يتعمد بعض أصحاب الحفلات استغلال مناسبة الزواج وتحويلها إلى منبر شعري لتلميع العائلة وإبراز مكانتها الاجتماعية في القبيلة، وإبراز مآثرها التليدة، حتى وإن لم يكن لها إنجاز يذكر، مستغلين التواجد الغفير للمدعوين في ضرب عصفورين بحجر واحد. وتبدأ ترتيبات هذه «الحركة» بحجز قناة فضائية لتغطية الحفل البهيج ودعوة عدد من شعراء الأعراس المبرمجين على قصائد معينة لإرضاء صاحب الحفل والترفيع المقيت به طمعا في ما في جيبه، وأكثرهم (شرهة) أكثرهم تملقا ومبالغة في المديح، حسبما جرت العادة. وكانت الأمسيات الشعرية في السابق تقام في حفلات الزواج بعد تقديم وجبة العشاء للضيوف، حتى يكون لهم حرية الاستماع للشعراء حسب رغبتهم وإكرام النفس هواها. أما في هذه الحالة فإن الضيوف مجبرون على البقاء والاستماع حتى انتهاء الفقرة الشعرية المبطنة التي قدمت مبكرا لهذا الهدف، وهذا التصرف يناقض إكرام الضيوف المدعوين الذين حضروا لتقديم التهاني ومشاركة أعزائهم الأفراح، غير أنهم وجدوا أنفسهم مرغمين على الاستماع لذلك الهراء الذي يصب في آذانهم غصبا حتى أصابهم الضجر. هذا من جهة، أما من جهة أخرى فإن طلب المديح شعرا والتباهي به أمام الجمع الغفير، هو فعل قبيح ومؤشر على الشعور بالنقص، حتى وإن كان الطلب تلميحا للشعراء الذين شاركوا من أجل المادة، وقد اعترف أحدهم أنه يكتب قصيدة المدح لأكثر من واحد ويغيرها بحسب تغير اسم الداعي ويكررها في أكثر من مناسبة، ما يكشف أن أغلب القصائد ضحك على ذقون المعازيب الذين يستمتعون بالتطبيل الشعري الفارغ. كثير من العقلاء يزعجهم هذا النفاق الاجتماعي ويخشون من أن يتحول إلى عادة دارجة في ظل إغراء الضوء الإعلامي الذي جعل البعض يستحسن اللامقبول على مضض حبا في الظهور والتباهي ومجاراة الآخرين الذين بدؤوا قبله، ويجد العذر لنفسه في ذلك بينما هو يشكل درجة في رفع الوتيرة لهذه الظاهرة التي قد تجبر الكثير على العزوف عن حضور مناسبات الزواج التي يستغلها أصحابها لتحقيق غايات أخرى غير مستساغة وخارجة عن الذوق العام.