حقق التليفزيون السعودي عدداً من النجاحات في تقديم بعض المواد التليفزيونية المميزة، التي ساعدت في بناء أجيال تربت على شاشته، إلا أن عدم استمرارها، وتهميشها سبَّب إحباطاً ملحوظاً للمنتجين، والعاملين في المجال الإعلامي، والتليفزيوني، ومن أمثلة ذلك برنامج «فن الفنانين» الذي توقف بعد دورة واحدة فقط، قدم فيها القائمون على التليفزيون حوالي 16 حلقة، وثقت بدايات الموسيقى في المملكة، واستضافت بعض الأسماء البارزة، التي واكبت تلك الفترة للحديث عنها، وعن الوقائع الفنية التي حدثت فيها، وكان البرنامج من تقديم الزميل يحيى زريقان. وهناك أمثلة أخرى لبرامج كثيرة حققت نجاحاً كبيراً، ولم تكمل نشاطها لأسباب غير معروفة، ومختلفة. من جانبه أكد المسرحي عبدالرحمن الحمد قائلاً: في الحقيقة يفتقر التليفزيون إلى البرامج الفنية الحقيقية، التي تهتم بالتراث الفني السعودي، وبدعم الموسيقى بشكل عام، فمثلاً لو تحدثناً عن برنامج «فن الفنانين» كمثال، وليس على سبيل الحصر، فقد استطاع البرنامج تسليط الضوء على موسيقيين سعوديين كان لهم دور بارز في إثراء الموسيقى المحلية منهم طارق عبدالحكيم، ومحمد السندي، وفوزي محسون، وسعد إبراهيم، وعبدالله محمد، وسراج عمر، وفي الحقيقة قد أثلج صدري ما شاهدته من حلقات البرنامج لما رأيته من توثيق لمسيرتهم، وتوضيح لما قدموه للجيل الجديد». واستطرد الحمد قائلاً: أتمنى أن تخرج للنور فكرة الموسيقي حمد السنان، الذي نادى بها منذ زمن، وهو إنشاء جمعية خاصة للموسيقيين السعوديين، تُسجل بشكل رسمي، وترعى هؤلاء الفنانين سواء من الجيل السابق، أو الجيل الجديد، وتكون مثل نقابة للموسيقيين، تنشئ لهم صندوقاً تقاعدياً، وصندوق مساعدات، وتوفر لهم التأمين الصحي، فبعض الفنانين ظروفهم صعبة. لقد توقف الحلم، وأتمنى عودة مثل هذه البرامج، التي توثق، وتؤكد أننا لا ننسى أبناءنا، ومبدعينا. أما الفنان يوسف العلي فقال: في الحقيقة لا توجد أي برامج فنية تهتم بالفن، والموسيقى بشكل حقيقي في التليفزيون السعودي، وأتمنى وجودها فعلاً، وهي ضرورية، كما أتمنى أن يبحث القائمون على التليفزيون عن أساليب جديدة في الاهتمام بالموروث السعودي». وأضاف العلي متسائلاً: أين الموروث الوطني في القنوات السعودية، يجب أن يهتم القائمون عليه في إعادته، فقد أصبحت كل الأغاني الحالية «هابطة»، وضاعت المقامات، وأصبحت مقامات مثل «السيكا»، و»الرست» من الماضي، ولم تعد موجودة، فالفنانون الآن يعتمدون على مقامات «النهاوند»، و»العجم»، و»الكورد»، ولم يعد هناك اهتمام بالموسيقى الحقيقية، وفي اعتقادي لابد من توجه التليفزيون السعودي إلى رعاية الأغاني الشعبية مثل السامريات، والخبيتي، والبحري، بغية توثيقها، فبعض ألواننا الغنائية، وموسيقانا، مع الأسف، تؤخذ منا، وتنسب إلى غيرنا، ونحن أولى بها، ويجب أن يُجدَّد بعض منها، ويُسجل بأصوات شبابية كي يعرف الجيل الجديد أن هذه الأغاني هي الأصل، وليس تلك الأغاني الهابطة، التي انتشرت حالياً. من جانب آخر أوضح الملحن محمد الفرج قائلاً: شخصياً أتمنى أن يهتم التليفزيون السعودي بشكل أكبر بالبرامج الموسيقية المتخصصة، وأن يسجلها للحفاظ عليها، وتوثيقها، كما أتمنى إعطاء المجال للموسيقيين، وفتح أبواب المشاركة لهم في هذه البرامج، التي تهتم بالموروث الشعبي، والموسيقي، وإذا كانت الأسباب المادية خلف ابتعاد الفنانين، والموسيقيين، والمعدِّين عنها، فيجب على التليفزيون أن يعمل على معالجة ذلك، لتعود البرامج المميزة إلى التليفزيون السعودي. ويضيف الفرج: لو نظرنا إلى حال الفن في الخليج لوجدنا أن أكثر الفنانين الكبار على مستوى الخليج، وأيضاً على المستوى العربي، هم سعوديون، لذلك يستطيع التليفزيون، في اعتقادي، أن «يستخرج الإبداع» من كل منطقة في المملكة، وبذلك يستطيع عمل برامج، وتقارير مختلفة عن الموهوبين من أبناء الوطن.