بعد دمج وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي في جهة واحدة ليصبح اسمها وزارة التعليم، تناول عديد من الكتاب والتربويين أهمية القرار والفوائد التي ستعود على الحركة التعليمية برمتها، والمصالح التي ستتحقق من هذا الدمج، ومن أهمها تهيئة مخرجات التعليم العام لتتواءم مع متطلبات التعليم العالي. وباعتبار أن هذه الفوائد الكبيرة ستتحقق -إن شاء الله- في المستقبل وسيكون هناك تواؤم وتناغم بين التعليم العام والتعليم العالي، وهو ما نتمناه جميعنا أن يتحقق في المستقبل، فإنني أعتقد مثل غيري أنه لم يعد هناك حاجة لاختبارات المركز الوطني للقياس والتقويم في التعليم العالي «قياس»، وكذلك الحال بالنسبة للسنة التحضيرية في الجامعات، وهي السنة التي أضيفت على أبنائنا وبناتنا بعد دخول التعليم العالي لتأهيلهم للدراسة في الجامعات، التي بررها القائمون على التعليم العالي في وقته بسبب أن مخرجات التعليم العام لا تتناسب في بعض جوانبها مع التعليم العالي. والآن وبعد دمج الوزارتين في وزارة واحدة وأن التعليم سيكون متناغماً مع بعضه بعضاً أصبحت الحاجة للسنة التحضيرية شبه منعدمة لأن المسؤول عن مخرجات التعليم العام هي الجهة نفسها المسؤولة عن التعليم العالي وبإمكانها أن تجعل السنة الأخيرة من التعليم العام «الثالث الثانوي» بمنزلة السنة التحضيرية للتعليم الجامعي بدلاً من إضافة سنة كاملة من حساب أعمار أبنائنا وبناتنا. وكذلك الحال بالنسبة لاختبارات «قياس»، التي وضعت في الأساس للتأكد من أهلية الطلبة والطالبات للدرجات التي حصلوا عليها في التعليم العام، على اعتبار أن بعض المدارس تمنح درجات أعلى من الواقع، ولذلك فأرى كما يرى غيري أيضاً من المتابعين لهذه الخطوة الجديدة، التي نتمنى أن تحقق أهدافها، أنه من الأفضل العودة إلى الاختبارات العامة الموحدة لطلبة وطالبات الثانوية التي ستكون من خلال وزارة التعليم لتكون الدرجات المتحققة في المجموع العام نتائج حقيقية، وبما أن مركز «قياس» قد أصبح واقعاً ولديه تجربة جيدة في اختبارات القياس فيمكن أن يستفاد منه في الاسترشاد بمعرفة كوامن الخلل لدى الطلبة ومواطن الضعف لدى الطالب والمواد التعليمية التي لم يُجدها بشكل تام، وأن تكون اختبارات «قياس» في بداية العام للسنة الثالثة من المرحلة الثانوية وليس عند قرب نهايتها لمساعدة الطلبة في المواد التي لديهم فيها نوع من التقصير قبل الاختبارات النهائية التي تضعها الوزارة، من خلال الحصص الإضافية أو فصول للتقوية، وبهذه الطريقة كما يقول المثل «لا يموت الذيب ولا تفنى الغنم». وبكل تأكيد أن الهدف من مشروع مركز قياس والسنة التحضيرية في الجامعات كان لتطوير التعليم وليس هناك خلاف أن التطوير شيء جيد لكن التعجيز وإحباط النشء بسبب كثرة الحواجز التي وضعتها تلك الإجراءات أمامهم دون تحقيق أحلامهم في دخول التخصصات التي يرغبون في دراستها يستوجب إعادة النظر فيها، فكثير من الطلبة أصبح يعاني من تلك الحواجز، فإن تجاوز مشكلة النسبة المئوية لم يسلم من نتائج قياس وإذا تجاوز قياس قد لا يتجاوز السنة التحضيرية وإذا تجاوز الجميع قد لا يجد له فرصة للعمل، فكيف نتوقع لمثل من يعاني من كل هذه المعوقات والتحديات أن ينظر بروح التفاؤل والأمل للمستقبل.