لا يمكن لأمة أن تحقق حضارة من دون مثقفين ومبدعين. أولئك الذين يخرجون عن التقليدي في التفكير غالباً ما يشكلون نقلة نوعية في الثقافة وفي الحياة إجمالاً. ثقافتنا قليلاً ما تشجع على التفكير المختلف. تأمل في المقولات التالية: «من خاف سلم». أو: «من خرج من داره قل مقداره». أو «يارب لا تغير علينا». تلك فقط نماذج لغوية تعكس نمطا في التفكير يشد المرء للوراء كلما فكر «خارج الصندوق»! هكذا مفاهيم لا يمكن أن تنفع شبابنا لمواجهة تحديات المستقبل التي تتطلب جرأة في التفكير وأحياناً «مغامرة» في اتخاذ القرارات. في المقابل، ثمة أمثلة حقيقية من بيئتنا نجحت لأنها كسرت الروتيني وتجرأت باتخاذ قرارات ما كان لها أن تنجح لولا روح المغامرة التي صاحبتها. تقول العرب: «فاز باللذات من كان جسورا». والجسور هنا هو الجريء في اتخاذ قرارات مهمة ومختلفة. فهل كان سميح طوقان -مثلاً- ليحقق النجاح المبهر لمشروعه (مكتوب) لولا جرأته وإيمانه بفكرته؟ لم يستسلم سميح للمصاعب التي أحاطت ببدايات مشروعه لتأتي شركة ياهو بعد عشر سنوات وتشتريه بمبلغ فاق ال100 مليون دولار. هذا نموذج واحد. قائمة طويلة من المبدعين في محيطنا، في حقول متنوعة، تؤكد تجاربهم على مسألة أساسية: الإبداع! والإبداع يعني -من ضمن ما يعنيه- الخروج عن دائرة المعتاد والروتيني والمألوف. كم في مجتمعاتنا من مواهب مدفونة تحت محاذير الخوف من الفشل أو من «كلام الناس»؟ وكم لدينا من طاقات مبدعة لكنها أسيرة «الوظيفة» والبيروقراطية القاتلة؟ وكم من موهبة تموت قبل أن تلد لأنها شديدة الحذر من الخروج عن دائرة الجماعة؟ ومن قال إن «الموت مع الجماعة رحمة»؟