استهدفت مقاتلات أمريكية وعربية، أمس الجمعة، لليوم الثالث على التوالي منشآت نفطية خاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في سوريا. في الوقت نفسه، أعلنت الدانمارك هي الأخرى انضمامها إلى الائتلاف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش» مع تأكيد رئيسة وزرائها، هيلي ثورننغ- شميت، نشر 7 طائرات إف-16 في العراق، مستبعدةً أن يشمل نطاق عملياتها سوريا. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن مقاتلات أمريكية وعربية شنت غارات جديدة مساء أمس الأول الخميس وأمس الجمعة على منشآت نفطية في محافظة دير الزور (شرق سوريا) قرب الحدود مع العراق. كما استهدفت غارات أمس مقراً لعمليات «داعش» في مدينة الميادين في المحافظة نفسها وموقع للتنظيم المتطرف في محافظة الحسكة، بحسب المرصد. وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تنفيذ ضربات في سوريا دمرت دبابات للمتطرفين في دير الزور وضربات في العراق في محافظة كركوك وإلى الغرب من بغداد. على صعيد آخر، أعلن مدير مكتب التحقيقات الفدرالية الأمريكي (إف بي آي)، جيمس كومي، أن الولاياتالمتحدة حددت هوية الملثم الذي ظهر في شريطي فيديو بثهما تنظيم «داعش» وهو يقطع رأس الرهينتين الأمريكيين جيمس فولي وستيفن سوتلوف. ورفض كومي الكشف عن اسم القاتل أو حتى إعطاء أي مؤشر عن هويته أو جنسيته. وكان الدليل السياحي الفرنسي، إيرفيه غوردال، هو آخر من أعدمته جماعة موالية للتنظيم المتطرف في الجزائر الأحد الماضي. وأثارت هذه الإعدامات اشمئزاز العالم ودفعت الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، إلى الاعلان في 10 سبتمبر الجاري عن استراتيجيته لتدمير «داعش» عن طريق ائتلاف دولي. أفاد شهود عيان بأن مقاتلي الدولة الإسلامية «داعش» شددوا حصارهم على مدينة كوباني الاستراتيجية على حدود سوريا مع تركيا أمس الجمعة وصدوا القوات الكردية وأطلقوا قذيفتين على الأقل على الأراضي التركية. في المقابل، شق مئات المتظاهرين غير المسلحين على الجانب التركي من الحدود طريقهم عبر سور من الأسلاك الشائكة تضامناً مع أكراد سوريا واندفعوا نحو كوباني في محاولة على ما يبدو للمساعدة في الدفاع عن المدينة. وبدأ «داعش» هجومه على كوباني منذ أكثر من أسبوع وحاصرها من 3 جهات ما دفع أكثر من 140 ألف كردي من المدينة والقرى المحيطة إلى عبور الحدود مع تركيا. وقال مصدر إن مقاتلي التنظيم المتشدد سيطروا فيما يبدو على تلٍّ كان مقاتلو وحدات حماية الشعب، وهي الجماعة المسلحة الكردية الرئيسة في شمال سوريا، يشنون منه هجمات على مقاتلي التنظيم خلال الأيام القليلة الماضية. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقره بريطانيا ويراقب الحرب، أن مقاتلي «داعش» سيطروا على قرية تبعد نحو 7 كيلومترات إلى الشرق من كوباني. إلى ذلك، ترددت أصوات المدفعية ونيران الأسلحة الآلية عبر الحدود السورية- التركية وسقطت قذيفتان على الأقل على الجانب التركي. وفيما لم ترد على الفور تقارير عن وقوع خسائر في الأرواح في تركيا، وصلت قوات الأمن لفحص الموقع. وقال المزارع حسين تركمان (60 عاماً) بينما كانت تتردد في الخلفية نيران الأسلحة الخفيفة في التلال السورية إلى الجنوب «نحن خائفون سنأخذ السيارة ونرحل». وكانت القوات الكردية أعلنت أمس الأول الخميس أنها صدت تقدم مقاتلي «داعش» صوب كوباني لكنهم طلبوا مساعدة الغارات التي تقودها الولاياتالمتحدة لتضرب دبابات المقاتلين وأسلحتهم الثقيلة. وأفاد نائب المسؤول عن الشؤون الخارجية في منطقة كوباني، إدريس ناسان، بأن الاشتباكات تتحرك بين شرقي وغربي وجنوبي المدينة وأن هناك نشاطاً على الجهات الثلاث. وأشار إلى أن مقاتلي «داعش» يحاولون جاهدين الوصول إلى كوباني وأن هناك مقاومة من وحدات حماية الشعب وسكان كوباني إضافةً إلى متطوعين من شمال كردستان. وتقع كوباني على طريق يربط شمال سوريا بالشمال الغربي، وحالت سيطرة الأكراد على المدينة دون تعزيز «داعش» مكاسبه. وقال ناسان متحدثاً عن مقاتلي التنظيم المتطرف «إذا دخلوا كوباني فسيجدون الكل مسلحاً، الكل مسلح ويقاوم حتى أنا نائب وزير خارجية منطقة كوباني ومع ذلك أنا رجل مسلح أيضاً ومستعد للدفاع عن كوباني». وأضاف «كل فتاة وكل شاب وكل رجل يمكنه القتال يحمل السلاح.. هم جميعاً مسلحون ومستعدون للدفاع والقتال». تجاوزت بريطانيا تحفظاتها وانضمت رسمياً إلى الحملة العسكرية الدولية ضد «داعش» في العراق. ووافق النواب البريطانيون، الذين عقدوا جلسة طارئة بعد ظهر أمس الجمعة، بغالبيةٍ كبيرة على مذكرة للحكومة تجيز توجيه ضربات جوية في العراق ضد التنظيم المتطرف. وكان رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، حث أمس البرلمان على الموافقة على مشاركة بريطانيا في الضربات الجوية ضد مقاتلي «داعش» في العراق. وبصدور موافقة البرلمان، تنخرط بريطانيا في أول حملة عسكرية منذ قيامها بتوجيه ضربات جوية ضد قوات الزعيم الليبي معمر القذافي عام 2011. واستدعى كاميرون أعضاء البرلمان من العطلة الصيفية في جلسة خاصة بعد أن طلبت الحكومة العراقية تدخل بريطانيا. وكان كاميرون حريصاً على حشد تأييد حزبي المحافظين والعمال للضربات قبل أن يقدم على دعوة البرلمان للتصويت. وقال كاميرون أمام البرلمان «هل هناك تهديد للشعب البريطاني؟ الجواب نعم»، مشيرا إلى اعتقاده بأنه يجب أن تستمر العملية «لسنوات» كي تؤتي ثمارها. وأضاف «ما يحدث ليس تهديداً في منطقة نائية من العالم، إذا بَقِيَ الوضع على ما هو عليه سنجد أنفسنا بمواجهة خلافة إرهابية على شواطئ البحر المتوسط وعلى الحدود مع دولة عضو في حلف شمال الأطلسي.. خلافة لديها نية معلنة ومثبتة للهجوم على بلادنا وشعبنا». وسارعت بريطانيا، وهي من أقرب حلفاء الولاياتالمتحدة، بالمشاركة في التدخل العسكري في أفغانستان ثم في العراق قبل أكثر من 10 سنوات، لكن رفض البرلمان العام الماضي شن ضربات ضد الحكومة السورية دفع كاميرون إلى التحرك بحذر هذه المرة. وقصرت بريطانيا – قبل موافقتها أمس- جهودها ضد «داعش» على تسليح القوات الكردية التي تحارب «داعش» ووعدت بتدريب الجنود في العراق. لكن قطع رأس موظف معونة بريطاني على يدي مقاتل من التنظيم المتطرف يتحدث بلكنة بريطانية سلط الضوء على الخطر الذي تمثله الجماعة على الأمن الداخلي، كما أن مصير بريطاني آخر محتجز هو ألن هنينج أثار أيضاً الرأي العام. في الوقت نفسه، أثار نهج كاميرون استياء بعض أعضاء البرلمان من حزب المحافظين الذين يعتقدون أن الضربات العسكرية في العراق ليست كافية وأنه يجب توسيعها إلى سوريا لكن رئيس الوزراء أبدى عدم استعداده للقيام بذلك في الوقت الحالي. وبرر كاميرون عدم اقتراحه توجيه ضربات في سوريا بإدراكه أن هناك مخاوف لدى حزب العمال المعارض في هذا الشأن. وستكون المشاركة البريطانية المقترحة محدودة مقارنة بحالات التدخل البريطاني السابقة. ومن المقرر مبدئياً أن تشارك في الضربات الجوية 6 طائرات فقط من المقاتلات والقاذفات من طراز تورنيدو متمركزة في القاعدة البريطانية في قبرص. ودفع هذا بعض الأعضاء المحافظين إلى اتهام كاميرون بأنه يقوم بعمل رمزي فقط. وتقول بريطانيا إن نحو 500 من مواطنيها سافروا للقتال في سورياوالعراق.