وضع الموتُ، أمس، خاتمةً لحياة الشاعر رشيد الزلامي الذي تُوفّي في مستشفى الملك فهد العسكري للقوات المسلحة بمحافظة جدة، إثر عارضٍ صحّي أصابه منذ أسبوعين. وكان الزلامي قد داهمته الوعكة في منطقة القصيم أثناء مشاركته في تحكيم برنامج «شاعر المعنى 4»، ودخل العناية المركزة في مستشفى بريدة، قبل أن يوجّه وليّ العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بإخلائه طبياً إلى جدة. ويُصنَّف الزلامي ضمن الجيل الكلاسيكي للشعراء الشعبيين في المنطقة الخليجية، وأحد خبراء فنونه وأنماطه المتوارثة. وقد تعاطى الشعر والأدب الشعبي منذ نشأتهِ الأولى، وسجّل اسمه ضمن الشعراء الحاضرين في وسط الأدباء الشعبيين على مدى نصف قرن من الزمان، وعُومل باحترام بالغ، بوصفه شاعراً وفاحصاً وخبيراً وعارفاً بأسرار القصيد العاميّ ذي الطابع البدوي. وفي فنون الشعر أجاد الزلامي كثيراً في المواضيع الذاتية، مثلما برع في أدب المدح والرثاء، الذي عبّر به عن مواقف وجدانية تجاه شخصيات شهيرة، من بينها مفتي عام المملكة السابق الشيخ عبدالعزيز بن باز، والشيخ ابن عثيمين، والشيخ الألباني. كما سكنته الروح البدوية بشغف بالغٍ، فاستحضر البيئة الصحراوية في شكل القصيدة ولغتها ودلالاتها الكلاسيكية الحميمة. وفي الوقت نفسه طعَّم كثيراً من قصائده بمفردات حديثة جعلت منه واحداً من الشعراء المجدّدين على نحو من الأنحاء. ويمثّل شعره، أيضاً، وعاءً لآلاف المفردات البدوية الأصيلة، باستعمالاتها القديمة، وهو ما يؤهل نصوصاً شعرية كثيرة لأن تكون مصدراً من مصادر المعجم العاميّ في المملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج. علاوةً على تمكّنه من كتابة الشعر بروح بدوية؛ وضع نفسه كذلك بين أهم شعراء «القلطة» و «الملعبة»، وطارح شعراء معروفين أمثال: محمد الجبرتي، ومطلق الثبيتي، وصياف الحربي، وخلف العتيبي، وعبدالله بن شايق، وفيصل الرياحي وسعد المعنى وتركي الميزاني ومحمد المري وقائمة طويلة من شعر هذا الفنّ، الذي يجد رواجاً في المملكة ودول الخليج العربية. عاش الزلامي شطراً من عمره في دولة الكويت، لكنه اختار العودة إلى مسقط رأسه في محافظة الطائف، وبقي محتفظاً بشعره وشاعريته، ونشر «ألبومات» شعر تحت اسم «يا هل البادية»، وأمدّ المكتبة الصوتية بكثير من نصوص الشعر، قبل اختياره ضمن محكّمي برنامج شاعر المعنى، بوصفه أحد خبراء الشعر في المنطقة. وُلد الشاعر الزلامي عام 1926م، وعاش 88 عاماً، وخلّف خمسة من الأبناء، هم على التوالي: جميل، بندر، فهد، تركي، فيصل.