بداية، وقبل سرد تلك الأسباب العشرة التي انتخبتها بعد فرز مضنٍ من الكثير من المسببات والدوافع التي تؤدي لحدوث الطلاق في المجتمع بهذا الشكل الكبير والمخيف، كان لابد من ذكر بعض الأرقام والاحصائيات والنسب الموثقة عن هذه الظاهرة الخطيرة التي تنخر في جسد المجتمع وتتسبب في تصدع خليته الأولى، وهي الأسرة، مما ينعكس سلباً وبشكل خطير جداً على تنمية واستقرار وتماسك الوطن. الطلاق، كظاهرة سلبية، تترك آثاراً ضارة على كل أفراد المجتمع، خاصة الأطفال والنساء، وتؤثر على سلامة وأمن ورفاهية المجتمع، بل والوطن بأكمله، بحاجة ضرورية لأن تحظى باهتمام وعناية من قبل المعنيين بهذه المشكلة المعقدة، وكذلك تحتاج إلى وجود مراكز ومؤسسات بحثية متخصصة تُعنى بدراسة وتحليل وتشخيص هذه الحالة السلبية الخطيرة التي تؤرق مجتمعنا بمختلف أفراده ومكوناته وطبقاته. وبين يدي عدة نسب واحصائيات وأرقام، كشفتها وزارة العدل والعديد من المراكز والمصادر المهمة الأخرى، تُشير وبشكل واضح ودقيق، إلى الارتفاع المجنون لمنسوب هذه الظاهرة الخطيرة. فهناك أكثر من 30 ألف حالة طلاق خلال العام الواحد، أي بمعدل 80 حالة في اليوم الواحد، وبمقدار 3 حالات في الساعة الواحدة. وقد احتلت "فئة السعودي المتزوج من سعودية" النصيب الأكبر من حالات الطلاق بين الفئات الأخرى بنسبة 90٪، بينما "فئة غير السعودي المتزوج من غير السعودية" جاءت في المرتية الثانية بنسبة 7٪، تلتها "فئة السعودي المتزوج من غير سعودية" بنسبة 2٪، وأخيراً "فئة غير السعودي المتزوج من سعودية" بنسبة 1٪. وفي آخر احصائية اصدرتها وزارة العدل على موقعها الإلكتروني، اظهرت أن هناك 33954 حالة طلاق خلال العام 2014، فيما بلغت حالات الخلع على مستوى جميع المناطق 434 إثبات خلع، بينما دخل القفص الذهبي 11817 عن الفترة الزمنية نفسها. كما أن أعداد حالات الطلاق خلال العام الحالي زادت بأكثر من 8371 حالة طلاق عن العام الماضي. وتصدرت منطقة مكةالمكرمة قائمة المناطق السعودية الأكثر إصداراً لصكوك الطلاق بإجمالي بلغ 9954 إثبات طلاق، بينما جاءت مدينة جدة على رأس قائمة أكثر المدن السعودية كافة إصداراً لإثباتات الطلاق بواقع 5306 إثباتات، تلتها العاصمة المقدسة بواقع 2326 إثبات طلاق، و1459 إثبات طلاق في الطائف، بينما توزعت بقية حالات الطلاق البالغة 863 حالة على بقية مدن ومحافظات منطقة مكةالمكرمة. الاحصائيات والنسب المرعبة لتنامي هذه الظاهرة الخطيرة كثيرة وكبيرة جداً، ويمكن اختصارها بهذه النسبة المخيفة حد الهلع، وهي أن ربع حالات الزواج التي تتم في طريقها للطلاق، وهذا مؤشر خطير جداً على بنية ووحدة وسلامة المجتمع في المملكة. والآن، إلى أهم 10 أسباب للطلاق في مجتمعنا، والتي انتخبتها نتيجة ما قرأته وسمعته وعايشته: السبب الأول، غياب الثقافة الزوجية بمختلف مستوياتها الاجتماعية والحقوقية والاقتصادية بين الزوجين الحديثين. السبب الثاني، هو الاختلاف والتباين في المستوى الثقافي والفكري والتعليمي، حيث يُشكل هذا التباين هوة واسعة، قد لا تستطيع العلاقة الزوجية تجسيرها بسهولة، فيكون الطلاق هو الحل. الخيانة الزوجية، هي السبب الثالث في زيادة منسوب الطلاق في المجتمع، لأنها تُمثل شرخاً غائراً في هذه الشراكة التي تُبنى على الأمانة والإخلاص والثقة. السبب الرابع، هو عدم التواصل والتحاور والتفاهم بين الطرفين، مما يجعل حياتهما أشبه بعالم من العزلة، فتبعد المسافات وتبدأ المشكلات وتتعقد الخلافات. أما السبب الخامس، فهو تقصير الزوجة في الواجبات المنزلية والاهتمام بالزوج، أو تقصير الزوج في تحمل المسؤولية والالتزام بالأعباء المالية، وتحت إصرار كل طرف بتوجيه الاتهام للآخر، دون مراعاة للظروف والامكانيات، يتسلل الطلاق بوجهه الخبيث للقضاء على هذه المؤسسة الإنسانية الرائعة. السبب السادس، هو سيطرة الأهل، والأم تحديداً، وتدخل الأقارب في التفاصيل الصغيرة والكبيرة بين الزوجين. فالتدخلات الكثيرة التي تخترق هذه العلاقة الخاصة بين الزوج وزوجته، هي أحد أهم أسباب الطلاق في مجتمعنا، بل وكل المجتمعات العربية والإسلامية. الاختلاف على الأولويات والاهتمامات والطموحات بين الزوجين، هو السبب السابع لحالات الطلاق. وعدم الوصول إلى نقطة التقاء واتفاق بين الطرفين، قد يُنهي الحياة الزوجية مبكراً. الإدمان على الكحول والمخدرات، هو السبب الثامن الذي يؤدي إلى اللجوء للطلاق، وخاصة من قبل الزوجة أو أهلها. السبب التاسع، هو ذكورية المجتمع الذي قد يُشجع الرجل على التساهل باستخدام الطلاق كورقة ضغط لأنه يستطيع أن يبدأ حياة أخرى بكل يسر وبساطة، بينما المرأة المطلقة تعيش المعاناة بكل آلامها وقسوتها، إضافة إلى أن هذا المجتمع الذكوري، يُحمّل المرأة دائماً السبب في حدوث الطلاق. التقنية الحديثة، من إنترنت وأجهزة ذكية ووسائل ووسائط التواصل الاجتماعي وغرف المحادثة وغيرها، هي السبب العاشر، حيث تسببت وبشكل كبير جداً في تنامي حالة الشك والاتهام والريبة بين الزوجين، مما جعل الطلاق في كثير من الأحيان، أحد الحلول التي يُقدم عليها أحد الطرفين. أعرف أن أسباب الطلاق في مجتمعنا كثيرة جداً، ولكن هذا ما سمحت به هذه المساحة المحدودة، ولكن السؤال الذي ينتظر إجابتك عزيزي القارئ: هل لديك أسباب خاصة للطلاق لم أذكرها في هذا المقال؟