يعتبر التدريب من الوسائل الأساسية لتطوير الموارد البشرية وزيادة كفاءتها، ويشكّلُ المهندسون جزءاً مهماً ومؤثراً من هذه الموارد، لما لهم من دور كبير في دفع عجلة التنمية، من خلال علاقتهم الوثيقة بتخطيط ودراسة وتنفيذ مجمل أنواع المشاريع، التي تشكل تكاليفها جزءاً رئيساً من موازنة الدولة، خاصة في ظل الطفره التي تحظى بها مملكتنا الحبيبة ولله الحمد. من هذا المنطلق كان لا بد من التخطيط لوضع منهجية واستراتيجية شاملة لتدريب المهندسين في المملكة، سواءً كانوا يعملون في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، بالاستناد إلى أسس علمية وممارسات احترافية. وما يساعد على ذلك وجود الوعي لدى معظم القيادات العليا في مختلف الجهات الحكومية وغير الحكومية، التي لها علاقة بمهنة الهندسة بحقيقة أهمية التدريب الهندسي في تحسين الأداء، وزيادة جودة المشاريع المنفذة، وبالتالي تقليل تكاليفها. حيث تأتي أهمية التدريب بشكل عام والتدريب الهندسي بشكل خاص لعدة أسباب، أهمها ظهور معارف جديدة ومتغيرة، وظهور تقنيات ومهارات جديدة، وتعقّد أنظمة المشاريع الحديثة، وأيضاً الطلب الشديد على المهندسين أصحاب الخبرات الكبيرة والمهارات العالية. بالإضافة إلى عدد من الأسباب الأخرى المتعلقة باحتياجات السوق، واقتصار المناهج الجامعية على المعلومات النظرية. لذلك كثرت في الآونة الأخيرة المعاهد التي تعرض تنظيم دورات هندسية، على الرغم من أن معظم هذه المعاهد لا يمكن وصفها إلا «بالدكاكين» التدريبية، حيث إن معظم الحقائب التدريبية التي يعرضونها غير متخصصة وغير معتمدة، نظراً لكون تركيز المعهد منصب على الربح المادي بغض النظر عن المحتوى العلمي للدورة. وهنا يأتي دور الهيئة السعودية للمهندسين في ضبط هذا «الحراج» التدريبي، والاضطلاع بدورها ومسؤولياتها في تنظيم عملية تدريب المهندسين، سواءً عن طريقها مباشرةً أو عن طريق مراكز تدريب «محترمة» ومعتمدة من الهيئة نفسها. بل إن أحد المعاهد الحكومية المتخصصة في التدريب الإداري تقوم بتقديم دورات هندسية!! وللأسف يضطر عدد من المهندسين الحكوميين للانخراط في هذه الدورات غير المجدية علمياً، فقط للحصول على نقاط تؤهلهم للترقية في وظائفهم. علماً بأن الفقرة الرابعة من الماده الثانية من نظام الهيئة السعودية للمهندسين الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/36 في 1423/9/26 ه، نصت فيما يتعلق بالنهوض بمهنة الهندسة وتطويرها ورفع مستوى العاملين بها بما يلي: «تنظيم الدورات وإقامة المؤتمرات والندوات والمعارض ذات العلاقة بالمهنة والمشاركة فيها». ومن هنا يتبين أهمية الدور الذي يجب أن تقوم به الهيئة في توفير دورات هندسية متخصصة برسوم رمزية «إن لم تكن مجانية»، بالإضافة إلى تنظيم المؤتمرات والملتقيات الهندسية بشكل دوري. حيث إن الهدف الرئيس من التدريب هو اكتساب المعرفة والخبرة وليس جني الأموال وإرهاق جيوب المهندسين المرهقة أصلاً.