نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله -، أقام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، في الديوان الملكي بقصر منى اليوم، حفل الاستقبال السنوي لأصحاب الفخامة والدولة قادة الدول الإسلامية، وكبار الشخصيات الإسلامية، وضيوف خادم الحرمين الشريفين، ورؤساء بعثات الحج الذين أدوا فريضة الحج هذا العام. وفي بداية الحفل استقبل سمو ولي العهد، فخامة الرئيس عمر حسن البشير رئيس جمهورية السودان، وفخامة الرئيس حسن شيخ محمود رئيس جمهورية الصومال، وفخامة الرئيس محمد عبدالحميد رئيس جمهورية بنجلادش، وفخامة الرئيس عبدالله يمين عبدالقيوم رئيس جمهورية المالديف، وفخامة الرئيس رستم مينيخا نوف رئيس جمهورية تتارستان، ودولة حمدي الجبالي رئيس الحكومة التونسية السابق، ودولة الدكتور مولاي ولد محمد الاغطف الوزير الأول السابق الموريتاني، ومعالي السيد جميل تشينيك رئيس البرلمان التركي، ومعالي السيد نير حسين بخاري رئيس مجلس الشيوخ الباكستاني، وكبار المسؤولين في عدد من الدول الإسلامية. وألقيت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، التي وجهها إلى حجاج بيت الله الحرام هذا العام، ألقاها نيابة عنه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وفيما يلي نصها: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله القائل في كتابه الكريم: ((إن أول بيت وضع للناس للذي ببكه مباركاً وهدى للعالمين، فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين)). والصلاة والسلام على خير الأنام المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد بن عبدالله القائل (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه). أيها الإخوة والأخوات.. ضيوف الرحمن.. حجاج بيت الله الحرام. الإخوة والأخوات.. أبناء أمتنا الإسلامية في كل مكان. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد.. فأحييكم من جوار بيت الله العتيق من مهبط الوحي ومنبع خاتم الرسالات، الرسالة الإسلامية الداعية إلى التسامح والتحاور، أهنئكم في مشعر منى، وأهنئ الأمة الإسلامية جمعاء في مشارق الأرض ومغاربها بعيد الأضحى المبارك، الذي وصفه الله عز وجل في محكم التنزيل بيوم الحج الأكبر، بعد أن وقف المسلمون يوم عرفة ملبين ومهللين ومكبرين. وأسأل المولى لإخواني الحجاج أن يكون حجهم مبروراً وسعيهم مشكوراً وذنبهم مغفوراً، إنه هو الغفور الودود، وأحمد الله جلت قدرته على ما أنعم به علينا جميعاً من العيش في هذه الأجواء المفعمة بحلاوة الإيمان، الزاهدة في مباهج الحياة وزخرف الدنيا، وقد أتجه الجميع إلى ربهم الواحد الأحد رافعين أكف الضراعة والابتهال والتذلل بين يديه، يرجون دعوة مستجابة وتجارة لن تبور، ويسألون المولى بأن يتقبل حجهم وصالح أعمالهم، فأسأل الله العلي القدير أن يجيب دعاءكم ويتقبل منكم حجكم وسعيكم ونسككم. إخواني وأخواتي المسلمين.. إن فريضة الحج وقد جاءت آخر أركان الإسلام، ومطهرة للإنسان مما ران على قلبه من الذنوب والأدران، لتشير بجلاء ووضوح إلى ما يعقبها من حياة جديدة يعمرها العبد بالأعمال الصالحة، وبتوثيق عرى الأخوة الإسلامية الحقة بين المسلم والمسلم، وذلك لما عاشه المسلمون خلال أيام الحج من تآخٍ فيما بينهم، بعد أن جاؤوا من أصقاع المعمورة بثقافات وعادات ومذاهب مختلفة، فكانت قبة المشاعر تظللهم جميعاً، لا فرق بين عربي وعجمي ولا بين أبيض وأسود، وعاشوا جميعاً في أيام معدودات تجمعهم عقيدة الإيمان بالله، فاجتمعوا عليه ويفترقون عليه بإذن الله، لا تشوب صفاء نفوسهم شائبة، ولا توغل صدورهم نزعة من نزعات الشيطان والعياذ بالله، فكانوا عباد الله إخواناً، فالمسلم كما قال نبي الأمة عليه الصلاة والسلام (أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره). أيها الإخوة والأخوات.. في نسك الحج نموذج واضح لمعنى الأمة الحقة، في أسلوب التآخي والتواد والتراحم فيما بين المسلمين، والمساواة والعدل في ظل شرع الله القويم، وهدي رسوله الأمين، وكأنما دعوة الإسلام الجوهرية تتجلى في هذا التجمع الكبير وفي مكثهم وقد اتحدوا في زمان واحد ومكان واحد، وهو ما يظهر إلى أي حد حرص هذا الدين العظيم على الدعوة إلى العيش في سلام، متفقاً في ذلك مع جوهر الديانات السماوية الأخرى في السعي إلى صيانة الإنسانية من نزق التطرف، وحقن الدم الإنساني الثمين، فقد صح عن نبي الأمة صلى الله عليه وسلم أنه قال وهو يطوف بالكعبة: (ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك، ماله ودمه وأن نظن به إلا خيراً). ولا سبيل إلى التعايش في هذه الحياة الدنيا إلا بالحوار، فبالحوار تحقن الدماء وتنبذ الفرقة والجهل والغلو، ويسود السلام في عالمنا. وإن الأمل ليحدونا أيها الإخوة بأن يؤتي مركز الحوار بين أتباع الأديان أكله في دحر الإرهاب الذي اشتكى منه العالم كله ورزئ به عالمنا الإسلامي اليوم، وأني لأرى وترون بإذن الله تعالى، بوادر نجاح دعوتنا للحوار بين أتباع الأديان بأن غدى ثقافة عالمية، ونهجاً يدعو إليه الكثيرون، نسأل الله أن يحقق لنا مرادنا فيصبح الحوار والنقاش أساس التعامل فيما بين الأمم والشعوب، ونعلن – كما نعلن على الدوام – أن المملكة لا تزال ماضية في حصار الإرهاب ومحاربة التطرف والغلو، ولن تهدأ نفوسنا حتى نقضي عليه وعلى الفئة الضالة التي اتخذت من الدين الإسلامي جسراً تعبر به نحو أهدافها الشخصية، وتصم بفكرها الضال سماحة الإسلام ومنهجه القويم. أيها الإخوة والأخوات.. لا يخفى عليكم ما للحوار من أهمية، ولن يصل المسلمون والعالم أجمع إلى هذا الهدف النبيل إلا بأن تكون الأجواء كلها مهيأة لذلك، وهذا الأمر يتوقف على التنشئة الأساسية للأبناء والأجيال ورعاية الشباب، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. إني لأرجو أن يكون علماء هذه الأمة ودعاتها وأصحاب الفكر قدوة للشباب بإعطائهم النموذج الأمثل في الحوار والتعامل، وأن يبينوا للمسلمين جميعاً ما ينطوي عليه الدين الإسلامي من سماحة ووسطية كما عاشها سلفنا الصالح حينما كان منهجهم السير على قول المصطفى صلى الله عليه وسلم (إلا إن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا). كما على المعلمين والمربين في مدارسهم أن يهيئوا أبناءهم الطلبة لخوض حياة تقبل الآخر، تحاوره وتناقشه وتجادله بالتي هي أحسن، فالمنهج المدرسي بيئة مناسبة لتعويد الطالب على التحاور، وتعويده على أن الخلاف مهما كان يحل بالنقاش والحوار، وتدريبه على الأسس الشرعية التي دعا إليها ديننا في تلقي الآخر. وإنه ليحسن هنا أن أذكر الأم بعظم الرسالة الملقاة على عاتقها، فالأم المدرسة الأولى التي يعي منها الأبناء منذ نعومة أظفارهم ما لا يعونه من الآخرين، فإن أحسنت الرعاية أينع غرسها وأثمر. بل ينبغي على كل من استرعي أحداً من أبنائنا أن يغرس في نفوسهم أن الدين الإسلامي دين محبة وتحاور وتعايش لا دين نبذ وبغض، وقد أعطانا المصطفى صلى الله عليه وسلم وصفة إسلامية في الحياة حين قال: (والذي نفس محمد بيده لا تؤمنوا حتى تحابوا ، أفلا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم). إن الغلو والتطرف وما نتج عنهما من الإرهاب يتطلب منا جميعاً أن نتكاتف لحربه ودحره، فهو ليس من الإسلام في شيء، بل ليس من الأديان السماوية كلها، فهو عضو فاسد ولا علاج له سوى الاستئصال، وإنا ماضون في استئصاله بلا هوادة بعزم وبعون من الله عز وجل، وتوفيق منه بإذنه تعالى، حماية لأبنائنا من الانزلاق في مسارب الأفكار المتطرفة والانتماءات الخاصة على حساب الأخوة الإسلامية. إخواني المسلمين.. إن ما يعيشه العالم من تناحر وتباغض وتباعد وفرقة ليندى له جبين الإنسانية، وتفرق له النفوس السوية، وسيشهد التاريخ في يوم ما على هذا الصمت الدولي بكل مؤسساته ومنظماته، حينما يدون ما يحدث في بعض أجزاء هذا العالم من سفك للدماء البريئة وتشريد للمستضعفين في الأرض وانتهاك للحرمات، ولا سبيل إلى حقن دماء إخواننا وأبناء أمتنا وصوان أعراضهم إلا بالوقوف في وجه الظلم، وجهر الصوت بالحق لرأب الصدع الذي أصاب الصف الإسلامي، ولم شتات الأمة والإبحار بها نحو بر الأمان ووحدة الموقف وجمع الكلمة، وإخماد بؤر الصراع والتناحر، وإطفاء مشاعل الفتنة، ومكامن التشرذم، ليحيا هذا العالم في أمن وسلام ومحبة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وكان الحفل الخطابي قد بدأ بتلاوة آيات من القرآن الكريم. ثم ألقى معالي وزير الحج الدكتور بندر حجار كلمة رفع في مستهلها التهاني الخالصة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد حفظهم الله نيابة عن رؤساء مكاتب شؤون الحج بمناسبة عيد الأضحى المبارك، سائلا الله تعالى أن ينعم عليهم بدوام الصحة والعافية والسداد لما فيه خير المملكة العربية السعودية والأمة الإسلامية قاطبة. وعبّر معاليه عن خالص الشكر وعظيم الامتنان للقيادة الرشيدة، على ما توليه من دعم غير محدود لتوفير سبل الراحة والطمأنينة والأمن والأمان لضيوف الرحمن لكي يؤدوا نسكهم بكل سهولة ويسر حتى يعودوا إلى بلدانهم سالمين غانمين في ظل رؤية مستنيرة ومبادرات خلاقة وقيادة رشيدة تريد الخير والاستقرار لدول وشعوب العالم. وقال معالي وزير الحج: "سيدي سمو ولي العهد في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، الزاهر والميمون، تشهد مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة والمشاعر المقدسة مشروعات عملاقة لم يسبق لها مثيل في التاريخ من حيث المساحة، والجودة وسرعة الإنجاز، وشمولها لجميع مناحي التطوير، فشملت توسعة الحرمين الشريفين والمسعى والمطاف، وإنشاء منشأة الجمرات، والطرق والجسور والأنفاق، ومطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة، ومطار الأمير محمد بن عبدالعزيز في المدينةالمنورة، ومدينة الملك عبدالله لاستقبال وتوديع الحجاج والمعتمرين والزوار للمدينة المنورة، ومشروع قطار المشاعر المقدسة، وقطار الحرمين، ومشروعات النقل العام في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة". وأضاف معالي وزير الحج: "إن هذا المنهج الذي تمضون فيه قدمًا حفظكم الله هو امتداد لما أرساه الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود – رحمه الله – وأبنائه البررة رحمهم الله جميعاً. ومضى يقول: "سيدي سمو العهد بالأمس وقف الحجاج على صعيد عرفات ورأى العالم بأسره القيم والمعاني الإسلامية الأصيلة مجسدة على أرض الواقع معاني المحبة والإيثار والتواضع والتسامح والوسطية، هذه هي الصورة الحقيقية للإسلام وقيمه وحضارته التي انطلقت من هذا المكان والزمان، حين خطب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خطبة الوداع وتلا قوله تعالى: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا)). وأردف معاليه: "إن سيدي خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله هو أول من بادر بنشر وترسيخ هذه الصورة الحقيقية للإسلام، بعد موجة الإرهاب التي اجتاحت العالم باسم الإسلام زوراً وبهتاناً، وهذا ديدن المملكة العربية السعودية التي وقفت وتقف منذ تأسيسها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله في خط الدفاع الأول تدافع عن العقيدة الإسلامية السمحة، وذلك انطلاقًا من واجبها الديني والأخلاقي ومسؤولياتها في حماية الإسلام من التشويه والتزييف الذي الحق أكبر الضرر بالأمة الإسلامية". واختتم معالي وزير الحج كلمته قائلاً: "إن المجتمع الدولي يثق في حكمة خادم الحرمين الشريفين وحنكته ورؤيته في التعامل مع كل ما يهدد الأمن والإسلام والاستقرار العالمي"، مشيدًا بالجهود التي يبذلها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، وصاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، وصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينةالمنورة. بعد ذلك ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي، كلمة قال فيها :"لقد بوأكم الله مكانة من الريادة والرفعة، وأورثكم ما كان عليه أسلافكم الكرام، من السير على درب الهدى والخير، والحرص على خدمة الدين والوطن، وتحكيم شريعة الله، والاهتمام بشؤون الأمة في نطاقها الواسع، والحرص على جمع كلمتها والتوفيق بين قادتها، وهذه أبرز الأسباب في النعم التي حبا الله بها المملكة وأهلها، من الأمن والاستقرار ورغد العيش والازدهار الشامل، والوئام بين الراعي والرعية، تحقيقًا من الله تعالى لوعده : ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)). وأضاف، "لا يخفى ما آلت إليه أحوال كثير من الأوطان العربية والإسلامية، من الاضطراب الذي تسبب في التدهور الأمني والاقتصادي، والاجتماعي، وفي هذه الظروف العصيبة تتجه الأنظار إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – وسمو ولي عهده، أملاً في تكثيف الجهود لحقن الدماء البريئة التي أصبح السكوت عن سفكها، فضلا عن اقترافها، ينذر بعواقب وخيمة على الأمة بأسرها، لا يقدر قدرها إلا ذوو الحكمة والنظر الثاقب". وأكد أن "آمال المخلصين تتطلع إلى جهود المملكة في رأب الصدع العربي والإسلامي، والإسهام في إيجاد مخارج عاجلة وعادلة للأزمات التي وقعت فيها بعض الأوطان المسلمة، أنهكت اقتصادها ودمرت بنيتها التحتية، وأحدثت بين أبنائها جوّاً مشحوناً بالخوف والحذر والفتن والضغائن، من الصعب تصفيته، لتعود النفوس إلى رشهدها، وتتهيأ للتعاون على البر والتقوى وتصريف الطاقات في مشاريع إصلاح الأمة وتنميتها تنمية شاملة. وأضاف معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي قائلاً: "وكثيرة هي العوامل التي أسهمت في تكوين هذه الحالة المؤلمة التي ابتلي بها العالم العربي خصوصًا، والعالم الإسلامي عمومًا، وأهمها: إبعاد الدين والحضارة الإسلامية في مشاريع التنمية والإصلاح، والتساهل في حماية الأمة من الغزو الثقافي الذي يهددها، والتعامل مع قضايا الأمة، بما لا يخدمها بل يتعارض معها ويعرض مصالحها للضياع، والتعصب للأحزاب والجماعات والطوائف". وأشار إلى أن العمل بهمة وجد في الظروف الصعبة، من شيم الزعماء الكبار وعظماء الرجال، وقد شهدت الأمة الإسلامية والعالم لخادم الحرمين الشريفين جهوداً متميزة لقيت الثناء والتقدير، على المستوى الإسلامي والعالمي، فعلى المستوى الإسلامي، بذلتم جهوداً عظيمة من أجل حل الخلافات العربية والإسلامية، وإيجاد مناخ يساعد على العمل المشترك وعلى بعث التضامن الإسلامي، انطلاقاً من وحدة الدين الذي يجمع العالم الإسلامي على رسالته الإنسانية وأهدافه السامية. وقال: "وعلى المستوى العالمي، عبر خادم الحرمين الشريفين عن رسالة الإسلام في دعم السلام العالمي، بمبادرته للحوار بين مختلف أتباع الديانات والثقافات في العالم، مما أضعف الأصوات الحاملة على الإسلام والمسلمين بأنهم أمة عنف وعداء للحضارة الحديثة". وأضاف، "إن مكانة المملكة المرموقة تمكنها من أن تقدم أفضل الحلول لمعضلات العرب والمسلمين العويصة، وعلى أهل العلم والدعوة والإعلام وقادة الرأي التجاوب مع جهودها العظيمة في خدمة قضايا الأمة الإسلامية وإصلاح أحوالها، ورأب الصدع الذي أصابها". وأكد معالي الدكتور التركي، "أن من أعظم نعم الله علينا في المملكة العربية السعودية، أن بيته الحرام ومسجد خاتم رسله الكرام عليه وعليهم الصلاة والسلام، يقعان في مملكتنا المباركة التي انطلق منها الإسلام، وكتب الله له أن يبقى فيها عزيزاً منيعاً إلى يوم القيامة، ووفق هذه الدولة المباركة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده إلى الاهتمام العملي بالإسلام تعليماً وتطبيقاً ودفاعاً عنه، وتواصلاً مع أبنائه في مختلف أنحاء العالم، فهذا فضل عظيم ومزية جليلة للمملكة قادتها وأبنائها، والأمل كبير في أن يتعاون قادة العالم الإسلامي وشعوبه، مع المملكة فيما تبذله من جهود لإصلاح حال الأمة ومعافاتها من أدوائها، ومحاربة الفرقة والنزاع". وأضاف يقول:"لقد بذلت الرابطة ما تستطيع من جهود، في إبراز سماحة الإسلام وعدالته ورحمته، وحاجة العالم إليه، وأسهمت في معالجة الإرهاب والتطرف والغلو والتكفير، وفي التصدي لكل ما يثير الصراع بين فئات الأمة، من الفتن والنعرات الحزبية والطائفية والعرقية، والتخفيف من آثارها السيئة". وتقدم معاليه باسم رابطة العالم الإسلامي، وهيئاتها، ومراكزها، بالشكر والامتنان لخادم الحرمين الشريفين على ما تلقاه من دعمه – أيده الله – لها في أعمالها وبرامجها، والتهنئة بمناسبة عيد الأضحى المبارك وبما يسر الله لحجاج بيته الحرام من أداء مناسكهم بيسر وراحة لخادم الحرمين الشريفين ولسمو ولي عهده الأمين، ولسمو ولي ولي العهد، وشعب المملكة، ولقادة الدول الإسلامية وشعوبها كافة، مؤكداً أن ضيوف خادم الحرمين الشريفين لحج هذا العام الذين استقبلتهم الرابطة يرفعون له – أيده الله – شكرهم وتقديرهم، سائلين الله الكريم أن يمده بمزيد من العون على خدمة الإسلام والمسلمين. بعد ذلك ألقيت كلمة رؤساء الوفود ومكاتب شؤون الحجاج ألقاها نيابة عنهم معالي وزير الأوقاف رئيس مكتب شؤون الحجاج في جمهورية مصر العربية، الدكتور محمد مختار جمعة، ثمن فيها جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – رعاه الله -، في خدمة الحرمين الشريفين، وسهر المملكة العربية السعودية بكل أركانها قيادة حكيمة وشعباً كريماً على راحة حجاج بيت الله الحرام، وتيسير أدائهم المناسك بما يشهد به القاصي والداني، مما يعد صفحة بيضاء نقية في ميزان حسناتكم وسجل تاريخكم الناصع. وقال: "سمو ولي العهد.. اسمحوا لي أن أسجل في حضوركم الكريم أن الله عز وجل قد اختار خادم الحرمين وسموكم لقيادة هذا البلد الأمين في مرحلة جد دقيقة، فحملتم الأمانة، وقمتم بها خير قيام". وأضاف، "إننا تعلمنا الفقه ونعلمه على أنه التيسير بدليل، ولم يقل أحد من أهل العلم والفقه ممن يعتد بقوله لا في القديم ولا في الحديث إن الفقه مبني على التشدد أو التضييق، لأن الله عز وجل يقول: (( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ))، ويقول سبحانه: ((وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ))، وإذا كان التيسير مطلوبًا في كل حال، فإن الناس أشد حاجة إليه في الحج، وهو ما أكده رسولنا صلى الله عليه وسلم في أكثر من موقف من مواقف الحج بقوله صلى الله عليه وسلم: "أفعل ولاحرج". وأوضح معالي وزير الأوقاف رئيس مكتب شؤون الحجاج في مصر، أن ما يقوم به خادم الحرمين الشريفين من توسعة الحرم وتطوير المشاعر المقدسة أو تعدد طوابق أداء بعض المناسك أو امتداد بعض المعالم إنما يأتي انطلاقاً من هذه القاعدة العامة والرؤية الثاقبة والفهم الدقيق لمفهوم التيسير، وقال: "فأمضوا على بركة الله في ما ييسر على الحجيج شؤون حجهم، فكل ما ينفق في هذا المجال هو الأبقى والأنفع، وخير الناس أنفعهم للناس". وقال: "إن دعوة خادم الحرمين الشريفين للعلماء والمفكرين بعقد مؤتمر دولي لمواجهة الإرهاب تستحق كل التقدير، وإن تحذيره الواضح الشجاع للشرق والغرب من خطر الإرهاب، وأنه لا دين له، ولا وطن له، ولا عهد له، وأنه يأكل من يدعمه إن اليوم وإن غداً، وأنه يمكن أن يصل إلى أوروبا بعد شهر وإلى أمريكا بعد شهرين قد آتى أكله، ولم يستطع العالم أن يصك آذانه دونه، وإن الأمر ما زال يحتاج إلى جهود خادم الحرمين الشريفين المتواصلة حتى نقتلع معًا هذا الإرهاب الأسود من جذوره، ولا سيما إرهاب تلك الجماعات التي تتخذ من الدين ستاراً، فتقتل وتخرب وتدمر باسم الدين، وتحت صيحات التهليل والتكبير وتحت راية القرآن، والإسلام والقرآن والإنسانية السوية براء من كل هذا. وتابع الدكتور محمد جمعة يقول: "إن تبني خادم الحرمين الشريفين لحوار الحضارات وترسيخه لأسس التعايش السلمي والعيش المشترك في ضوء الاحترام المتبادل بين الأديان والشعوب لخير دليل على استيعابه لروح الحضارة الإسلامية السمحة، وإنه لنفس المنهج الذي يسير عليه أزهرنا الذي شرف بقبول خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز واستحقاقه للدكتوراة الفخرية في العلوم الإنسانية، تقديراً لجهوده في خدمة الإسلام والمسلمين، كما أن توجيهاته الكريمة بترميم الجامع الأزهر قد لاقت تقدير العالم الإسلامي شرقه وغربه، لما للأزهر الشريف من مكانة راسخة في نفوسهم. ومضى يقول: "إن الله عز وجل قد اختار خادم الحرمين الشريفين في هذه المرحلة الصعبة سداً منيعاً، وحصناً قوياً صلباً لهذه الأمة، في وجه التحديات والمخاطر التي تواجهها، فعالج الأمور بحكمة وحسم لا يجتمعان ولا يتأتيان إلا بتوفيق من الله عز وجل، وإن وقوفه إلى جانب الشقيقة مصر برؤية حكيمة ثاقبة قد جنب الأمة العربية كلها والمنطقة ويلات عديدة لا يُدركها إلا القادة الحكماء المخلصين. وفي ختام كلمته، رفع معالي وزير الأوقاف رئيس مكتب شؤون الحجاج في جمهورية مصر، التهاني لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد، بمناسبة عيد الأضحى المبارك، سائلاً الله تعالى أن يعيد هذه المناسبة على الأمة الإسلامية جمعاء بالتقدم والازدهار. وفي ختام الحفل تشرف الحضور بالسلام على صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع. ثم تناول الجميع طعام الغداء مع سمو ولي العهد. بعد ذلك ودع سمو ولي العهد الضيوف من أصحاب الفخامة والدولة، متمنياً لهم حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً. حضر الاستقبال صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن سعود بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز رئيس الاستخبارات العامة، وصاحب السمو الملكي الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبدالعزيز وزير الشؤون البلدية والقروية، وصاحب السمو الأمير فهد بن عبدالله بن مساعد، وصاحب السمو الأمير الدكتور خالد بن فيصل بن تركي وكيل الحرس الوطني للقطاع الغربي، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، وصاحب السمو الملكي الأمير الدكتور عبدالعزيز بن سطام بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالله بن عبدالعزيز رئيس هيئة الهلال الأحمر السعودي، وصاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن سلطان بن عبدالعزيز المستشار بمكتب سمو وزير الدفاع، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس ديوان سمو ولي العهد المستشار الخاص لسموه، وصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن سلمان بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن هذلول بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير بندر بن سلمان بن عبدالعزيز، وأصحاب المعالي الوزراء، وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين.