في ضوء الكشف عن سر الموت في نهايات الكروموسومات، فقد دفع هذا الأمر عالمتين أمريكيتين هما «كارول جرايدر واليزابيث بلاك بورن CAROL GREIDER & ELIZABETH BLACKBURN» للكشف عن ترياق ضد تآكل الخلايا هو خميرة أو إنزيم «التيلوميراز TELOMERASE». طرحت العالمتان السؤال مقلوباً مرتين!! أولاً طالما كانت الانقسامات معلقة بنهاياتها، كما في تفسير الكلمات وإعرابها، فماذا لو قمنا بتسكين الكلمة فنأمن من شر الإعراب وحركة الكلمات ودلالتها المزعجة والمحيرة أحياناً فذهب المثل «في خبر كان»؟! كما في نصف الآية «إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِباده الْعُلَماءُ» بأن نضع الضمة على كلمة الله؛ فيحصل للمعنى انقلاب مجنون جداً!! أو في لغة البيولوجيا بلجم دقات الساعة البيولوجية ومنبه الموت معها؟! هل هناك من لجام؟ هل توجد أي نوع من الفرامل؟ والسؤال الثاني: لاشك أن الجسم يحوي مثل هذه الفرامل بكيفية ما؟! وإلا كيف نفسر رجلاً شيخا فانيا يتزوج من شابة مفعمة بالحيوية؛ فينجب غلاماً زكياً!! لابد أن خلاياه المنوية فيها خاصية المقاومة للشيخوخة والموت؟! فجسم العجوز مهدم، ولكنه يحمل مستودعات لا تشيخ أبداً؟ بكلمة أخرى هل تحمل الحيوانات المنوية فرامل تآكل نهايات الحذاء الكروموسومي القاتل، الذي يفقد نعل حذائه فيمشي في شوك الحياة فيهلك؟! قالت كل من العالمة جرايدر وبلاك بورن: علينا إذا أن نبحث في قلب هذه الخلايا وما يشابهها، مثل خلايا أرومة إنتاج الدم في نقي العظام؟ أو حتى في خلايا الجنين، كانت الأجوبة على هذه الأسئلة الطريق لوضع أيديهما على هذه المادة السحرية التي أخذت اسم «التيلوميراز» على شكل أنزيم حيوي. كان هذا الكشف عام 1985م، وجاءت مفاجأة أخرى أدعى للإثارة في مسلسل البحث عن الموت المتربص في كل زاوية، في تناقض الحياة المروع عند «الجنين والسرطان» و«أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ»، الجنين سرطان رهيب مضبوط، والسرطان تمرد على قوانين التآكل والموت، في عشق للعودة إلى حياة الطفولة بلا موت. كل هذه كشفته الدراسات الخلوية الحديثة بمادة «التيلوميراز» المحشوة في دم الجنين «وخلايا السرطان» فكلاهما يستحم في ترياق الحياة الزكي، فعند دراسة خلايا الأجنة وجد أنها تتكاثر على نغم هذه المادة السحرية، التي تعمر الخلايا بزخم الحياة، وعند تأمل الأنسجة السرطانية فوجئ الباحثون بتدفق هذه المادة في مفاصل الخلايا السرطانية المتمردة، في جدلية فظيعة أمام مادة فيها كثير من الأسرار والتحدي. هنا بدأ العلماء يحومون حول هذه المادة الخطيرة يخطبون ودها لمعرفة كيفية تسخيرها. ولكن هل طول الحياة جميل؟ وهل الموت قنوط المقيم كما يرى الفيلسوف راسل؟! أم أن الفلسفة تعجز عن فتح كوة الأمل، ويتقدم الدين بترياقه المميز، حيث تقف خطى الفلسفة عاجزة؟ ويأتيها الدليل من عالم الشهادة على مراهناتها العديدة؟! من خلال الكمبيوتر وإحصاء الأعمال، والنسبية وتقريب معنى الخلود، والكوسمولوجيا والانفجار العظيم، عن معنى ولادة الزمن وبداية خلق الكون؟!