الهدف من إقامة الأعراس هو جمع أقارب وأصدقاء أسرة العروسين، وتعارفهم في جو يشيع فيه الفرح والسرور، لكن هذه المناسبة الاجتماعية شوهتها المفاخرة والتباهي بالإسراف في تكاليف الزواج، وتحول جو البهجة فيها إلى جو معارك وخلافات بفضل قصائد الشعراء المدعوين لها. يعتلي المنبر شاب صغير السن فلا يجد من مواضيع الشعر إلا استرجاع معارك وحروب لم يشهدها لا هو ولا والده، مادحاً قبيلته أو قبيلة الممدوح بانتصارات وقت السلب والنهب، انتهت منذ عشرات السنين بعد توحيد المملكة، وفرض النظام والقانون فيها على الجميع. يقرأ الشاعر قصيدته من هاتفه الذكي في القرن العشرين ويتحدث بلسان القرن الماضي، ويعيش ومن يستمع له من الحضور في جو غبار المعارك والغزوات والسبي والسلب. وفي نهاية حفل الزواج تقام قلطة أو عرضة يتبادل فيها بعض الشعراء اللمز والهمز، والتفاخر حول أي قبيلتيهما أو فخذيهما أقوى في النزال والقتال. مثل هذه العقلية الاجتماعية هي المسؤولة مع عوامل أخرى عن الاحتقان في المجتمع، ونزوع المتأثرين بها إلى التعصب والعنصرية، وتفضيل اللجوء إلى القوة بدل القانون لأخذ الحقوق. الأجدى نبذ هذه المواضيع، واستغلال هذا المحفل الاجتماعي خير استغلال بصناعة الفرح، ومدح وتعزيز الأخلاق الحميدة وغرس القيم النبيلة؛ لكي ينشأ جيل يعشق القيم بدل عشق العنف.