رفض ابن صاحبنا منيتيف الصرقعاني الذهاب إلى المدرسة فلما غضب والده، قال: يا أبتاه هي منزل صغير يشابه بيتنا فلماذا لا أدرس هنا؟ وكان لصديقنا بعطوط ولد ظريف يسمي فصله “غرفة النوم” لأن مدرسته مستأجرة ويقع فصله في الدور الثاني فكأنه غرفة نومه في البيت. وكان أبو الكروش الأصلعاني يقول: أنا وصاحب ديوان التعليم سواء. قيل له: كيف ذاك، أنت عقاري وهو يدير تعليم الصغار؟ قال: أنا أبني المدارس وهو يستأجرها لو سحبت مدارسي لبقي طلابه في الشوارع. ووجدت خبيراً تربوياً في مجلس الإثنين، فسألته عن السر في استئجار مباني متهالكة وضيقة بينما السعة في البناء ولا نقص في الدراهم. فقال: في ذلك حكمة؛ إذ يعتاد الأطفال ضيق المكان ورداءته فلا تزيد مطالبهم مستقبلاً، ثم أنه حميمية وتلاصق فيعون الدرس جيدا، وتشجيع على النظافة فالأماكن الضيقة تكشف سوء الرائحة. قلت: كفى أخشى أن تصل إلى أنه تدريب على الفقر واعتياد الضرر. وشاع بين الناس تسمية لكعان المنطاطي ب”المدرساوي”، فهو يجوب القرى فأيها خلت من مدرسة ابتنى فيها بيتا على عجل وأجّره إلى ديوان التعليم لتتخذه مدرسة. وسأل حندمة الأبيض ابنه: ماذا يحب في المدرسة؟ فقال: غياب المعلمين. وسأل آخر طفله: أتقف احتراماً لمعلمك؟ قال: نعم إذا حضر. وحذر أنس ابن اخت هذيل أطفاله من أن يفرقهم الزحام في العمرة فقالوا: لا تخف اعتدنا على ذلك في المدارس. ووجدت منزلا سيئاً معروضا للإيجار فاستكثرت ثمنه، فقال صاحبه: لست إليك أرغب إنما أرجو أن يكون مدرسة. وتذمر أحدهم أن مدرسة أولاده ليس فيها ملاعب، فقلت: ماذا يصنعون؟ قال: أتصدِّق؟! لا يزالون يلعبون “طاق طاقية..”.