يعتبر الموظف السعودي موظفاً مكتملاً «واحد صحيح» في التأمينات الاجتماعية وفي مكتب العمل إذا كان راتبه الأدنى 3000 ريال أو أكثر، انطلاقاً من ذلك فإنَّ الأغلبية الساحقة من الشركات قد رفعت الحد الأدنى للأجور إلى 3000 ريال محاولة منها لتحقيق نسب السعودة المطلوبة، غير أن مشكلة برزت من جانبٍ آخر وهي مشكلة السعودة الوهمية التي سبق لي الحديث عنها في مقالي «أبو توقيع»، هذه السعودة -في مفهومها- عبارة عن تسجيل مجموعة من السعوديين في التأمينات ومكتب العمل كموظفين في حين أنهم يبيعون أسماءهم للشركة بهذه الأُجرة ويجلسون في بيوتهم. في اعتقادي أن فرض حدود دنيا للأجور على أساس الوظائف المختلفة ونسب سعودة خاصة بها يستطيع إلى حد ما الحد من السعودة الوهمية، مثال ذلك باختصار: المهندسون والمحاسبون والإداريون وغيرهم، فلو فُرضت مثلا نسبة 20% سعودة على إجمالي المهندسين في الشركة، بحيث تكون هذه النسبة ذات حد أدنى للراتب في التأمينات الاجتماعية فستكون السعودة هنا صعبة التلاعب بسبب ارتفاع أجر المهندس عن العامل، بمعنى أوضح: لو فُرض حد أدنى للمهندس السعودي بقيمة ثمانية آلاف ريال كما فُرضت نسبة دنيا من المهندسين السعوديين إلى إجمالي المهندسين فلن تستطيع أي شركة -إلا ما ندر- توظيف مهندس «أبو توقيع»، وكذا الحال لو فرضت نسبة سعودة في المحاسبين والإداريين وغيرهم وفُرضت حدود دنيا لأجورهم فإنَّ السعودة الوهمية ستصبح مشروعاً مُكلفاً جداً على الشركات المتلاعبة ولن تجد بداً من التوظيف الفعلي. ما يجري في الوقت الراهن هو فرض نسبة سعودة على إجمالي الموظفين، وبالنتيجة أصبحت شريحة السعوديين المستهدفة بالتوظيف هي الشريحة العمالية التي تقبل بأجور ضعيفة أو بسعودة وهمية، أما الوظائف ذات القيمة المهمة من مهندسين وإداريين ومحاسبين فإنها وظائف شبه محتكرة من غيرهم أو يمثلون فيها نسباً عالية، أستطيع أن أصف نسبة من الشركات السعودية الآن بأنَّها منظمات يمثل لها السعودي صفراً على الشمال، السعودي الذي بذلت الدولة كثيراً من الجهد والمال لابتعاثه إلى أفضل جامعات العالم وربما أصبح من الناحية العلمية لا يضاهيه كثير من موظفي الجنسيات الأخرى يُركن جانباً ليحل عوضاً عنه موظف أقل منه بكثير أو ربما بالحد الأدنى يساويه، كل ذلك لأسباب ربما تتذرع الشركات باعتبار التكلفة من أهمها، غير أن تكلفة الموظف غير السعودي لا سيما في الوظائف ذات القيمة لا تقل في أغلب الأحيان عن السعودي وربما تزيد، هذا فضلاً عن أن الشركة مُلزمة قانوناً بمنحه سكناً وتذاكر سفر وإقامة وتأشيرات سفر وربما بدل تعليم وسلسلة من المميزات التي قد يتحسَّر على بعضها الموظف السعودي. إنَّ إدارات بعض الشركات السعودية تستطيع بما لديها من ذكاء ابتكار كثير من السبل لمخالفة القانون، وما لم يملك مكتب العمل السعودي ذات السرعة في تطوير آلياته وقوانينه فستبوء كافة محاولاته بالفشل وسيبقى السعودي عاطلاً رغم ما لديه من علم ومهارة ويصبح غيره مستحوذاً على أفضل الوظائف وآمراً ناهياً وهو لا يملك من العلم في كثيرٍ من الأحيان ما يداني به السعودي.