تحولت حياة المصري محمد عبدالوهاب الحاصل على دبلوم تجارة في بلاده قبل 20 عاماً، حينما قدم إلى السعودية للعمل في مدينة الطائف، وقادته قدماه ذات يوم للالتحاق بالعمل في مكتب متخصص في تنسيق حفلات الشعراء الشعبيين، وأصبح معروفاً في الساحة الشعبية، وعاملاً رئيساً في شهرة معظم شعرائها. محمد عبدالوهاب ذو 50 عاماً عمل في مكتب للشعر الشعبي منذ وصوله للمملكة مصوراً، إذ يذهب آنذاك لحفلات الأعراس يحمل كاميرته، وهو يجهل معظم مفردات الشعر الشعبي، لكنه الآن ينقد ويحلّل ويميّز الشاعر القوي من الضعيف. يقول محمد ل«الحياة»: «قدمت من محافظة المنصورة في مصر للعمل مصوراً في إحدى مكاتب تنسيق الحفلات في مدينة الطائف قبل 20 عاماً، وطبيعة عملي سهلت لي زيارة مدن سعودية عدة، ورافقت شعراء الرعيل الأول كمطلق الثبيتي وصياف الحربي وهلال السيالي، رحمهم الله، ومستور العصيمي وجار الله السواط ورشيد الزلامي. كنت في الأيام الأولى من مزاولة مهنتي مجرد موظف عادي يذهب كل ليلة ليؤدي علمه، وبعد شهر من ذلك، بدأت في التعلق شيئاً فشيئاً بأسلوب شعر القلطة، وتحليل الأبيات الشعرية ومحاولة اصطياد المعنى الذي يرمون إليه». ويضيف: «لم أجد صعوبة في فهم وتحليل الكلام، لأني في النهاية إنسان عربي، وبعض الكلمات بالنسبة إليّ واضحةً جداً، وعند مواجهتي أي صعوبة في فهم المعنى وتحليله، لا أتردد في طلب الشاعر تحليل مقصده في الأبيات، وتفسير المعنى الذي كان يرمي إليه، فتخليت بعد ذلك عن سماع الأغاني والموسيقى وازداد تعلقي بشعر القلطة الذي بت استمع إليه كل ليلة، حتى أصبح لي تحليلي وفهمي الخاص لكل بيت وكل شاعر». ويفضل محمد سماع الأبيات القديمة لشعر القلطة، التي بمجرد ذكر أية بيت منها، إلا ويفاجئك بذكر الشعراء المشاركين فيها، وسنة انعقادها، ومكانها، إضافة إلى استشهاده بحادثة في تلك المناسبة، أو بيت أو جملة شهيرة حدثت بها، ولا يهوى سماع أبيات شعر القلطة الجديدة لضعف جودة المحتوى المقدم في أبياتها، إذ يقول: «أحب سماع الأبيات القديمة بشكلٍ عام، إلا أن أشعار الجيل الجديد «فيها وفيها»، إضافة إلى أن الأشعار القديمة تمتاز بالرصانة والقوة». ولا تزال ذاكرة محمد تحفظ الكثير من الأحداث في الساحة الشعبية، إذ استشهد ببيت في أول مشاركة في فن القلطة للشاعر حبيب العازمي مع الشعراء مطلق الثبيتي وصياف الحربي ومستور العصيمي عندما أراد أن يشاركهم، لتصبح من أجمل الأبيات التي مرت عليه. ويرى محمد المصري أن «الموال» ليس إلا فناً فكاهياً مستحدثاً يفضله الشبان في فن القلطة، «في الثمانينات لم يكن للموال وجود، إلا أن الشبان في هذه الأيام أصبحت تطلبه بكثرة، علماً بأنه لون فكاهي ابتدعه واستحدثه الشاعران عمر الخالدي وبكر الحضرمي».