لا أعلم متى سيدفع احساس وزارة العمل بتعقيدات سعودة بعض الأنشطة والتي حددتها بالنقل البري و البحري و المقاولات و الصياغة و النظافة والزراعة وغيرها، إلى فتح الباب لإجراء دراسات جادة للوصول لصيغ جديدة في معالجة هذه القضية. فإذا كانت السعودة صعبة في فئة العمالة في شركات المقاولات مثلاً وهم الأكثر عدداً فما الذي يمنع من أن يحتسب مقابل كل سعودي مبلغ معين يدفع شهرياً مع إلتزام الشركات بالسعودة في الوظائف الإدارية أو العليا، وهو ما يمكن أن يحقق ملاءمة بين بيئة وظروف ومداخيل بعض الوظائف في الأنشطة المذكورة مع طبيعة و تأهيل وقدرات الشاب السعودي. ثم تصرف هذه الأموال إما لإنشاء مشاريع حضارية كبرى توظف السعوديين أو تصرف على تطوير مهارات العاطلين عن العمل و ابتعاثهم بدلاً من تحفيزهم نحو الركون و النوم في المنازل من خلال برنامج حافز. أما أن تطلب وزارة العمل من الشركات سعودة مئات الوظائف الدنيا ضعيفة الأجر، ثم تدفع ضريبة التدوير السريع والمكلف فضلاً عن تكاليف التأهيل و التدريب ، ثم تدفع مبلغ 2400 ريال عن العامل الأجنبي ليسهم ذلك في زيادة التضخم شيء غريب، فهذه معادلة الكل فيها خاسر، فالشركة تدفع مبالغ لا تستفيد منها، والمواطن لا يلبث أن يتسرب من عمله ، والمواطن يتضرر من التضخم. ولعلي أرفع إلى وزير العمل مقترحاً بدراسة التدوير في بعض الوظائف كي لا يكتفي بالنظر من منظار نطاقات فقط، فكثير من الشباب يعمل في مهن غير ملائمة لطبيعته وتأهيله بصفة مؤقتة لحين إيجاد حل بديل، ولو اختصرنا الطريق له إذا كانت فكرة تقدمت بها شركة تواجه الأمرين في السعودة ربما تفتح آفاقا جديدة في التعامل مع ملف البطالة، فكيف لو شاركت آلاف الشركات والمؤسسات في توفير أفكار جديدة للسعودة طالما أصبحت مرغمة على دفع فاتورة البطالة في ضوء تشبع القطاع العام، والضغوط المادية و المعنوية التي تمارسها الجهات المعنية على القطاع الخاص بايجاد هذا الحل و توفير فرص وظيفية مناسبة له برفع نسب السعودة في أنشطة أكثر مواءمة وتخفيضها في أنشطة ووظائف بدنية مرهقة بأجر ضعيف أو الأخذ بأفكار جديدة مثل فكرة التوظيف في العمل الخيري. وإذا ما كانت هذه الفكرة بادرة قدمتها شركة وطنية بعد فشلها في تأمين نسبة السعودة المطلوبة حيث اقترحت توظيف سعوديين في جمعية خيرية بحيث تتكفل بالرواتب الخاصة بهم، وتعتبر ذلك من قبيل المساهمة الاجتماعية على أن تحسب لها في نسب السعودة، ولا تزال التوصية بدراسة تعميم هذه التجربة. هذه القصة وغيرها تدعونا للنظر في أسلوب الأوامر السلطوية والمصيرية التي تتعرض لها الشركات دون النظر لمصالحها ومصالح المجتمع على حد سواء، لماذا لا يتم طرح استفتاء لكافة الجهات التي لديها سجل تجاري أو اشتراك ساري المفعول في الغرف التجارية و برعاية من الغرف أيضاً لأخذ الاقتراحات التي من الممكن أن تقدم للوزارة حلولاً أو رؤى جديدة حول السعودة والتعامل مع وظائف السعوديين. وإذا كانت فكرة تقدمت بها شركة تواجه الأمرين في السعودة ربما تفتح آفاقا جديدة في التعامل مع ملف البطالة، فكيف لو شاركت آلاف الشركات والمؤسسات في توفير أفكار جديدة للسعودة طالما أصبحت مرغمة على دفع فاتورة البطالة في ضوء تشبع القطاع العام، والضغوط المادية و المعنوية التي تمارسها الجهات المعنية على القطاع الخاص لإضافة أرقام في خانة السعوديين ولو بتوظيفهم برواتب متدنية وظروف صعبة. وبمناسبة الإشارة لفكرة التوظيف في العمل الخيري والتي تزاوج ما بين هدفين اجتماعيين هما دعم العمل غير الربحي التطوعي أو الخيري من جهة وتوظيف الشباب السعودي بوظيفة حقيقية منتجة ، أستغرب التأخر في إتاحة هذا الخيار وهو أفضل بكثير من لجوء بعض المؤسسات الاقتصادية للتحايل على السعودة إما بالتوظيف الوهمي كما حصل من توظيف أكثر من 47 ألف عسكري أو حتى ممارسة التدوير المستمر في الوظائف الدنيا وفق الحد الأدنى من الأجور. ونظراً لصعوبة تكييف وضع الموظف ومرجعيته وحقوقه والترقيات الخاصة به أو تضارب المصالح لخضوع بعض الجمعيات لنطاقات فإن تقدير مبلغ ودفعه كإعانة مباشرة للجهات غير الربحية مقابل توظيف عدد محدد من السعوديين أو حتى اخضاعهم لدورات تدريبية ممتدة لتأهيلهم للعمل في القطاع الخاص أمر منطقي قد يحد من التلاعب في نسب السعودة من جهة ويقلل من فرص توظيف السعوديين في وظائف لا تلائم تأهيلهم وقدراتهم وتركيبتهم الجسمانية والنفسية والاجتماعية. وعلى كل حال فإن تعقيدات ملف السعودة في الوضع الراهن تحتم على الوزارة أن تكون أكثر مرونة بل وحرصاُ على استقبال الأفكار الجديدة والمبادرات للوصول لأهداف السعودة الممكنة والحقيقية بعيداً عن تدوير السعوديين في وظائف العمالة لتحقيق اللون الأخضر في نطاقات ..تحياتي،،. Twitter: @mesharyafaliq