يرى مبدعون أن عدم توفر الفرصة لهم، لإظهار إبداعاتهم على الملأ، يقتل موهبتهم في المهد، ويقضي على أحلامهم وأمنياتهم في أن يكونوا في يوم من الأيام، مخترعين، يفيدون أنفسهم ووطنهم. ويقول التاريخ إن لكل جيل مواصفات وإمكانات تميّزه عن غيره، فهناك جيل بناء، يأتي بعده جيلٌ مطور يقوم كل جيل بترسيخ مواهبه وإمكاناته في خدمة بلده. ويؤكد أصحاب مواهب في مدينة حفر الباطن، وجود مبدعين حقيقيين في مدينتهم، تكاد تكون منسية، مطالبين بإيجاد جهة تعمل على اكتشاف المبتكر أو المخترع أو الشاعر أو المنشد أو الكاتب والرسام وغيرهم، والوصول بموهبة كل منهم إلى بر الأمان.. وتمكّن تركي بن عبدالله العنزي «14 عاماً» من اختراع جهاز يخدم فئة المكفوفين والأميين، وهو عبارة عن جهاز صراف آلي يخدم المكفوفين والأميين الذين لا يستطيعون التعامل مع أجهزة الصراف الآلي ويلجأون إلى طلب المساعدة من الآخرين الذين ربما يسرقونهم أو ما شابه ذلك. وأوضح العنزي أن ابتكاره يخدم فئة غالية على المجتمع ويحفظ حقهم من استغلال بعض ضعاف النفوس، فهذا الجهاز يقدم كامل الخدمات لهاتين الفئتين اللتين تجدان صعوبة في التعامل مع أجهزة الصراف الآلي. وقال: «هذا الابتكار يرفع من المعاناة التي تواجهها هذه الفئة الغالية والمشكلات التي يواجهونها، فمع استخدام هذا الابتكار، يتعرف الكفيف أو الأمي على العملية التي قام بطلبها، ويتأكد من تنفيذها دون الحاجة لطلب المساعدة من أي شخص واصفاً ابتكاره بأنه الأول على مستوى المملكة، الذي يعتمد على بصمة اليد للكفيف، ويقدم الخدمات البنكية من خلال الأوامر الصوتية المحددة، ويتم تعرف النظام على البصمة للبدء في العمليات المصرفية التي يقوم بطلبها. وقد حقق العنزي جائزة الأولمبياد للإبداع العلمي لعام 2014م ولكن تركي ينتظر من يتبنى فكرة اختراعه ليكون في مصاف الاختراعات العالمية. وقال خالد العجران وهو قائد فريق فعّال التطوعي وأحد مقدمي البرامج الثقافية في محافظة حفر الباطن: «مملكتنا الغالية ولادة وتزدحم بأصحاب المهارات والأفكار والشباب المؤثرين، مع الأسف أحياناً نرى من لا يثق بهؤلاء الشباب وبطاقاتهم الزاخرة بالإبداع، فيلجأ بعضهم لخارج المحافظات في نظرة قاصرة تختزل الإبداع والنجاح خارج أسوار بعض المحافظات، ونحن لا نقلل من شأن الجميع، ولكن نطالب بإعطاء الفرصة للشباب في مختلف مجالات الإبداع، على سبيل المثال هناك شباب أصحاب طاقة لو وجدوا الفرصة لأبهروا بها الجميع ولكن وقفت المحسوبيات بوجههم وجعلتهم محبطين». وقال فيصل الدهمشي وهو أحد شعراء محافظة حفر الباطن البارزين: «نحن كشعراء بحاجة ماسة إلى منبر إعلامي يتبنى مواهبنا سواء كان في مهرجانات أو أمسيات تقيمها المحافظة، كما يحدث في المناطق المجاورة، وهذا في حد ذاته ينمي مواهب المبدعين، وكم من شاعر في حفر الباطن ظهر في الساحة الشعبية بشكل بارز وأثبت شاعريّته من خلال مسابقات شعريّة أمثال شاعر المليون وغيره.. والشيء الغريب أننا لم نكن نعرفهم من قبل! السؤال: أين اللجان المسؤولة عن الأدب والشعر في حفر الباطن؟ أليس إبرازنا للجمهور والمشاهد حقا من حقوقنا عليهم؟ أم أن هناك محسوبيات للظهور». وقال الكابتن حميد الدخيل، وهو قائد فرقة الكوبرا للعروض الخطرة: «بفضل الله وبجهودنا استطعنا أن نصل ونقدم عروضنا في مختلف مناطق المملكة، وعلى الرغم من ذلك، إلا أن هناك محسوبيات للظهور والإبراز الإعلامي وكذلك على طلب الفرق». وأشار أحمد الساير وهو قائد فريق قوة التحدي والمخاطرة إلى أن «الفرص قليلة والسبب يعود إلى المحسوبيات على الرغم من أن العروض التي نقوم بتقديمها خطرة وتعرض حياتنا للخطر ونحن من أبناء محافظة حفر الباطن ولنا حق في أن نقدم موهبتنا ونخدم محافظتنا». وأضاف مد الله المطرفي وهو قائد فريق الصاعقة «نحن نقدم العروض الترفيهية الخطرة، وقد نشأنا من حفر الباطن وقدمنا العروض في مختلف مناطق المملكة ولكن الإمكانات الإعلامية أصبحت تسلط على بعض الناس وتترك بعضهم الآخر». وأضاف خالد فهد الشمري وهو أحد الشباب الذين لم يجدوا الفرصة «هناك عقبات بلا شك تواجه كلَّ من يحاول أن يقدِّم ما لديه من موهبة أو ابتكار، فنحن شباب إن لم نجد من يدعمنا أو يساعدنا، فلن نظهر ونكون من المحبطين». مشيراً إلى أن «هناك دولاً تضع الأندية والمدارس لترسيخ المواهب لدى أبنائها، فقط نحن نحتاج لفرصة كي نقدم ما لدينا ونستغله في خدمة بلدنا ونساهم ونشارك في المسابقات العالمية»، مؤكداً أنه «في الآونة الأخيرة ظهر عدد كبير من الشباب الموهوبين على مختلف مناطق المملكة سواء على صعيد الابتكارات أو تنظيم الفرق التطوعية، التي بنيت على أعمال خيرية بحتة، يعود ريعها كخدمة للجهة المستهدفة على سبيل المثال لا الحصر فريق فرسان الطريق الذي شكل من مختلف مناطق المملكة ويقدم خدمات إصلاح السيارات المتعطلة على الطرق، هذا الفريق قد اصطدم بعدم تعاون الجهات معه، مما شكّل عقبة أمامه وأصبح بعضهم محبطاً». وبيّن محمد الوافي وهو مدير ناد اجتماعي ثقافي توعوي أن «إمكانات الأندية ضعيفة إلى حد ما، وغالباً تبنى على جهود شخصية، ونحاول أن نغطي البرامج الهادفة التي تقدم النفع للشباب». مشيراً إلى أن «المملكة بها شباب مميزون استخدموا أبسط وسائل الميديا وظهروا بأنفسهم، ولكن يبقى الدعم المادي والمعنوي هو العقبة التي أصبحت تهدد الشباب في انحدار مواهبهم التي لا بد أن تستثمر».