بين كل مرحلة تاريخية وأخرى يتعرض العالمان العربي والإسلامي إلى محن صعبة، ومواقف تاريخية فاجعة، ومنعطفات زمنية تحتاج إلى تأمل وتبصر وتمحيص، وفي هذا الوقت تثور براكين الفتن من حولنا، مما يستدعي الالتفاف والتكاتف والوقوف صفاً واحداً ضد من يحاول زعزعة أمننا، أوالإساءة للدين الإسلامي، إلا أنه لا انفكاك من وجود عناصر تلهب الساحة السياسية وتضرم نيران الفتن، وما داعش إلا صورة بائسة ومزرية لكونها تسعى إلى تسييس الدين من أجل تحقيق أهداف رسموها في مخيلتهم، أما وسيلتهم فهي حزمة من الأكاذيب والتشويه باسم الدين ولا يفتأ الداعشيون من استخدام أبشع الجرائم كحز الأعناق وقطع الرؤوس وتصفية النفوس أمام أنظار العالم، مما أعطى فكرة سيئة عن الإسلام وهو بريء من فعلهم المشين، وأفكارهم المنحرفة، ومع الأسف الشديد ترسم تلك الأفعال صوراً غير صحيحة عن الإسلام، لاسيما أن وسائل الإعلام الحديثة تُسرّع في نقلها إلى كافة أصقاع العالم، ولكون بعض الدول من حولنا في حالة صراع واضطراب فإنها أي داعش تسعى إلى إيصال عبثها وانهزاماتها إلينا من أجل مد ساحة الفوضى والاقتتال في أرض الحرمين الشريفين، ومن حسن الطالع إدراك المواطن السعودي – بما يملكه من وعي عميق وحس وطني صادق – أن تلك الأكاذيب لا تنطلي عليه بل ترتد إلى نحورصانعيها، ويعرف السعوديون أن التماسك الاجتماعي مطلب مهم، خصوصاً في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة، ويزداد دور المؤسسات التربوية والتعليمية بدءاً من التعليم العام حتى التعليم الجامعي، وكذا المؤسسات الثقافية من أندية أدبية وجمعيات ثقافية وصالونات ثقافية والإعلام بكل أنواعه المقروء والمرئي والمسموع في إيضاح الأخطار المحدقة وكذلك استنهاض أصحاب الفكر الوسطي والرؤية الواعية لإيضاح الصورة الحقيقية البيضاء للإسلام الذي يدعو إلى السلام، مع الانتباه جيداً والتحرز لمن يحمل فكراً متطرفاً باجتثاثه وقطع دابر خطورته، لأن تزايد ترابط مجتمعنا وتماسكه يزيدهم غيضاً وغلاً، حيث يسعون من خلال الأكاذيب وما يحدثونه من بلبلة وإفتراءات، إلا أنهم مكشوفون وبأساليبهم مفضوحون، والعاقل لا يصدق تلك الترهات ولا يتفق مع تلك الأفعال المشينة كنحر عنق رجل يقول لا إله الإ الله محمد رسول الله. لقد بلغ العالم العربي مبلغاً عظيماً من الكوارث والمصائب وندعو الله عز وجل أن يكف الأذى عن شعوبهم وأن يسلمهم من شرور تلك الكوارث التي لا ترحم، وقبل هذا وذاك يحمي وطننا وأن يزيدنا أمناً وأماناً. إننا على النقيض تماماً من تلك الصورة البشعة التي خطها تنظيم داعش، نحمد الله سبحانه على ما هيأ لنا من أمن وطمأنينة، وقد سارت أمور الحج على خير وسلام، فنهنئ أنفسنا والعالمين العربي والإسلامي بنجاح حج هذا العام، وها هم حجاج بيت الله يؤدون فريضتهم بكل يسر وسهولة وفي أجواء مفعمة بالإيمان والطمأنينة، ويعود الفضل أولاً لله سبحانه وتعالى أن مكّن المخلصين ليبذلوا الجهود العظيمة في سبيل تنظيم شعيرة الحج أمنياً وصحياً ومرورياً وخدمياً ووقائياً فكان النجاح – ولله الحمد- حليفهم. وأثبت رجل الأمن قدرته الفائقة في التعامل مع الأحداث أياً كانت مما ساهم في استقرار الأوضاع الأمنية والخدمية، ومما مكن الحجاج من أداء الركن الخامس بيسر وسهولة، فكان انتقالهم من مشعر إلى آخر في أوقات قياسية مع توفر الخدمات والاحتياجات من سلع ومواد غذائية وغيرها. وحين يشارك المواطن السعودي قادته في المبادرة بالتهنئة بنجاح حج هذا العام رغم ما كان يبثه الأعداء من تهديدات، فإن ذلك يعطي دلالة على استشعار الجميع المسؤولية العظيمة وانتماءهم الصادق لتراب الوطن والجميع أهل للمسؤولية، وفرصة مبهجة أن يرفع المواطنون أسمى آيات التهاني وصادق المشاعر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ويبتهلوا إلى الله عز وجل أن يمتعه بالصحة والعافية وأن يديم أمن واستقرار ورخاء وطننا الغالي.