يغبط بعضُ المبتعثين، ليس لأن لديهم الفرصة لإكمال دراستهم في الخارج والحصول على درجات علمية، بل لأنهم يعتقدون أن المبتعثين في نزهة سياحية مدفوعة الثمن للراحة والاستجمام. ويعتقد آخرون أيضاً أن المبتعثين بمجرد وصولهم لدولة الابتعاث ينسلخون عن دينهم وقيمهم، لذا يتم التشكيك في سلوكياتهم وأخلاقياتهم من قبل بعضهم ويرمون عليهم تهم التعاطي وشرب المسكرات، ويطالبون بضرورة فحصهم عند عودتهم!! كما لو كنا في مجتمع ملائكي قبل برنامج الابتعاث، أو كما لو كان رجال الهيئة والجمارك والمكافحة لا يبذلون أي جهود في ضبط الخمور والمخدرات لدينا!! وأنه لم تؤسس هذه الهيئات والإدارات إلا بعد الابتعاث!! فمن يتصور هذه الأمور لم يعش لحظات القلق والسهر والغربة عن الأهل والوطن، ولم يعش أزمة البحث عن قبول ، وابتزاز معاهد اللغة «التجارية»، والخوف من إيقاف المخصصات وانتهاء البعثة، ومشرف لايجيب ومشكلات الحضانة وغيرها من المشكلات التي تواجه المبتعثين في رحلة كفاحهم، عفواً أقصد «السياح» في رحلة استجمامهم «كما يظن بعضهم»!!. ومن جانبٍ آخر، هناك من يعول إيجابياً على المبتعثين عند عودتهم ليس من الجانب العلمي وإنما من الجانب الاجتماعي والسلوكي وربما الأخلاقي أيضاً !! كما لو كان الطلبة قبل ابتعاثهم عديمي التربية ومن سيقوم على تربيتهم هي أمريكا أو بريطانيا مثلاً، وهذه إساءة للمبتعثين وآبائهم بأنهم لم يحسنوا تربيتهم وأنهم عديمو التربية قبل الابتعاث وأن تلك الدول هي من قامت على تربيتهم!! ما أود إيضاحه أن السلوك السلبي أو الإيجابي هو سلوك يحمله الطالب معه قبل أن يُبتعث. وقد يكتسب الطالب بعض السلوكيات السلبية مثلما يكتسب الإيجابية أيضاً، ووجود حالات شاذة لايلغي مساهمات هذا البرنامج في النهضة العلمية التي تشهدها المملكة، ولايلغي ثقتنا في إخواننا وأخواتنا في بلاد الابتعاث، بل هم نموذج لتربية رفيعة ترجموها بكونهم قدموا أجمل الصور وأروعها عن دينهم ووطنهم. ومن ينظر للابتعاث أنها سياحة مدفوعة الثمن، فهو سيدفعها من سنوات عمره.