منذ فجر التاريخ والجزيرة العربية تنعم بالأمن والارستقرار وحُسن الجوار.. منذ القديم والمملكة العربية السعودية تجمعها باليمن الشقيق أواصرالأخوة والتعاون والإخاء، والذي بين الشعبين السعودي اليمني علاقات تاريخية عريقة توطدت أمشاجها عبر الزمن، كان أساسها الألفة والمحبة والتراحم. لا تخلو العلاقات من هذا النوع مما يعكر صفوها ويحيك المؤامرات للتأثير عليها، ولا يخلو التاريخ من أحداث أضرت بالعلاقات والاتفاقيات، مهما كانت حميمية أو متينة، وما أكثر المتآمرين والأعداء الذين لا يريدون الأمن والاستقرار والرخاء لهذه المنطقة، وقد امتلأت قلوبهم بالحقد والحسد، والأطماع. وقد عكرت صفو العلاقة بين البلدين، أحداث ومعارك، كانت المملكة تهب فيها لصد عدوان أو دعم للأخوة الأشقاء في اليمن، ولم تكن المملكة لتشن حربها على اليمن، وإنما هب الخليج بأكمله لتلبية نداء الشعب اليمني وحكومته الشرعية فانطلقت عاصفة الحزم بدعم عربي وإجماع خليجي لنجدة اليمن، للتصدي للمخاطر التي تهدد اليمن ومنطقة الخليج، بدافع الغيرة والحمية. هبت عاصفة الحزم لتكون حرباً على العصابات الحوثية المتمردة، التي تبيت في كل مرة عدوانها على المملكة واليمن مدفوعة بدعم خارجي، والتاريخ يعيد نفسه، إذ إن الصراع مع القوى الرافضة التي تسعى للنيل من أمن الجزيرة العربية بدأ قبل 46 عاماً، حين شهدت قرية الوديعة السعودية، اعتداءً همجياً آثماً كان سبباً في اشتعال أزمة سياسية بين المملكة واليمن. فقد تعرضت «الوديعة» وهي قرية سعودية تقع في الطرف الجنوبي من صحراء الربع الخالي، لهجوم من قبل وحدات من الجيش اليمني على مركز الوديعة السعودي على الحدود مع اليمن الجنوبي عام 1969م، لكن الجيش السعودي تصدى للعدوان بقوة، وتدخلت القوات الجوية السعودية وحسمت المعركة، وتكبدت القوى الغاشمة خسائر فادحة في الأرواح والمعدات. منذ عقود والمملكة تحاول تأمين حدودها الجنوبية. وقد باءت بالفشل كل المحاولات التي كانت تسعى للتأثير على علاقة المملكة باليمن بمواقف سياسية، ومناوشات عسكرية، وخلافات لا تخلو منها أية علاقات بين الدول، وهي التي ساهمت في بناء اليمن، واليمن حكومة وشعباً يدينون للشقيقة الكبرى بكثير لوقوفها إلى جانبهم والمشاركة في بناء نهضة اليمن وتنميته وحضارته، وكان أثر ذلك واضحاً وجلياً اقتصادياً وتعليمياً واجتماعياً وسياسياً. شهدت العلاقات السياسية اليمنية السعودية تطوراً ملحوظاً، بعد توقيع اتفاقية جدة لترسيم الحدود عام 2000م، وطويت بعدها صفحة الخلاقات وبدأت العلاقة بين البلدين مرحلة جديدة. ومتنامية، وقامت المملكة خلالها بدور مهم في التسوية السياسية اليمنية، والثورة على نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح عام 2011م، كما عملت على توقيع ما عرف بالمبادرة الخليجية، في الرياض خلال العام نفسه. بعد اضطرابات اليوم وسيطرة العصابات الحوثية على اليمن وتشكيلهم خطراً رئيساً على الحدود السعودية، وها هي المملكة اليوم تقود تحالفاً عربياً خليجياً لإنقاذ الشرعية في اليمن والقضاء على المخطط الفارسي في المنطقة، حيث انطلقت فجر يوم الخميس الماضي عملية «عاصفة الحزم» لضرب العصابات الحوثية، التي حولت اليمن إلى بؤر وخلايا للإرهاب والمليشيات المخربة، وقد اتضحت نياتهم التي لا تهدد وحدة اليمن وأمن شعبه فحسب، بل وتهدد المنطقة بأكملها، وكما أعلن نص بيان مجلس التعاون الخليجي قوله إن عاصفة الحزم -التي أيدتها قمة العرب الأخيرة في شرم الشيخ- انطلقت «استجابة لطلب الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية لحماية اليمن وشعبه العزيز من عدوان المليشيات الحوثية التي كانت ولا تزال أداة في يد قوى خارجية لم تكف عن العبث بأمن واستقرار اليمن الشقيق».