لا شك أن الإعلام يلعب دوراً مهماً في حياة الشعوب، لا سيما وأنه كان يطلق عليه السلطة الرابعة، والسلطات في معظم دول العالم في الوقت الحالي تتكون من ثلاث سلطات، السلطة القضائية والسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، وقد أطلق على الإعلام هذا المسمى نظراً للقوة التي يتمتع بها!! فما يشهده الإعلام اليوم من بروز ل (الانترنت) يعد نقلة نوعية في تاريخ البشرية من الهرمية إلى الشبكية، حيث تم الجمع ما بين الاتصال الجماهيري، والشخصي والاتصال عبر الحاسبات، وأوجد التحول من مفهوم الإعلام إلى مفهوم الاتصال، فأصبحت عملية تناقل المعلومات، عملية تبادل واشتراك في الأدوار بين المرسل والمستقبل، وأصبح العالم اليوم أمام جمهور أكثر نشاطاً، وقدرة على التمييز والاختيار، وأصبح العالم أشبه ما يكون بالقرية الالكترونية، في ثورة معلوماتية كالسيل الجارف!! فأصبح العالم بين يديك تديره من خلال زر صغير يجعلك تطلع على هذا، وتناقش ذاك!! وتحادث آخر، في تفاعل مستمر وآني بين المرسل والمستقبل وبلا حدود أو حواجز، فما وصلت إليه الثورة المعلوماتية في هذا العصر لم تصل إليه البشرية في وقت مضى، وسيأتي وقت بإذن الله تكون فيه هذه التقنية قديمة، وستحل محلها تقنية أحدث وأسرع وأقصر في الوقت والزمن!! وقد تنبه اليهود منذ عقود من الزمن إلى خطورة الإعلام وما يفعله من تغيير في توجهات الشعوب، واستحواذ على أفكارهم، وغسل أدمغتهم، وبث ما يريدون من خلال وسائل الإعلام، فلم يعد بوسع الدول المتقدمة أن تدخل لبلدان تريد الهيمنة عليها بالمدفع والصاروخ والدبابة، ولكنها ستبث ما تريد من خلال الإعلام الموجه، فسارعوا إلى سباق محموم للاستحواذ على وسائل الإعلام، وقد نجحوا في ذلك ومن خلال دول كبرى أصبحت رائدة للإعلام!! فأصبح هناك إعلام دخيل موجه لدول مقصودة لتغيير سياساتها الداخلية، وإقناع شعوبها بما يريد، في تشويه للحقائق، ومحاولة منه لضرب الشعوب بحكومتها، لكي يحدث خلخلة وفجوة بينها وبين قيادتها، في ظاهرة قد يطلق عليهاك (السباق المحموم في تسييس الشوب)، لتكون تلك الشعوب تابعة لذلك الإعلام الموجه المغرض والدول التي يعمل هو ضمن منظومتها، ليس لأنه الأوحد بل لأنه المهيمن!! متناسياً أهداف ومقومات الإعلام المبنية على الحقيقة والصدق والدقة في نقل المعلومة!! إن ما يفعله الإعلام الآخر ضرب من التدخل السافر في شؤون الشعوب والبلدان، مستخدماً في ذلك قوته وهيمنته إعلامياً على جميع الأصعدة، وإلا لما شاهدنا ما يحصل من قلاقل في بلدان عربية وإسلامية، توشك أن تقع في حروب أهلية داخلية تأكل الأخضر واليابس، وتحصد ما أدخرته تلك البلدان في عقود من الزمان في أيام معدودات!! وإذا رأينا ما يفعله الإعلام العربي والإسلامي اليوم نجد بأنه يتخبط في آليته التي ينتهجها، ويدور في حلقة مفرغة، مفتقراً إلى التركيز في الأساليب التي ينتهجها الإعلام الآخر!! فهو لم يقم بدور فعال في مواجهة الطرف الآخر. إن على الإعلام العربي والإسلامي مهمة صعبة جداً، ولذلك يجب عليه أن يكثف جهوده في تحصين هذه الشعوب ضد ما يبثه الإعلام الآخر من سموم، كما يجب على الإعلام بأن يكشف البرامج واللقاءات، في تعزيز المواطنة لدى هذه الشعوب، فمتى تعزز مفهوم المواطنة الحقيقية لدى المواطن كان ذلك أدعى لعدم الانجراف في غمار تيارات الإعلام الآخر والارتماء في أحضانه وضمان عن التبعية له!! لذلك على الدول العربية والإسلامية أن تتدارك نفسها لتكرس جهودها مجتمعة في إيجاد عمل مؤسساتي في وضع استراتيجية للتناغم مع الإعلام الآخر، والتواكب معه، أو على الأقل الحد من سيره، وسد ذلك المجرى المتدفق كالطوفان!! فإذا كان الطرف الآخر يقدم بضاعته المزجاة فتتلقفها الشعوب، فعلينا أن نعرض ما نستطيع مما هو موجود لدينا من بضاعة لنحقق ولو جزءاً من تلك المعادلة الصعبة!! دمتم بكل خير ومحبة.