نلاحظ أن البنية التحتية داخل معظم المدن تتعرض لأعمال الحفر والدفن، وأضحت التحويلات في الطرق سمة لا تكاد تغيب عن الأنظار، والمعادلة الصعبة التي لم أجد لها حلا منطقيا مقنعا تتمثل في كون أعمال السفلتة تأتي أولا وقبل كل شيء، ثم يأتي دور التمديدات التي تتقاسم الطريق فيما بينها. معلوم أن إنشاء تمديدات كالتي تخص الكهرباء، والماء، والهاتف، والصرف الصحي وغيرها تبدأ بحُفَر خاصة بالشركة، تخترق طبقة الأسفلت وتنتهي بالترقيع أو إعادة السفلتة بطريقة تجعل الشارع الذي كان مستويا مليئاً بالنتوءات، والهبوطات، والتشققات. مما يجعل المركبة المستخدمة تعاني هذه التعرجات، فيجد السائق صعوبة في التحكم والسيطرة على السيارة. وفي هذا الصدد أعتقد أن الحل يكمن في وجود أنفاق للخدمات، تُنشأ كمرحلة أولى تسبق خطوة البنية الفوقية، وتكون وفق معايير هندسية معينة، لتوفر ممرا لخطوط الخدمات التي تحتاجها الأحياء السكنية. وبذلك ينتهي مسلسل حفر الشوارع وما ينتج عنه من زحام، وبطء في حركة المرور، إضافة إلى أن سفلتة الطرق مرة بعد أخرى تعد هدرا للمال العام؛ لأنه تكرار لعمل يكلف ملايين الريالات. فمن الغريب أن ترى المعدات تغادر شارعا بعد اكتمال أعمال السفلتة، والإنارة، والرصف، وفي الغد ترى معدات من نوع آخر أتت للشارع نفسه لأعمال الحفر، والهدم، والتضييق على مستخدمي الطريق، وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال ملح لا يمكن إغفاله وهو: ألا توجد جهة منسقة على الأقل تنظم إنشاء المشروعات حسب الأولوية؟ ما نود التأكيد عليه أن العمل العشوائي الذي ينقصه التخطيط والتنظيم، تظل محصلته متواضعة، لا ترقى لمستوى يحقق المأمول. ولكي ننتهي من دوامة العمل غير المنتهي داخل الأحياء والشوارع العامة، يفترض دراسة كل حالة على حدة، ومن ثم يتم وضع سقف زمني لإعادة هيكلة البنية التحتية مجددا وفق رؤية واضحة تستند على أسس هندسية حقيقية. أما الجديد من المخططات السكنية، فيجب أن ينطلق العمل فيها من مبدأ «البنية التحتية أولا»، مع الاستفادة من أحدث التجارب في الدول المتقدمة في هذا المجال.