كرس البنتاغون معاهد خاصة لدراسة المستقبل اسمها (مستودعات التفكيرThink – Tanks) ظهر أن أخطاء التنبؤ فيها تزيد على 80%. أما (هيرمان كان ) رئيس معهد (راند) للدراسات المستقبلية فقد توقع لعام 2000 م ألا يجد سوى 70% من الأمريكيين عملاً. وتوقَّع (رافي بترا) كسادا مزلزلاً للاقتصاد العالمي عام 1989م على أساس الأزمة الدورية التي تحيق بالنظام الرأسمالي كل ستين سنة وقدم نصائحه للناس أن يستعدوا لدخول سبع سنوات عجاف أشد من سنين يوسف. أما (هاري فيجي) و(جيرالد سوانسون) فقد ذهبا إلى أفظع من هذا في كتابهما (الإفلاس الأمريكي عام 1995م ) بقولهما «لن يبق للولايات المتحدة التي نعرفها اليوم أي وجود بحلول عام 1995م). وانطلقا في هذه النبوءة التي رجت مفاصل الناس من فكرة مفادها أن الديون الأمريكية ستصل على صورة عصا الهوكي إلى مقدار 13 تريليون دولار بحيث يدخل الاقتصاد الأمريكي حالة اللاعودة كما في الصدمة اللامرتجعة عند الإنسان. وفي الطب توقعت وزيرة الصحة الأمريكية عام 1982م الوصول إلى حل لمرض الإيدز في أربع سنوات. واليوم وبعد مرور عشرين سنة على التصريح لا يوجد لقاح ضده. ويحمل هذا المرض اليوم أكثر من 33.4 مليون إنسان مات منهم 14 مليونا، وفي أمريكا وأوربا 1.4 مليون مصاب بالمرض. إلى أين يمشي التاريخ ومن يستطيع أن يتجرأ فيقول إلى أين يمشي؟ الشيء الأكيد أن التاريخ يمشي بخطى تقدمية على جسر من المعاناة فوق نهر من الدموع، والشيء الأكيد أن العالم العربي يعيش عصر الانحطاط، ولم يتغير كثيرا عن عصر كافور الإخشيدي، وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم؟ والسؤال ما هو هذا الذي بأنفسنا ويحتاج للتغير؟ تقول الرواية إن طفلاً نزقا أراد أن يعلمه والده ضبط النفس فقال له كلما غضبت أثقب في الجدار ثقبا بطرق مسمار فيه ففعل وكانت كثيرة ومريعة. قال له أبوه: عندما تكف عن الثقب ارفع مسمارا عن كل يوم لا تغضب فيه ففعل. وبقي فترة طويلة حتى رفع كل المسامير. نظر الطفل فرأى أن الجدار زالت منه المسامير وبرز محلها فوهات لا نهاية لها من آثار الثقوب. استحى الطفل في نفسه فقال له أبوه: قد نكف عن الغضب ولكن الإهانات التي نفعلها مع الناس تبقى ندبات لا تزول مع زوال نزواتنا. وهذه هي قصة العراق وسوريا والصومال وأفغانستان وداعش وحالش اليوم، فلو بكى أحدنا بقدر نهر دجلة فلن يعيد قتيلاً إلى الحياة.