يتكون الإنسان من بلايين الخلايا. ولكل خلية نواة مملوءة ب 46كروموسوماً (نصفها مصدره من الأب والنصف الآخر مصدره من الأم). والكروموسوم الواحد عبارة عن خيط طويل أرق من خيط الملابس بملايين المرات ملتف من الحمض النووي (DNA) يحتوي على حبات مصفوفة على طوله تسمى مورثات أو جينات والتي تحمل وصفات (كمقادير إعداد الطعام) لتحضير جميع البروتينات بأنواعها والتي هي المواد الأساسية لبناء الخلية ولاستمرارها في العمل. وعندما تتعرض الجينات للخلل والتشوه فانه ينتج عن ذلك أمراض عديدة حسب نوع الجينات التي تعرضت لهذا التشوه. أما عن الأسباب التي تفسد صحة الجينات في الإنسان فهي إما أسباب وراثية نتجت عن توريث بعض الجينات غير السليمة من الأم أو الأب وإما بسبب تعرض الإنسان لعوامل خارجية مثل الإشعاعات والمواد المسرطنة. وفي موضوعنا هذا سوف نتعرف عن مدى تأثير التدخين على الجينات سواء كان بسبب تدخين الأم الحامل وانعكاس ذلك على صحة جينات الجنين أو بسبب التأثير السلبي المباشر لسموم التبغ على جينات المدخنين. لقد استنتج العلماء أن تدخين السجائر أثناء الحمل يتعلق بزيادة عدم ثبات الكروموسومات في خلايا الجنين. ومن تلك الكروموسومات مثلا الرابطة 2311المعروفة باشتراكها في سرطان الدم تظهر بسبب السموم الموجودة بالتبغ. أيضا بحث جديد في أحدث إصدارات جريدة الجمعية الطبية الأمريكية أقرت أن تدخين الأمهات يصاحبه أيضا زيادة في تشوهات كروموسومات الجنين وهناك باحثون أسبانيون عملوا فحصاً للجينات ل 800امرأة حامل وتم تحديد 25سيدة مثّل التدخين سببا لديهم في حدوث تغيرات طفرية على مستوى الجينات مقارنة بمجموعة 25امراة حاملاً لا تدخن ولا تتعرض للتدخين السلبي. أيضا تم استخلاص خلايا جنينية (تابعة للجنين) من السائل الأمنيوسي لدى السيدات المدخنات الحوامل وأظهرت النتائج أن هناك زيادة 3.5مرة تقريبا في حدوث تشوهات تركيبية كروموسومية "حذف وتبديل" في خلايا الأجنة للأمهات المدخنات مقارنة بأجنة غير المدخنات "الحذف والتبديل يمثلان الجزء الأكبر من هذا التغيير وكان التغير واضحا في الكروموسومات ذات الرابطة 2311وقد تم ربط هذه الظاهرة وحدوث سرطان الدم في الأطفال: "ليوكيميا". إن التأثير الطفري لتدخين الأمهات على خلايا الأجنة هو موضوع صحي عام يعطي تأثيرات فورية وبعيدة المدى على الجنين. أما بالنسبة لتأثير التدخين المباشر على الجينات لدى الأشخاص المدخنين فممكن تلخيصه من خلال نتائج الدراسات التالية: 1- في دراسة للعالمين سانشيز وسيسيبس "2001" ذكرا أن بياناتهما توضح عيوب الكروموسومات كان منتشرا في سرطانات الرئة في المدخنين بينما لم يكن ذلك منتشرا في المرضى غير المدخنين المصابين بهذه الأورام. 2- أعلن فريق من العلماء بجامعة بوسطن الأمريكية عن اكتشافهم أن التدخين يحدث تغيرات جينية في خلايا الرئة. وتوصل العلماء إلى أن المدخنين لديهم أنماط جينية في خلايا الرئة تختلف عن نظيراتها لدى غير المدخنين أو من أقلعوا عن هذه العادة. ووجد العلماء أن الجينات التي يعتقد أنها تساعد على الإصابة بالسرطان بدأت تعمل لدى المدخنين بينما توقفت عن العمل خلايا أخرى مسؤولة عن الوقاية من السرطان. هذه النتائج تدعم فكرة أن سرطانات الرئة في المدخنين تنشأ نتيجة تغييرات جينية تسببها سموم التبغ على تركيب أو وظيفة هذه الجينات. 3- في دراسة أخرى وجد العلماء ان التعرض لدخان السجائر يبطئ انتاج بروتين اسمه FANCD2 في الخلايا الرئوية. ويلعب هذا البروتين دوراً رئيسياً في إصلاح التلف الذي يصيب الحمض النووي "دي إن إيه" ويجعل الخلايا التي فيها خلل تقوم بتدمير نفسها بنفسها قبل أن تتحول إلى خلايا سرطانية. إلى ذلك قال مدير معلومات السرطان في مركز أبحاث السرطان في بريطانيا الدكتور لزلي وولكر "إن هذه الدراسة العلمية المثيرة تزيد فهمنا وتوضح لماذا التدخين قاتل بهذا الشكل". 4- ومن بين الجينات التي قد تتأثر بالتدخين جين يطلق عليه "سي إيه بي واي آر" وله دور في مساعدة المني على الحركة ومعروف أن حركة النطاف المنوية لدى الرجل أمر مهم في عملية الإخصاب. @ برنامج مكافحة التدخين وزارة الصحة