لا يخفى على كل ذي لب ما ينعم به مواطنو المملكة العربية السعودية من نعم عديدة، أهمها نعمة الأمن والأمان، على الرغم من تكالب الأعداء في المشرق والمغرب وبمعاونة الفئة الضالة من الداخل والخارج. وهذا ليس بجديد ولا مستغرب، فأهل الحق يواجهون المكايد وشديد الحقد والحسد منذ عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم – وحتى يرث الله الأرض ومَنْ عليها، ولكن الخطير في عهدنا هذا هو انسياق فئات متنوعة من أطياف الشعب وراء الإعلام الخارجي المغرض، ويتبنوا آراءهم حتى لو كانت النتيجة زعزعة أمن بلاد الحرمين!. إيران تبث قنوات باللغة العربية ويتابعها البعض بحثاً عن معلومات لا تصلنا من إعلامنا- على حد زعم المتابعين لها- وداعش والفرق المتشددة غزت أبناءنا عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي واليوتيوب، والحوثيون والدولة العميقة افتتحوا قناة لهم في جنوبلبنان، وغيرها من الأمثلة كثير، بينما نعاني في وطننا العربي والإسلامي من سطوة الإعلام العلماني والليبرالي والتغريبي الذي ليس من أجندته الدفاع عن العقيدة ولا مواجهة الإعلام الآخر – بل هو الآخر أو مع الآخر- الذي كرَّس كل أمواله وطاقاته وخبراته لمداعبة جمهوره بالبرامج الساقطة وغير الهادفة والمضيعة للوقت وكل محرم، بل إن هناك إعلاماً عربياً موجهاً لتمييع الدين، وآخر لمحاربة الدين وعلمائه، وثالثاً لتغريب الجيل الجديد من الشباب، وقد نجح إلى حد كبير. أية خطة إعلامية ستواجه الفشل، أو ستحظى بنجاح جزئي إذا لم تضع في الحسبان أن المواجهة الفكرية يجب أن تقوم على مبدأ العمل في خطين متوازيين أحدهما يوضِّح الحقائق ويجلي كذب الأعداء بالدليل والحجة المقنعة، بينما يقوم الخط الآخر بتبني دعم وتعزيز المبادئ الراسخة والقيم الأصيلة مع التركيز على المعتقدات والتذكير بنهج الصالحين. وكما يُقال إن لكل عصر أدواته، فالوصول لفئة الشباب يجب أن يكون في أماكنهم وبطريقتهم، فجيل التقنية والجوالات الذكية ترسل لهم الرسائل عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي واليوتيوب، وفئة الأطفال عن طريق قنوات التلفاز الخاصة بالأطفال والبرامج المناسبة، أما ما بعد فئة الشباب وكبار السن عن طريق القنوات الفضائية والصحف التقليدية والإذاعات المهمة. ولكي ينجح هذا المشروع الإعلامي الفكري فلابد أن تتبناه جهات رسمية حتى يسهل تمويله وتُضفى عليه الصفة الشرعية فيقابل بمصداقية أعلى، بينما بقاؤه على مستوى أفراد أو جماعات دعوية سيجعله ناجحاً، ولكن يكون قابلاً للسقوط بسبب التكاليف المادية أو بسبب التحالفات المناوئة. من خلال إحدى مجموعات الواتساب المشترك بها، التي تعج بالمشايخ والدعاة برز موضوع أهمية التفاف العلماء والمشايخ والدعاة حول بعضهم وتحاورهم المستمر، ما من شأنه نبذ الفرقة والوحشة بينهم ومنه تتضافر الجهود، ويجدد النداء بأهمية اللحمة الوطنية والقيادة الشرعية، فلو تم ذلك لما بقي مدخل للفئة الضالة لزعزعة الأمن وتجنيد الأحداث والشباب ولن يجد أهل التغريب مسوغاً جديداً أو قناة لتجديد اتهاماتهم لأهل الدين ومسيرة الشيخ محمد بن عبدالوهاب – رحمة الله -.