إني خيرتك فاختاري ما بين الموت على صدري .. أو فوق دفاتر أشعاري .. اختاري الحب.. أو اللا حب فجبنٌ ألا تختاري .. لا توجد منطقةٌ وسطى ما بين الجنة والنار .. شغل فكر الأدباء والنقاد بقصائده التي ابتدعها من وحي خياله المرهف ليتغنى بأشعاره المثقفون والشعراء قبل عامتهم ليقول بما لانعرفه أو نسمع عنه إلا في قصص الغرام ولأنه صاحب كلمة صادقة حمل مسؤولية صدقه حتى لو مات شهيداً من أجل من يحب هو الذي احتضنت دواوينه كل كلمات الغزل والحب والفداء ولم يعلم بأن القدر ساق له قصة عشق كلفته كثيراً فمن أجلها عاش ولأجلها مات ليقع الاختيار هذه المرة على عاتقه ولم يطرأ بباله أن سجلاته الحافلة ستقف حجر عثرة في سبيل سعادته وأنها مازالت تطارده. ولأنه كان يكتب مايعنيه بأشعاره انكشف اللثام عن صدق كلماته قبل إحساسه. وإن طال الحب بينه وبين بلقيس أو قصر إلا أنه توجه بزواج وارتباط قدسي حمل نزار على تسيير جاهة من الوزراء والشعراء كعادة العرب في طلب شيء أو العدول عن شيء ليتم مراد المتيم بعد طول انتظار وسنين عذاب ليختتم قصته بعذاب آخر من عذابات ولوعات الفراق ليرثي زوجته بقصيدة تعد من أطول ماكتب لها بعدما توفيت في انفجار السفارة العراقية ببيروت، وبهذا كتب نزار ملحمة وفاء وإخلاص يحكي بها القاصي والداني والحق يقتضي أن أقول إنني احترمت الرجل وأكبرته في صدقه ووفائه حتى في حزنه المجنون على فراقها. فللحزن قدسية لايجرؤ على انتهاكها إلا غليظ القلب، وللوفاء من هذا النوع بهاء لايملك أحد إلا الإعجاب به وبصاحبه لكنني كنت مشفقة على صاحبي من طول عهد هذا الوفاء ومشفقة عليه من جفاء الليالي الباردة دون حبيبة يشيع فيها الدفء وهو من لامس إحساس الأنثى وناصر النساء برقة أشعاره وشغفه المفتون بأنوثة المرأة..!