قال وزير الداخلية، الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، إن المملكة تعلم أن تنظيم «داعش» الإرهابي لم يتكون بشكل عشوائي، وإنما برعاية دول وتنظيمات بكل إمكاناتها ونياتها السيئة، وتعهد بأن تواجه المملكة هذا التنظيم وغيره بحزم، مذكراً، في تصريحاتٍ صحفية أمس عقب تفقده استعدادات قوات أمن الحج، بأن هذه البلاد واجهت من قبل هجمات إرهابية شرسة لم تستثن جزءاً من هذا الوطن. وفي رده على أسئلة ممثلي وسائل الإعلام، تحدث وزير الداخلية عن خطر «داعش»، وقال إن «التحالف الدولي» ضده مطلب ملح لأن ترك هذه التنظيمات تعمل دون عقاب ومواجهة حاسمة خطر يهدد قواعد الأمن والسلم الدوليين، مشيراً إلى ممارسة هذه التنظيمات إرهابها في أماكن استراتيجية وحساسة. وذكّر الأمير محمد بن نايف بأن أجهزة الأمن في المملكة سبق وأن «واجهت بكل قدرة واقتدار مئات العمليات الإرهابية بتوفيق الله ثم بخبرة وكفاءة وجهوزية أجهزة الأمن السعودية»، واصفاً التجربة الأمنية التي قدمتها المملكة ب «محط تقدير العالم، واستفاد منها كثير من الدول في مواجهة الإرهاب». ولفت الوزير إلى عمل المملكة على منع دخول مواطنيها إلى دول الصراعات أو الانضمام للجماعات الخارجية وإصدارها تعليمات تعاقب بحزم من يقدم على ذلك، مضيفاً «أي مطلوب للأمن سوف يعلم عنه مع أي جهة كان يعمل». في السياق نفسه، أشار وزير الداخلية إلى تحذيرات خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، من خطر الإرهاب، مؤكداً أنها جاءت بعدما صمت العالم على جرائم الجماعات الإرهابية والدول والمنظمات التي تمارس هذه الجرائم وتدعم وتمول هذه التنظيمات. وقال الوزير «تحذيرات خادم الحرمين الشريفين للعالم جاءت خلال كلمته التي وجهها أخيرًا للأمة العربية والإسلامية وللعالم أجمع استشعارًا لواجبات الدين وإنسانية الضمير والوعي بخطر الإرهاب وتنظيماته على العالم أجمع دون استثناء وإيضاحه إلى حقائق الأمور بعدما صمت العالم على جرائم الجماعات الإرهابية والدول والمنظمات التي تمارس هذه الجرائم وتدعم وتمول هذه التنظيمات». وتابع «كما أشار خادم الحرمين إلى خطورة هذا الصمت الذي سوف يجعل الجميع ضحية لأعمال هذه التنظيمات الإرهابية، وجاءت كلمته التاريخية للرد على ما تردده وسائل الإعلام الغربية من وصف الدين الإسلامي بدين العنف والإرهاب وإلصاق هذه التهم بالإسلام والمسلمين مستغلة تصرفات بعض من يدعون الانتماء إلى الإسلام، في حين يخالفون نهجه وتعاليمه ويسيئون بأعمالهم الإرهابية إليه وإلى المنتمين إلى هذا الدين العظيم». في سياق آخر، نبَّه وزير الداخلية إلى وجوب أن يكون الحج بعيداً عن الشعارات الدعائية والفكرية والسياسية، وشدد على أن أجهزة الأمن بجميع إمكاناتها وتجهيزاتها تعمل على منع وقوع أي تصرف يتعارض مع شعائر الحج وضبط من يقوم بذلك. وقال الوزير «الحج ركن عظيم من أركان الإسلام ينبغي أن يتجرد فيه الحجاج عن كل ما ينقض حجهم ويعرض سلامتهم للخطر وأن يراعوا حرمة المكان والزمان فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج بأمل أن يتمم الله حجهم وأن يغفر ذنوبهم وأن يعودوا لأوطانهم سالمين غانمين، والمملكة تعمل جاهدة بتوجيه ورعاية من خادم الحرمين الشريفين على توفير كل ما يعين ضيوف الرحمن على أداء نسكهم بأمن وطمأنينة وأمان وهي في سبيل تحقيق هذه الغاية السامية تمنع منعا باتا كل تصرف يعكر صفو الحجاج ويعرض حياة الحجاج للخطر أو يصرف الحج عن غايته الأساسية وهي عبادة الله وحده لا شريك له بعيدا عن الشعارات الدعائية والفكرية والسياسية». وتمنى أن يتفهم جميع حجاج بيت الله الحرام هذه الحقيقة وأن يتيحوا الفرصة للقائمين على خدمتهم أن يقدموا لهم الخدمات والتسهيلات كافة التي وفرتها لهم حكومة خادم الحرمين الشريفين وأن ينعموا بأداء هذا الركن العظيم بكل يسر وسهولة وأمان. وفيما يتعلق بالخطة الأمنية الخاصة بالحج، أكد الوزير أنها واضحة لجهات التنفيذ ميدانيًا وأن «الكل يدرك ما هو مطلوب منه القيام به ولديهم كامل الصلاحيات دون الحاجة إلى الاجتهاد أو طلب التوجيه والجميع يعمل بتنسيق واضح الأدوار والمهمات». وأبدى الوزير ثقته في أجهزة الأمن و»رجالها المخلصين وتعاون المواطنين وتجاوبهم مع ما يتطلبه أمن وطنهم وسلامتهم واستقرارهم»، مذكِّراً بأن أجهزة الأمن في المملكة «استطاعت وفي ظل ظروف واجهت فيها المملكة هجمات إرهابية شرسة لم تستثنِ جزءا من هذا الوطن حتى الأماكن المقدسة دون اعتبار من الجماعات الإرهابية لحرمتها؛ تأمين أداء ملايين الحجاج لنسكهم بأمن واطمئنان والمحافظة في نفس الوقت على أمن واستقرار المملكة ودرء مخاطر الإرهاب عنها وإحباط مخططات الإرهابيين وتفكيك خلاياهم وضربهم قبل بلوغ أهدافهم الشريرة». وتطرق وزير الداخلية في حديثه مع ممثلي وسائل الإعلام إلى الأوضاع المحيطة بالمملكة مرجعاً استقرارها في ظل وضع إقليمي مضطرب إلى عدة أسباب من بينها العلاقة الواضحة بين القيادة وأفراد المجتمع. وقال الوزير إن «المملكة ولله الحمد وهي تعيش ذكرى توحيدها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز – رحمه الله- ومرور 84 عاماً على إعلان وحدتها نعمت خلال هذه المسيرة المباركة بأعلى درجات الوئام والتلاحم والتراحم فيما بين أبنائها وبينهم وبين قيادتها واتجاه وطنهم». وأرجع الأمير محمد بن نايف هذه الوحدة واستمرارها إلى «قيامها على أساس من العقيدة الإسلامية والأخوة في الدين والتوحد في الهدف والعلاقة الواضحة بين القيادة وأفراد المجتمع». وأضاف «كل فرد سعودي يشعر بالوحدة والتضامن مع إخوانه من أبناء هذا الوطن مما عزز ولله الحمد الاستقرار بين أبناء الشعب السعودي الكريم وقوى أواصر الأخوة والشعور بالمصير المشترك وتنامت لديهم مشاعر الإحساس بوحدة الوطن واستشعروا بأن التماسك والوحدة الوطنية هي المقوم الأساس لأمن وطنهم واستقراره وتطوره وازدهاره، ولذلك ظلت المملكة بمنأى عن تأثير الأوضاع والأحداث المحيطة بها، ونسأل الله أن يديم علينا نعمة الأمن والاستقرار». وأبدى وزير الداخلية أسفه لما آل إليه الوضع في اليمن، محذراً من أن يضر ذلك بمصالح الشعب اليمني وأن يعطي للقاعدة التي تتمركز عناصرها في اليمن وللحوثيين مجالاً لتعريض أمن اليمن ودول الجوار للخطر. وشدد الوزير على قدرة الأمن السعودي على حماية حدود المملكة وصيانة أمنها، وقال «نحن ندرك أن على أجهزة الأمن في اليمن ممارسة مهماتها لصالح اليمن والشعب اليمني في المقام الأول، أما ما يمكن أن تتعرض له المملكة نتيجة الأوضاع في اليمن فنحن قادرون بحول الله وقدرته على حماية حدودنا وصيانة أمننا، وهذه التنظيمات تعلم جيدًا حزمنا وعزمنا تجاه كل من تسوِّل له نفسه المساس بأمننا واستقرارنا، وكما يقال لكل حدث حديث». طمأن وزير الداخلية، الأمير محمد بن نايف، على استعدادات القوات المعنية بشؤون الحج بعد أن حضر أمس السبت في منى عرضاً عسكرياً لهذه القوات، نُفِّذَت فيه عروض حية لقدرات رجال الأمن القتالية والدفاعية والمهارية. وخلال العرض العسكري، شاهد الأمير محمد بن نايف استعراضات وفرضيات أبرزت تأهيل القوات. وكان وزير الداخلية، وهو رئيس لجنة الحج العليا، وصل أمس إلى معسكرات قوات الطوارئ الخاصة في موقف حجز السيارات على طريق مكةالمكرمة – الطائف السريع «الكر» في بداية جولة ميدانية للوقوف على استعدادات الأجهزة المعنية بشؤون الحج والحجاج المشاركة في تنفيذ الخطة العامة لموسم حج هذا العام. وتفقد الوزير مستقلّاً عربة مكشوفة وحدات وآليات قطاعات الجهات الأمنية والحكومية المشاركة في تنفيذ خطط موسم الحج قبل أن يأخذ مكانه في المنصة الرئيسة للعرض العسكري. من جهته، وصف مدير الأمن العام رئيس اللجنة الأمنية في الحج، اللواء عثمان بن ناصر المحرج، مناسبة الحج ب «الاستثنائية» بالنسبة لمنسوبي القوات المشاركة فيها؛ لأنها «تجمع الواجب الديني مع الواجبين الوطني والأمني»، ولأنها «من صور المسؤولية الإسلامية المشرقة التي تضطلع بها هذه البلاد المباركة منذ عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله-». وقال اللواء المحرج، في كلمةٍ ألقاها قبيل بدء العرض العسكري، إن قوات أمن الحج يساندهم ويشاركهم زملاؤهم من وزارة الدفاع ووزارة الحرس الوطني ورئاسة الاستخبارات العامة والجهات الحكومية الأخرى يؤدون واجبهم بهمة رجل واحد خدمةً للدين والوطن الغالي «مستمدين عزمهم وقوتهم من الله سبحانه ثم توجيهات سموكم الكريم، ومتابعة أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز». وأشار إلى أن «بلادنا تعيش عهد الخير والنماء بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود الذي شهد له العالم الإسلامي بجهوده الجبارة في خدمة الإسلام والمسلمين عبر مشاريع ستسهم بحول الله في راحة زوار بيته الحرام ومسجد رسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم- وهي امتداد لمشاريع التطوير والتوسعة المتواصلة منذ عهد المؤسس -رحمه الله-». وتوجَّه مدير الأمن العام بحديثه إلى وزير الداخلية قائلاً «يشرفني نيابة عن جميع إخواني وزملائي القادة والضباط والموظفين وضباط الصف والجنود المشاركين في تنفيذ خطط أمن حج هذا العام أن أتقدم لسموكم الكريم بعظيم الشكر والتقدير على تشريفكم وضيوفكم الكرام هذه المناسبة التي نسعد فيها بتقديم عرض مختصر عن جاهزية قوات أمن الحج، سائلاً الله سبحانه أن يكون فيما سيقدمه أبناؤكم ما يحوز على رضاكم». بدوره، تقدم قائد العرض العسكري، الملازم أول مظلي المهندس عبدالجواد بن محمد القحطاني، لاستئذان الأمير محمد بن نايف في بدء العرض العسكري للقوات المعنية بشؤون الحج والحجاج. وبعد انتهاء العرض العسكري، افتتح وزير الداخلية برنامج العيادات الطبية المتنقلة التابع للإدارة العامة للخدمات الطبية، الذي يتضمن وضع 10 عربات طبية متنقلة في المشاعر المقدسة لخدمة رجال الأمن المشاركين في الحج بالتنسيق مع الجهات المشاركة. حضر جولة الأمير محمد بن نايف وزير الشؤون البلدية والقروية الأمير منصور بن متعب بن عبدالعزيز، ورئيس الاستخبارات العامة الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز، ووكيل الحرس الوطني للقطاع الغربي الأمير الدكتور خالد بن فيصل بن تركي، وأمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز، وأمير منطقة المدينةالمنورة رئيس لجنة الحج في المنطقة الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز وأعضاء لجنتي الحج العليا والمركزية وقادة القطاعات الأمنية وكبار مسؤولي وزارة الداخلية.