اعتبر خطيب المسجد الحرام في مكةالمكرمة، الشيخ الدكتور صالح آل طالب، أن أبلغ العزاء في فقيد المملكة، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أنَّ خلفه خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، كبيرٌ في نفسه ونفوس شعبه، ووصفه ب «سلمان الفأل والسلامة»، سائلاً الله تعالى أن «يسلِّمه ويحفظه ويأخذ بيده في دروب التوفيق ويسهل له كل أمر ويطوِّع له كل صعب». وقال الشيخ آل طالب، في خطبة الجمعة أمس، إن البلاد وهي تُلقِي بمقاليد الرئاسة إلى الملك سلمان بن عبدالعزيز وتتوِّجه بتاج الملك؛ تستحضر تاريخه الطويل في القيادة والحكم والعزم والحزم وتتفاءل بمستقبل نيِّر وقادم يتضمن كما عوَّدها إجلالاً للشرع وحملته وحفظاً للشريعة وحماية جنباتها ودفعاً لعجلة التنمية والتطوير في جميع المناحي وقيادةً لسفينة البلاد في تلك الظروف المعقدة المحيطة. وأضاف «فحُقَّ له (الملك سلمان) أن نبايعه على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره والعسر واليسر وحق له أن ننصح له ونعينه وأن تلتف الرعية حوله خصوصاً العلماء والأمراء والكبراء في تلاحم يغيظ العدو ويكبد الشامت ويخلف ظنون المرجفين الذين ما فتئوا أن يزايدوا على كل موقف ويراهنون على كل حدث»، لافتاً إلى أن «من بركة الشريعة اجتماع الكلمة والتوافق في الأمر، وإذا بايع أهل العقد والحل حاكما انعقد له الأمر ووجب على الجميع طاعته بالمعروف ويكفي في البيعة انعقاد القلب بها وقبول النفس بالحاكم والرضا به وذلك لمن لم تتيسر له البيعة المباشرة». في الوقت نفسه، أكد آل طالب أن «هذه البلاد لا يوهنها فقدُ القادة وإن جلّوا ولا يضرّها رحيل الملوك وإن عظموا، فإن سر قوتها ومدد بقائها هو منهجها وشريعتها التي تطبقها وتحكِّمها»، محذراً المسلمين عموماً وشعب المملكة خصوصاً من أنه «كلما عَظم الحدث ثارت حوله الأقاويل والتكهنات وصارت خلفه الأكاذيب وبُثَّت الإشاعات التي هي سلاح العدو منذ القرون السالفات، فاحذروا أن تعينوا العدو على أنفسكم وتؤتونهم مهلة النيل منكم بأيديكم خصوصاً مع سهولة تناقل الأخبار في هذه الأوقات، فإن لكم أعداء هذا سلاحهم فلتكن أجهزتكم مدفناً لمثل هذه الإشاعات والأقاويل». وتحدَّث خطيب المسجد الحرام عن تاريخ المملكة ملاحظاً «أنه منذ ثلاثة قرون وحين مُكِّن لهذه الأسرة الحاكمة الكريمة على هذه الأرض الطيبة المملكة العربية السعودية؛ والحكام والأمراء منها يتعاقبون في الحكم والقيام بمسؤولياته، ما غاب منهم سيد إلا قام سيد آخر». وتابع «حين وُلِدَت هذه البلاد وُلِدَت واقفة وسرعان ما أصبحت شاباً ولم تزل، ولم يكن لهذا أن يستمر ويكون لولا توفيق الله تعالى وإرادته الخير لهذه البلاد وشعبها الذين هم معدن العرب ومادة الإسلام»، مذكِّراً ب «أن النهج الذي صارت عليه هذه البلاد والبناء الذي أُسِّسَت به؛ كان على تقوى من الله واتباعٍ لرسول الله وإعلاءٍ لشريعة الله وبسطاً لكلمته، وستبقى ما بقيت على هذا النهج وستدوم ما دامت محافظة على هذا الأساس، ومن جميل الحال وحسن التوفيق أن الملوك والأمراء من ذهب منهم إلى رحمة الله ومن بقي محفوفا برعاية الله واعون لهذه الحقيقة مدركون لهذا الأمر زادهم الله ثباتاً وتوفيقاً». وتأسَّف آل طالب لفقد العرب والمسلمين والأمم والدول للملك عبدالله بن عبدالعزيز وهيبته وحزمه في المواقف والأزمات. إلا أنه رأى أن «عزاءَنا في أثره الخالد وتركته الباقية وأعماله الشاهدة، تشهد بذلك مآذن المسجد الحرام وسواريه ومطاف الكعبة الشريفة وأروقة الصلاة ومباني مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وساحاته، وتعترف بفضله حدود البلاد التي أمَّنها بعون الله وأرجاء الدولة التي نماها وأصلحها بتوفيق الله، والتعليم الذي أعلى من شأنه، وصروح الصحة التي شادها»، واصفاً الفقيد بأنه كان «قائداً وحاكماً لبلد وإماماً وملكاً لدولة ورمزاً لأمة». وفي المدينةالمنورة، أكد خطيب المسجد النبوي، الشيخ عبدالمحسن القاسم، أن البيعة الشرعية للملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير مقرن بن عبدالعزيز اتسمت بالود والألفة والدعاء ونبعت من الكتاب والسنة، داعياً المولى عز وجل أن يوفق الملك وولي العهد لما فيه عز الإسلام والمسلمين وأن يعلي بهما الدين وأن يوفقهما لما يحب ويرضى وأن يجعل بلادنا بلاد أمن وأمان وإيمان وخير واستقرار ورخاء. وقال الشيخ القاسم، في خطبة الجمعة أمس، إن من حقوق الراعي على الرعية السمع له والطاعة في غير معصية والنصيحة له والدعاء. وتذكَّر الخطيب أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله كان «رؤوفاً رحيماً برعيته عاش على فطرته بصفاء القلب ونقاء السريرة ونقاء الصدر، أحبه رعيته فأحبوه فكان من خيار الولاة» و«فقده كان أمراً جللاً وخطباً جسيماً ونبأً عظيماً». وأضاف «كان زعيماً فذاً من عظماء القادة، اتخذ الكتاب والسنة نبراساً له في شؤونه وبسط حكم الشريعة على بلاد الحرمين، ملكٌ معتز بدينه أظهر شعائر الإسلام وحمل لواء التوحيد ونبذ الشرك والبدع والخرافات، أخذ على عاتقه خدمة الإسلام فبنى في بيت الله الحرام وفي مسجد نبيه عليه السلام أعظم بناية في التاريخ، وهب كتاب الله العزيز للملايين من المسلمين ليتلوه في الآفاق، سعى بكل طريق إلى ألفة المسلمين واتفاقهم، وفيما عصفت أمواج الفتن على بلدان حوله سار بالبلاد بتأييدٍ من الله له ثم بحكمته وبحنكته إلى الأمن والأمان والرخاء». ودعا القاسم المولى عز وجل أن «يرحم فقيد هذه الأمة، وأن يرفع درجته في عليين ويلحقه بصالح سلف المؤمنين ويحشره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة».