح معه كل شخص بسيط يمتلك في يده ما لم يمتلكه صحافيون كبار أحدثوا عبر التاريخ تغييرات كبيرة وخالدة. اليوم في يد الشخص البسيط كاميرا توثق الصوت والصورة بأعلى جودة، ومساحة كتابة غير محدودة، وآلية تواصل مع الجمهور تتجاوز في بعض أحيان توزيع أعلى صحيفة عرفها العالم! اليوم أصبح المواطن البسيط قادرا على إيصال صوته لشريحة متابعين مهولة وفي ظرف ثوان معدودة. اليوم وعن طريق ضغطة زر واحدة بالإمكان نقل الخبر أو المعلومة لتصبح قضية رأي عام أسرع بكثير مما قد تتمكن منه الصحف، خصوصاً مع أرقام توزيعها المستمرة في الانخفاض بشكل مرعب. صحيح أن هذا الأمر يعيد للمواطن تسجيل دوره كرجل أمن أول ذي حس ومسؤولية. بمعنى آخر، أن يكون كل مستخدم للإعلام الجديد (خصوصاً طبقة الهوامير!) يمارس ماهو أشبه بدور رئيس التحرير، لكن ذلك يعني أيضاً أن عين الصحافة حاضرة موجودة في كل موقف وكل حدث وكل مناسبة، كأكبر تغطية صحفية عرفها العالم، ولكل حدث! اليوم أصبحت السلطة الرابعة موجودة بشكل لم يسبق له مثيل، وفي أمواج متدفقة كالطوفان، لا يمكن إلا التماشي معها والتوعية بآليات استخدامها والوعي بدورها وقوة تأثيرها الحتمية.. و«غلطان يا معاند بحر»!