لاحظت أن نسبة كبيرة من الرجال يحملون زوجاتهم حالات الطلاق المخيفة وحالات المشكلات الزوجية الدائمة بكل ثقة وبلا خجل والعجيب أن يوجد هناك من يصدقهم ولا غرابة في هذا فالمجتمع هو من يدفعهم إلى اتهام المرأة دائماً وكذلك بوقوفه في صفهم بكل فئاته وخاصة المتشددين دينياً أو ممن يعانون من ضعف في التعليم أو فقدانه تماماً، هم يرون أن جنوح الزوج لإدمان التدخين والمخدرات وزواجه من امرأتين أو أكثر وسهره خارج المنزل وكثرة أسفاره للخارج يأتي بسبب زوجته، والرجل الكسول والمماطل وغير المنتج في عمله أيضاً السبب في ذلك زوجته. بل تعدَّى الأمر عند بعضهم أن يحملوها بكل حماقة نتائج سلوكياته غير السويّة وكأنها من ربّته، فالرجل الشرير ومن عينه زائغة والعاق لوالديه ومن يرتكب الجرائم والعلاقات غير الشرعية والكثير سببه زوجته، والكارثة أن يكون من ضمن أسباب عزوف بعض الشباب عن الزواج (زوجات تم تشويه صورهن من قبل أزواجهن في المجالس و الأماكن العامة!) حتى أصبح هذا الكائن اللطيف ألدَّ أعداء الرجل! وهنا لابد أن نوضح أنه ليس من العدل أن تتحمل المرأة وحدها سبب فشل العلاقة الزوجية أو المشكلات الدائمة بينهما، فالرجال ليسوا ملائكة والنساء لسن شياطين! وعندما نبحث في الأسباب نجد أن المجتمع قد حدَّد مسبقاً مهام الزوجة في صناعة الطعام والاهتمام بأمور المنزل ورعاية الأبناء و احتواء الزوج دون أي تقدير لإنسانيتها، ولابد أن تقوم الزوجة بكل تلك المهام على أكمل وجه ولن يتم قبول أعذارها في حالة التقصير لأي سبب كان ! بينما ذلك مرفوض وغير مقبول وعار على أن يقوم به الرجل كأن يتسلّم المهام كاملة أو يشاركها في بعضها متجاهلين أن المسؤولية مشتركة بين الزوجين وليست حصراً على طرف دون آخر وأن الزوجة كائن يحتاج إلى اهتمام و احتواء، وأن فاقد الشيء لا يعطيه وهذه هي الصورة الراسخة في عقلية الرجل السعودي تجاه المرأة ولا أحد يستطيع لومه على تلك الثقافة المتوارثة غير العادلة والقاسية جداً التي تشربتها المرأة قبل الرجل! كما أننا لا نستطيع حصر أسباب فشل العلاقة الزوجية في هذا الجانب فقط فهناك أسباب أخرى تعمل على زيادة نسبة الطلاق وانهيار العلاقة الزوجية قبل الزواج وبعده كالخلفية الاجتماعية والثقافية وطريقة الاختيار كما أنه من الصعب أن نستعرض هنا جميع العوامل التي تؤدي إلى المشكلات الدائمة في العلاقات الزوجية ولكن من خلال بحث تبيّن أن النسبة العظمى من حالات الطلاق تدور في دائرة دور المرأة البدائي الذي حدَّده لها المجتمع وهو سبب في نظر الرجال وفي نظري ليس بسبب والمرأة منه براء لسوء فهمه عند أكثر الرجال والسؤال الذي لابد أن يسأله هؤلاء لأنفسهم ماذا قدمتم لزوجاتكم مقابل ما تطالبونهن به؟ لا شيء.. وربما لم يحصلن حتى على القليل من المعاملة الحسنة والشكر. وعلى ضوء ماسبق لابد من توعية المجتمع في أفكاره ووعيه تجاه المرأة وتوعية المرأة نفسها: أن معاملة الزوج والأبناء كالملوك والزوجة خادمة لهم يحول دون أن تمارس المرأة إنسانيتها وحريتها ويحرمها كثيراً من الحقوق وأن الزواج بكل بساطة قائم على المشاركة والتبادل في العطاء والواجبات بين الزوجين.